الثلاثاء، 23 يونيو 2009

مرة أخرى .. قسماً لن تفلحوا....( اعتقالالكاتب سري سمور ) ....بقلم: د.ابراهيم حمامي

ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد باتت عصابات أوسلو في الضفة الغربية في حالة هستيرية غير مسبوقة، تخاف من الإمام والأستاذ والطالب والسيدة والطفل والجماد، تخاف من الشجر والحجر، تخاف حتى من ظلها، كيف لا وهي من أمعنت في الاجرام والقتل والاختطاف، حتى أصبحت الكلمة عندهم أشد وقعاً من الحسام المهند.

اليوم وصلني وبشكل خاص خبر مؤسف يفيد باختطاف الكاتب الفلسطيني سري سمور من قبل جهاز الاستخبارات الفلسطينية – نقول الفلسطينية مجازاً – على خلفية كتاباته وآرائه والتي كان آخرها دراسة شاملة بعنوان " قلقيلية أخمدت قلاقل فتح" وهي الدراسة التي جاءت علمية تحليلية بعيدة عن أي تهجم أو انحياز لطرف دون آخر، لكنها على ما يبدو استفزت من "على رأسه بطحة"، فقرر التعامل مع السيد سري سمور بالأسلوب والطريقة الوحيدة التي يجيدها هؤلاء، الاختطاف والقمع والترهيب، وربما توجيه اتهامات جنائية كما فعلوا مع البروفيسور قاسم قبل أسابيع.

لقد تجاوز مجرمو رام الله كل الحدود، ولم يعد يردعهم أخلاق أو ضمير أو خطوط حمراء ولا صفراء، المساجد تدنس حرماتها، السيدات يعتقلن للضغط على أقاربهن، الحرم الجامعي يقتحم ويقتل فيه الطلبة بدم بارد، أعضاء التشريعي تُخرق حصانتهم ويوقفون وتنتهك مكاتبهم، أعضاء المجالس البلدية المنتخبون يختطفون، أساتذة الجامعات يفرّغ لهم جهلة للتعامل معهم، الصحفيون يهانون ويعتدى عليهم، وغيرها من الجرائم التي يندي لها الجبين.

سري سمور لم يتجاوز الحدود المرسومة من قبل مجرمي وعصابات وميليشيات رام الله، يكتب وينشر في اطار المسموح به، يتحسس مواضع قلمه، هذه هي الحقيقية لأغلب من يعيشون في ظل ديمقراطية عبّاس – فياض ونعيمها، ومع ذلك لم يسلم من الاختطاف لأنه تجرأ وحلل وبحث واستنتج، أي أنه استخدم عقله الذي أنعم الله به عليه ، وهو ما كان كافياً لاختطافه لمن ألغى عقله واحساسه وضميره وآدميته، والذي تحول إلى مخلوق تابع مأمور خانع خاضع اسمه "الفلسطيني الجديد"، أي الفلسطيني "القذر" العميل للمحتل، الضارب بيده، الناطق باسمه، المحتمي به، المستقوي بجيشه.

ما يحز في النفس هو الاستمرار في أكذوبة الحوار الفاشل حتى وان تم التوقيع على اتفاقية أو اتفاقيات في القاهرة أو غيرها، لا مصداقية لمن يعلن اطلاق سراح المعتقلين سياسياً بينما في الواقع يعتقل العشرات، لا أمان لمن يجلس ويحاور في القاهرة ليعود إلى الضفة لممارسة جرائمه، لا سلطة ولا نفود لمن يكذب كما يتنفس، ونقولها آسفين أن الاستمرار في هذا الحوار العقيم هو ما يعطي المظلة المطلوبة لهؤلاء للاستمرار بل والتمادي في جرائمهم وفظائعهم.

سري سمور هو مثال ونموذج لرفض الآخر، ولسياسات الترهيب والتعذيب والتنكيل، سري لا بواكي له في الضفة الغربية، لا ندري إلى أين سيقوده اجرام عصابات القتل في الضفة، وبالتأكيد لن نسمع مؤسسة حقوقية أو صحفية أو نقابية هناك تتحدث عنه وعن حريته، لأن هذه المؤسسات وبكل أسف هي الديكور وشاهد الزور على الجرائم القذرة التي ترتكب هناك.

في 27/04/2005 كتبت تحت عنوان "قسماً لن تفلحوا" وحول محاولات تكميم الأفواه، وكان فيما كتبت ما يلي: " لم يساورني شك ولو للحظة أن ما جرى كان سيجري، فالمتتبع لمسيرة أوسلو ورموزها يعلم علم اليقين أن هذا ما يجيدونه ولا شيء غيره، لأنه ولهذا السبب تحديداً خُلِّقت سلطة أوسلو، ولهذا الغرض سُمح لرموزها دخول فلسطين ليعيثوا فساداً وإفساداً، وليمارسوا دورهم المنوط بهم من حراسة وتشريع للإحتلال تحت شعار الوطنية، ليتطور لاحقاً فتصبح اللاوطنية "مصلحة عليا للشعب الفلسطيني" دون خجل أو حياء أو مواربة" ... ولسري أعيد ما كتبته ذلك اليوم لأقول:

" فأذكره ونفسي بقوله تعالى: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، فامض على بركة الله، فما تقوم به يبعث فينا قوة وطاقة وأملاً ومثالاً يحتذى به، فأنت في الداخل تحت سمع وبصر وسطوة وجبروت أجهزة القمع، تقول ما تقول، وتتعرض لما تتعرض، دون كلل أوملل أو وجل أو خوف، فكيف بنا ؟ هل نسكت؟ هل نخاف؟هل نساوم؟ قسماً لن نفعل حتى وان سقطنا الواحد تلو الآخر في سبيل ما نؤمن به، وقسماً لن نسمح لهم بارهابنا حتى لو اجتمعت معهم قوى الأرض، وليتهم يدركون تلك الحقيقة فيكفوا عن تهديداتهم الرخيصة ومحاولاتهم البائسة.

تحية لكل صوت شريف حرِ أبي، وعهداً أن تبقى الكلمة والقلم والصوت والريشة سيفاً مسلطاً على رقاب رموز وأزلام الفساد والإفساد مهما طال الزمن، ومهما اشتدت الهجمة، وما على هؤلاء النكرات ممن يتحركون في الظلام إلا أن يراجعوا التاريخ ليتبوأوا مكانهم في مزابله".

ولكل شيطان أخرس قبل أن يسمع ويرى ثم يخنس ويسكت عن الحق، العار والشنار عليكم يا من تدعون الحياد، العار والشنار لكم يا من تتفرجون وتشهدون وتقبلون، انظروا في المرآة لتعرفوا من المجرم الحقيقي الذي سمح لحثالات الشعب وأراذله أن تتغول وتتفرعن.

قسماً لن يفلحوا مهما فعلوا، قسماً لن ينتصر الجهل والقمع والارهاب على العقل والفكر والمنطق، والأيام بيننا أيها الجبناء العملاء.

لا نامت أعين الجبناء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق