((فياض وفتح..صفقة فيها ورطة وانتحار سياسي))
(4-4)
كتبه:سري سمور-جنين-فلسطين
))هل فياض هو السبب الآن ..!)) نسمع الحملة الكبيرة على رئيس الحكومة سلام فياض وأنهالخائن والعميل والدايتوني وغيرها من الأمور لست مدافعا عن أحد ولكن علينا أن نقولالحقيقة " فسلام فياض" ورغم أنه وكما يقال (رجل أمريكا ) إلا أنه لم يخترع التنسيقالأمني والتنسيق الأمني سبق معرفتنا بسلام فياض ربما بعشر سنوات فالتنسيق الأمني منأهم بنود إتفاق أوسلو وقد حفظناه عن ظهر قلب مع أول يوم دخلنا الوطن ورأينا كيفيركب الفدائي أو الجندي الوطني مع الجندي الإسرائيلي في سيارة واحدة (الإرتباط)ورأينا الإجتماعات التي كان يعقدها مسؤولي الأجهزة الأمنية مع الجانب الإسرائيليوكيف كان يتم اعتقال كل من يعبث بالأمن حسب نظر الإتفاق وهذا يعني أن لا فياض ولاحكومة فياض هي من أسس لهذا الأمر نعم اليوم هناك حكومة يرأسها سلام فياض وهو يقومبتنفيذ كل التزامات السلطة بكل حرفية ومهنية عالية " ولكن هل سلام فياض جاء مع قسمالولاء بأن يكون ثائراً مناضلاً مقاتلاً حتى تحرير فلسطين .! يجب أن نتذكر أن فياضلم يكن يوماً فدائيا ولا مناضلاً يجوب جبال وسهول الوطن… "
وفي موقع آخر من المقال يقول ارشيد:-
"وعلينا أن نتذكر جيدا ً أن جميع مسؤولي الأجهزة الأمنية كانوا من فتح وكان الأمنالوقائي هو الجهاز الأكثر وجوداً ونفوذا ً وتنفيذاً تم إعتقال مقاتلي وقادة حماسوالجهاد إثر (عمليات في قلب الكيان ) تفجير حافلات ومقاهي ومطاعم قدمت السلطة حينهاأكبر عملية ضبط للوضع الأمني منعاً لقيام أي عمل ضد اسرائيل"
هذه شهادة من ضابط فتحاوي عمل في السلطة في أريحا وبيت لحم وغيرها،واختار الإقامة في الأردن منذ سنوات،وهو كاتب متابع لكل ما يجري..,ووجب عليَّ الإجابة عن السؤال:ما ذنب فياض،ما دام أوسلو هكذا؟
قلت وسأظل أقول بأن أوسلو إحدى النكبات والمصائب التي حلت بشعبنا وأضرت بقضيتنا ،وأنا لم أقل بأن لا لوم على فتح فيما جرى ويجري ،ولكن هناك ملاحظات عدة عن الاختلاف بين مرحلة فياض وما سبقها في مسألة التنسيق الأمني والحرب على المقاومة ،ألخصها بالتالي:-
1)حركة فتح واسعة ومتشعبة،ووجد بها من رفض قلبا وقالبا موضوع التنسيق الأمني،ولو من باب أن هذا يضر بشعبية الحركة،فياض لا يهمه ذلك،وهو يحكم رغم أن قائمته حصلت على مقعدين في المجلس التشريعي وحتى زميلته حنان عشراوي ابتعدت عنه،ولعل هذا ما جعل الأمريكان والإسرائيليين وحكومات الظل وكهنة السياسة يتخذون قرارا بترك الاعتماد على فتح لكثرة محاورها وتشعباتها،والاستعانة برأس المال بشقيه المتنافرين أحيانا والمتمثلين بالبنك الدولي ويمثله سلام فياض،والاحتكارات ورجال الأعمال ويمثله منيب المصري.
2)كان عرفات يعتبر جميع الضحايا في أي اشتباك شهداء للشعب الفلسطيني،وكان حريصا على إطفاء الحرائق،واحتواء المشاكل،ولم يكن يسعى لاستئصال حماس والجهاد الإسلامي البتة،صحيح أنه شق الجهاد الإسلامي،وحاول اللعب على وتر الداخل والخارج في موضوع حماس،لكن فكرة الاستئصال لم تكن في نهجه،هو سعى للإضعاف والاحتواء،وحتى جبريل الرجوب الذي وجه ضربات موجعة لكتائب القسام ،كان يسعى لدفع حماس لوقف العمل المسلح،أما نشاطها السياسي والإعلامي والاجتماعي فكان لا يهمه إلا للضغط والمساومة على مسألة العمل العسكري،ولا بد من التأكيد من وجود تيار استئصالي منذ تأسيس حماس وقوي بعد أوسلو،ولكن عرفات كان اللاعب الأكبر وصاحب الكلمة النهائية.
3) حرصت السلطة عموما على إظهار حسن معاملتها للمعتقلين من حماس،خاصة من لهم رمزية خاصة؛فمثلا الشهيد محمود أبو هنود حاكموه عسكريا،لكنهم لم يهينوا كرامته ،وقدموا له حياة اعتقالية مقبولة.
4)كان هناك نشاط وحيوية لأعضاء التشريعي الأول بمن فيهم بعض نواب فتح ،وكانوا يدخلون السجون ،ويتحدثون بنقد لاذع لوسائل الإعلام،وكان لهم نوع من الهيبة،بل إن بعضا منهم اعتصموا أمام منزل عائلة «عوض الله» والتي كان منها قياديان من القسام(عماد وعادل) ففرضت قوى أمن السلطة حصارا ومضايقات حول منزلهما في رام الله،وحدثت مشادة تطورت وتعرض أعضاء التشريعي،بمن فيهم من هو من كتلة فتح للضرب،مما ساهم بتخفيف معاناة هذه العائلة المجاهدة،أما الآن فإن أعضاء كتلة الإصلاح والتغيير إما في سجون الاحتلال،ومن هو خارجها غير آمن على نفسه ولا على أسرته،ولا على من يعمل معه،أما أعضاء كتلة فتح فبعضهم أشد في قسوته من الأجهزة الأمنية،ومن لا يعجبه الوضع يكتشف أن الأبواب أمامه موصدة تماما!
5)كان هناك معالجات ولو محدودة للأخطاء التي ترتكبها أجهزة الأمن ،لمنع تكرارها،خاصة إذا تحولت لمسألة رأي عام؛فقد اقتحمت أجهزة أمن السلطة حرم جامعة النجاح الوطنية في يوم الأرض 30/3/1996م وضربت العديد من الطلبة ،وعاثت فسادا،وتسببت بإجهاض إحدى الحوامل ،فحضر عرفات في اليوم التالي إلى حرم الجامعة وقال كلمته المشهورة:«سامحونا…» وكان هناك وعود بألا يتكرر هذا الأمر،ولكن للأسف هذه المعالجة لم تحصل وفي نفس الحرم الجامعي في تموز/يوليو 2007 حين أطلقت النار على الطالب في كلية الشريعة «محمد ردّاد» وقضى على أثرها متأثرا بجروح خطرة أصيب بها،وحتى الآن القضية ضد مجهول؛وأيضا حين نقل «محمود جميّل» ،وهو ناشط في مجموعة الفهد الأسود،أحد أذرع فتح المسلحة في الانتفاضة الأولى،من سجن أريحا إلى سجن جنيد في نابلس،وهناك تعرض للتعذيب حتى الموت بطريقة بشعة(في صيف عام 1996)،فسارع عرفات لمعالجة الموضوع،وقدم عناصر من الشرطة البحرية ممن تورطوا في هذه القضية لمحكمة عسكرية حكمت عليهم بالسجن من 10-15 عاما مع فصل من الخدمة،ونوقش الموضوع علنا في المجلس التشريعي،وتحولت جنازة تشييع جميّل إلى هتافات حادة وصاخبة ضد جهاز الشرطة البحرية«عالمكشوف وعالمكشوف بحرية ما بدنا نشوف» عرفات لم يسحب عناصر الجهاز من نابلس ولكن الجهاز منع نهائيا من الاحتكاك بالمواطنين أو التحقيق مع أي كان،صحيح أن هذه المعالجة لم تقنع الناس،لأن التصور العام أن القضية خلفها رؤوس كبيرة ومتنفذة،ولكن العقاب للمتورطين مباشرة ،يواسي نوعا ما!
6) كان هناك في فتح أقطاب ومحاور على خلاف مع أجهزة الأمن؛فمروان البرغوثي وعلى إثر مقتل أحد أشبال شبيبة فتح(وسيم الطريفي) برصاص أفراد الاستخبارات العسكرية في مدينة رام الله لم يتردد أن يصف موسى عرفات قائد هذا الجهاز آنذاك بـ«الحقير»،كما تعرض ياسر أبو بكر،وهو قيادي في الشبيبة الفتحاوية ،وكان مناكفا بحدة لحركة حماس،وهو حاليا معتقل ومحكوم عدة مؤبدات في سجون الاحتلال،للضرب المبرح من قبل عناصر تابعين لأحد فروع الشرطة التي كان يقودها كاسترو سلامة في مدينة نابلس،ولم يسلم الأخير من بيانات شبيبة فتح اتهمته بأفظع التهم…إلى غير ذلك من أحداث…وطبعا أنا هنا أدرك بأن الوضع الحالي مختلف حيث أن السلطة وفتح يرون أن حماس حركة تسعى للانقلاب عليهم،وأن الوضع كان متشابكا للغاية،وكانت حماس لا تسيطر على شيء،وأن الانقسام والخوف من تكرار ما جرى في غزة يضع كل المؤسسات المدنية والشخصيات الاعتبارية التي يمكن أن تحاول الاعتراض في الزاوية؛نعم وأنا أعلم مدى حالة الحقد والخوف في صفوف فتح والتي استغلها فياض ووظفها،لكي يشفي عناصر فتح غليلهم من حماس،وأيضا لكي يثبت وضعه فيما هم عنه غافلون؛ولكن الأمر ليس بهذا التسطيح،ففتح الضفة لطالما حرضوا على كل من في غزة سواء أكان من فتح وقياداتها أم من حماس،وهم ليسوا هائمين بحب غزة وفتحاويها،ولكن المال السياسي حرّكهم وخرج المشهد بأنه انتقام،ثم إن الأرضية كانت قد تهيأت قبل الانقسام،وتحديدا منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية،حيث ظهر لون واحد مسيطر على فتح،ومنع من سواه إبداء أي رأي مخالف،وعودة لأرشيف الأخبار والتصريحات تثبت هذا بما لا يدع مجالا للشك.
7) عقلية وعقيدة أجهزة الأمن تغيرت كثيرا عن السابق،فقد كانوا يعتبرون أن المناطق المصنفة(أ) هي مناطق سيادة فلسطينية ولم يترددوا في إطلاق النار على جيش الاحتلال على تخومها،خاصة إبان انتفاضة النفق عام 96.
أما اليوم فإن المستوطنين وجيش الاحتلال يعيثون فسادا،ولا تجد أي طلقة تطلق من أجهزة الأمن نحوهم ولا حتى في الهواء،بل تتحدث مصادر إعلامية عن تدخل إسرائيلي قبل تفريغ العناصر.
ثم إن عرفات كان يعتبر مشروع أوسلو وما يتبعه من ملاحقة لمقاومي حماس والجهاد الإسلامي خطوة على طريق «تحقيق الحلم» الفلسطيني،أما اليوم فإن كل الضفة الغربية مستباحة للاحتلال،وما يجري فقط من أجل البقاء السياسي وتوفير الرواتب!
هذه ملامح الاختلاف البيّن بين مرحلة التنسيق الأمني قبل فياض وبعده،مع أنني لا أقلل من الخطايا التي ارتكبت في الحقبة السابقة،وكما قلت مرارا فإن أوسلو نفسه خطيئة كبرى!
صفقة ظاهرها المغنم وباطنها التورط
بالتأكيد أدرك فياض أن ما يهم فتح هو المال والامتيازات ،بعد أن باءت محاولاتها إعادة عقارب الزمان للوراء بالفشل الذريع،ويبدو بأن فياض شعر بأنه لا يمكن أن يستعدي حماس وجهات قوية من فتح في آن معا،وأنه لا بد أن يؤجل الخطط الرامية للإسراع بالإجهاز على فتح لمرحلة لاحقة،لأن الأمور لم تنضج بما فيه الكفاية،ولا بد من صفقة ترى فتح أنها بها رابحة،ولكن حقيقتها التورط.
وزراء لفتح في الحكومة،وإضافة لامتيازات هؤلاء،لا بد أن الصفقة شملت بعض الترقيات الوظيفية المدنية والعسكرية،كما أن هناك سيارات جديدة يمكن أن توزع على الغاضبين والراضين من كوادر فتح،وقد وُزّع بعضها خلال السنتين الماضيتين،وهناك سفريات إلى الخارج،ودورات تدريبية ممولة من أوروبا و«الذي منو»!
أما بخصوص بسام زكارنة فهو مهووس بالظهور على وسائل الإعلام وبات يتحدث فقط ليقول:أنا موجود،وسيجد مواقع إلكترونية تنشر أقواله إضافة إلى الصحف وربما التلفزيون ،وهو بدرجة مدير عام،ولو كان ترقى بشكل طبيعي لما وصل إليها وهو بهذا السن،ولا أظن قدراته خارقة ،إنما هي العلاقة التي أشرت لها في الجزء الأول من المقال…الآن فياض يضمن سكوت زكارنة ومن يقف خلفه،لذا سيكتفي زكارنة بالدعوة إلى تطبيق كذا والحرص على كذا وكذا،وكذلك سيطل على وسائل الإعلام شهريا ليتحدث عن أن موعد دفع الرواتب هو التاريخ(…)،رغم أن لا أحد ينتظر منه ذلك،وبالتأكيد سيهاجم حماس لأنها قامت بكذا وكذا في غزة…!
أما جميل شحادة ،ولأنه عضو مجلس ثوري أقوى من زكارنة فإن فياض يرى بأن الرجل لن يستقبل من سني عمره مثلما استدبر منها،وأنه لا بد من الصبر عليه قليلا،وربما إرضاؤه بما تيسر،والأخير سيصمت ،اللهم إلا من المطالبة بتطبيق القانون الفلاني،وضرورة تجنب البند العلاني،وأيضا سيهاجم «حكومة الانقلاب» لأنها تضر بمصلحة التعليم في قطاع غزة!
وفي الحديث عن زكارنة وشحادة فإن «حافظ البرغوثي» وهو يعرف من أين تؤكل الكتف،ويحسن نقل قلمه من ولاء لآخر لأن الدولارات «بدها خفية» قد كتب في 1/5/2009م أي قبل تشكيل حكومة فياض الجديدة مقالا في عموده اليومي (حياتنا) في صحيفة الحياة الجديدة التي يرأس تحريرها تحت عنوان«انفلونزا التوزير» قال فيه بالحرف الواحد:«وحتى الآن لا أعرف من المسؤول عن انتشار وباء انفلونزا التوزير، وهناكشكوك في أنها انطلقت من مقهى رام الله مركز العمليات الاضرابية لبسام زكارنة وجميلشحادة، حيث يعدان جدول اضرابات للحكومة المقبلة….» لا داعي للتفكير المطوّل ،فحافظ الذي يعرف مع من تميل الكفة،رأى تحذير فياض بهذه الطريقة الساخرة!
ولا يتوقعنّ أحد أن فياض سيسمح برهن مستقبله السياسي،وسير عمل حكومته المرسوم على أعلى مستوى بجلسة شرب «نفس معسل أرجيلة » في مقهى رام الله،ولن يسمح محمد اشتية الوزير المسئول عن زكارنة للأخير بالتمادي!
وحين يقرر فياض التصرف مع هذه النقابات لن يمنعه أحد ،لأن الناس عبيد مصالحها،وفق الثقافة التي عمل تيار واسع من فتح على تعميمها،وهي ستفتك بأصحابها قبل غيرهم،وبالمناسبة فإن زكارنة وشحادة لم يتدخلا للتصدي لإجراءات فصل الموظفين والمعلمين ،وأغلبهم عينوا في عهد الحكومتين العاشرة والحادية عشرة،ولكن هناك أيضا من عينوا في عهد حكومة فياض وفصلوا لاحقا،للاشتباه بأنهم يتعاطفون مع حماس،والهيئة المستقلة لحقوق المواطن تحدثت عن هذا الأمر وانتقدته،فما دور كل من بسام زكارنة وجميل شحادة؟لا شيء سوى الإضرابات المسيسة،والاستمرار بالظهور بمناسبة وبغير مناسبة…فلو وجه فياض ضربة مدعمة بقانون يفصّله كما يشاء لهؤلاء فلن يجدوا من يصرخ من أجلهم إلا عزام الأحمد،وأظن أن فياض قد اعتاد على سماع صراخه،ولم يعد يهمه أمره!
ما جرى في قلقيلية،والصفقة التي أتحدث عنها بين فتح أو من كان غاضبا منها وبين فياض،جرّ عداوة من كانت فتح تراهن على استمالتهم طوال الوقت،وأقصد حركة الجهاد الإسلامي؛فالجهاد ظل طوال الوقت يحاول إمساك العصا من منتصفها،بل إن بعض الإشكاليات مع حماس في غزة قد جعلت موقفه أحيانا مختلفا جدا،ولكن بعد أحداث قلقيلية كان موقف الحركة واضحا في الإدانة لأجهزة السلطة الأمنية،لأن حركة الجهاد تخشى على عناصرها من مصير مشابه،لا سيما وأن لها سوابق مع أجهزة الأمن (أيمن الرزاينة وعمار الأعرج) ولم تعد ترى في الأمر نزاعا على السلطة.
كما لوحظ أن الجناح العسكري لحماس في غزة كان صاحب التصريحات والقرارات ،أي أن حماس لم تعد تتحدث عبر السياسيين بل عبر العسكريين،وهذا كان أمرا محدودا في السابق…فأحداث قلقيلية قادت لأعداء جدد،ولأسلوب جديد في الخطاب،فهل تدرك فتح أنها دخلت في صفقة باطنها ورطة بل ورطات كان يمكنها تجنبها؟!
لماذا اختار الاحتلال رفع حاجزين بشكل نهائي عن مدخلين لمدينة قلقيلية،والسماح للفلسطينيين من الداخل بالدخول بسياراتهم ،بعد الحادثين المأساويين في المدينة؟أي رسالة يوجهها؟وما الذي يقصده؟هذه أسئلة ليست مني فقط،بل لربما تدور في رأس كل فلسطيني.
أما الموقف الإسرائيلي الرسمي والصحفي فقد كان مثيرا للغاية،فمن مدح وثناء،إلى القول بأن هذا لا يكفي ،إلى رسم سيناريوهات المرحلة المقبلة…!
كل هذا في الوقت الذي انفلت فيه المستوطنون في شوارع الضفة الغربية،وعربدوا واعتدوا على المواطنين،وفي الوقت الذي ازدادت فيه ظاهرة إرسال الخنازير البرية من قبل جيش الاحتلال ومستوطنيه لتعيث فسادا وخرابا
في مزروعات وممتلكات المواطنين في العديد من المناطق ،وصادرت المادة السامة التي يمكنها قتل هذه الخنازير،وطبعا يحظر على أجهزة الأمن قتلها،إلا بتنسيق لن يتم إلا ذرا للرماد في العيون في منطقة دون أخرى!
هذا مع كثرة الحديث عن «الفلسطيني الجديد» في الإعلام الصهيوني ،فهل كانوا يريدون إجراء «تجربة» لهذا الفلسطيني؟وهل أصبحنا نسمع عن هذه العمليات قبل وقوعها من وسائل إعلام العدو،فها هي يديعوت أحرونوت تخبرنا نقلا عن لسان من وصفته بمسئول ومصدر أمني فلسطيني بأن الحملة القادمة في مدينة الخليل ومدينة طولكرم.
هذا يذكرنا بما تقوم به قوات تابعة لحكومات تحت الاحتلال من حملات على مناطق معينة لملاحقة «الإرهابيين» ولنا في أفغانستان والعراق خير دليل،ولكن يا عقلاء تذكروا بأن الاحتلال الصهيوني ليس كمثله احتلال في أرجاء الأرض لأنه استيطاني اقتلاعي،وهدفه استئصال الفلسطيني «الجديد والقديم» من الأرض!
هل ترى فتح أين وصلت الأمور ،بعيدا عن الفوبيا من حماس؟أم أن هذه الفوبيا تعطل كل تفكير؟وهنا أود أن أشير بنقاط محددة لوضع حماس في الضفة الغربية:-
1)حماس في الضفة الغربية ضربها الاحتلال ضربات مؤلمة جدا باغتيال العديد من رموزها وقادتها واعتقال البعض الآخر لمدد طويلة مثل الشهداء:جمال منصور وجمال سليم،والأسرى جمال أبو الهيجا وعباس السيد والقائمة طويلة جدا.
2) نواب حماس ووزراء الحكومة العاشرة والحادية عشرة في الضفة معظمهم رهن الاعتقال في سجون العدو ،وإذا أفرج عن نائب اعتقلوا مكانه آخر ،وتعرض رؤساء وأعضاء البلديات التي فازت بها حماس للاعتقال مرارا،بما في ذلك رئيس بلدية قلقيلية ،الذي ما كان يخرج من الاعتقال حتى يعود إليه مجددا.
3) الناطقون والقادة والمرجعيات يقبعون في سجون الاحتلال،وما إن يظهر أحد حتى يعتقل؛فمثلا وبعد أحداث غزة مباشرة اعتقل صالح العاروري،ثم وبعد شهور لحقه حسين أبو كويك وفرج رمانة،وحين ظهر رأفت ناصيف مؤخرا انضم إلى رفاقه،وهذا أمر لا يخفى على أحد.
4) الجناح العسكري لحماس تلقى ضربات موجعة وقاسية من الاحتلال،سواء بالاغتيالات والاعتقالات،أم بسبب الظرف الموضوعي من الحصار ومراقبة كل المواد الخام في الضفة،ويمكن القول انه ومنذ عام 2005 لم يتبق من الجناح العسكري لحماس إلا بقايا لخلايا ،وبعضا من المطلوبين الذين ينتظرون مصيرهم.
5) الحملات التي شنتها أجهزة السلطة ضد حماس تارة بهدف الانتقام،وأخرى بحجة منع تكرار ما جرى في غزة،واعتبارات أخرى كثيرة شتتت الحركة وأضعفتها من الناحية المادية(المال والسلاح والمؤسسات وغيرها).
وعطفا على النقاط الخمس السابقة فإنني أنصح بقراءة مقال الكاتب والصحفي الأردني «عريب الرنتاوي» الذي نشر أمس بعنوان:«فزاعة الانقلاب الحمساوي في الضفة» فهو يثري الفكرة.
ويجب أن نتذكر أن الضفة الغربية محتلة محتلة محتلة ثم محتلة من جيش العدو ومستوطناته،وتحريرها يتطلب جهد الجميع،وأقول وبكل صراحة بأن الاحتلال قد يقدم بعض ما يسميه تسهيلات كرفع بعض الحواجز أو تشغيل أخرى على مدار الساعة وزيادة عدد العمال في الداخل وأمور أخرى،ولكنه سيرسخ احتلاله،وسيزيد من الشرخ الاجتماعي،وهو شرخ عززته أحداث قلقيلية،وقد يتنامى إذا انتقل إلى مناطق أخرى بسبب التركيبة العشائرية والعائلية للعديد من المناطق،وأكثر ما قد يقدمه الاحتلال هو تقليص اجتياحاته والتقليل من تواجده،مع إمكانية العودة لنفس الوتيرة في أية لحظة،والحجة الأمنية،وقصة الإنذارات الساخنة لم ننسها!
أليس منكم رجل رشيد؟وهل الدولة التي باتت حلما ثمنها أن نكره بعضنا،وأن يتربص كل منا بالآخر؟لا نريد هذه الدولة إذا كانت ستحول بعضنا إلى قاتل والآخر إلى قتيل،أو إلى سجان وسجين،أو إلى حاكم ومتهم…بكل صدق لا نريد دولة كهذه،ثمنها كنزنا في هذه الحياة.
أعلم أن هذا الكلام حاليا بات في نظر البعض حلما من الماضي،ولكن لا مناص لنا،والأهم هو تغير الثقافة السائدة التي سأسلط الضوء عليها.
ثقافة فتح الجديدة…انتحار سياسي
كل حديث فتح يقتصر على كلمات محددة وشعارات تتردد كل حين وآن مثل:«الشرعية»،«المشروع الوطني» ،«حماية المكتسبات الوطنية»،«الإصرار على إقامة الدولة»…إلخ
طبعا هناك شعارات ومفاهيم يجب على فتح توضيح ماهيتها،والأهم ما هي الوسائل والآليات لتطبيق هذه المفاهيم التي تعتبرها فتح،على الأقل إعلاميا،كأهداف معلنة.
فمثلا إذا كانت فتح ترى أنها حامية المشروع الوطني،والذي يعني وفق ما يصدر عنها دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها شرقي القدس،فما هو السبيل لذلك في ظل تغوّل المشروع الصهيوني؟المفاوضات،وعرض مسألة تبادل المستوطنات مع أراض أخرى مثلا؟ولم تتنازل إسرائيل لمن ليس بيده أي ورقة ضغط؟أم أن هذا المشروع لم يعد قائما وحل محله مشروع آخر،أنا لا أتجنى،فصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت أواخر أيار/مايو المنصرم ما يلي:-
«وقال بسام ولويل، الناشط السياسي الذي تحول إلى رجل أعمال ويضطلع بدور واضح في محاولة إعادة تشكيل الحركة: اعتادت فتح العمل كحركة تركز على النضال المسلح، لكننا نرغب الآن في التحول إلى حركة اقتصادية واجتماعية ذات سجل جيد في الحكم ينهي الفساد ويعزز الديمقراطية. نحن ملتزمون بالسلام مع إسرائيل»
هل هذه هي الثقافة الجديدة؟هذا انتحار سياسي،طبعا قد يخرج علينا من يقول بأن هذا الرجل ليس من يقرر،حسنا،لم لم يخرج بيان يضع حدا لكلامه بالنفي؟وحتى لو خرج،فإن التجارب أمامنا واضحة،ثم إن الرجل عبر عن واقع معاش…للأسف هذا ما هو حاصل.
إن حركة فتح قد تحولت بجزء كبير من كينونتها ومن عناصرها وكوادرها إلى كيان لا يرى له حياة دون السلطة،علما بأنها حين شكلت السلطة ظلت تقول بأنها مشروع يحتمل النجاح بالتحول إلى دولة ،أو الفشل.
النتيجة أن السلطة أصبحت أداة ضامنة للاحتلال ،ولا يبدو أبدا أنها ستصبح دولة،رغم كلام أوباما ورغم وجود ميتشل،وجرّت معها تنظيم فتح ،والذي يملك من هو ليس منه مثل ياسر عبد ربه وسلام فياض نفوذا فيه أكثر من قادته التاريخيين مثل فاروق القدومي…أكرر هل من حكماء ينقذون فتح مما هي ذاهبة إليه،أنا أرى أنه بالإمكان انتشال الحركة التي قدمت الشهداء والمناضلين مما وصلت إليه،ومع يقيني أن هذا سيكون متعذرا إذا استمر الانزلاق القائم.
نسأل الله السلامة لشعبنا من الفتنة،وأن يظل الخلاص من الاحتلال في ذهن كل فصائلنا.
والله الموفق….وحسبنا الله ونعم الوكيل
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سري عبد الفتاح سمور(أبو نصر الدين)
قرية أم الشوف المدمرة قضاء مدينة حيفا المحتلة
حاليا:جنين-فلسطين المحتلة
الجمعة 18 جمادى الآخرة/1430هـ،12/6/2009م
بريد إلكتروني:-
sari_sammour@yahoo.com
s_sammour@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق