الثلاثاء، 16 يونيو 2009

فقرة من كتاب...

1-

وربما قيل : أنه كان قي استطاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يعلنها دعوة إصلاحية ، تتناول تقويم الأخلاق ، وتطهير المجتمع ، وتزكية النفوس . وربما قيل : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان واجداً وقتها - كما يجد كل مصلح أخلاقي في أية بيئة - نفوساً طيبة يؤذيها هذا الدنس .وتأخذها الأريحية والنخوة لتلبية دعوة الإصلاح والتطهر . وربما قال قائل : أنه لو صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك لاستجابت له - في أول الأمر - جمهـرة صالحة ، تتطهر أخلاقها ، وتزكوا أرواحها ، فتصبح أقرب إلى قبول العقيدة وحملها ، بدلاً من أن تثير دعوة " لا إله إلا الله " المعارضة القوية منذ أول الطريق . ولكن الله - سبحانه - كان يعلم أن ليس هذا هو الطريق ! كان يعلم أن الأخلاق لا تقوم إلا على أساس من عقيدة ، تضع الموازين ، وتقرر القيم ، كما تقرر السلطة التي تستند إليها هذه الموازين والقيم ، والجزاء الذي تملكه هذه السلطة ، وتوقعه على الملتزمين والمخالفين . وإنه قبل تقرير هذه العقيدة ، وتحديد هذه السلطة تظل القيم كلها متأرجحة وتظل الأخلاق التي تقوم عليها متأرجحة كذلك ، بلا ضابط ، وبلا سلطان ، وبلا جزاء ! )معالم في الطريق سيد قطب

2( حين نعتزل الناس ، لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً ، أو أطيب منهم قلباً ، أو أرحب منهم نفساً ، أو أذكى منهم عقلاً ، لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً … لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل ، وأقلها مؤونة ! .إن العظمة الحقيقية : أن نخالط هؤلاء الناس ، مُشْبَعين بروح السماحة ، والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم ، وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ، ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع ! .إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ، ومثلنا السامية ، أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم ، أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقاً .. إن التوفيق بين هذه المتناقضات ، وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد : هو العظمة الحقيقية )أفراح الرّوحسيد قطب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق