الاثنين، 22 يونيو 2009

يا محمود عباس..أنت لم تعد رئيساً ....د. عبدالله الدنان

د. عبدالله الدنان
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

6/20/2009
.. خمسة وعشرون موقفاً عجيباً كل واحد منها يكفي للإطاحة بك
قبل أن أسرد لك هذه المواقف الخمسة والعشرين العجيبة التي وقفتها، أقول لك منذ البداية : إذا كنت حريصاً على وحدة الشعب الفلسطيني، وإذا كنت حريصاً أن لا تهرق دماء أخرى بسببك، فعليك أن تنفذ الأمور التالية :
1- توقف عن التستر وراء الشرفاء من أبناء فتح وأعلن استقالتك فوراً من لجنتها المركزية.
2- أعلن استقالتك فوراً من رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية.
3- أعلن استقالتك فوراً من منظمة التحرير الفلسطينية.
4- أعلن فشلك في مشروعك الذي ادّعيت أنك هندسته وهو قد هُندس لك وأنت نفذته، ألا وهو اتفاقية أوسلو المشؤومة.
5- أعلن أن الاحتمال الذي ذكرته في ص7 من كتابك المشؤوم «طريق أوسلو» هو الذي حدث، وهذا نصه حرفياً ألا وهو : «التوقيع على التنازل عن جزء كبير من الوطن».
6- أعلن أنه لم يفوضك أحد بالتنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين لأنه حق فردي كما تعلم.
7- أعلن أن جميع المستوطنات المقامة على أي أرض بالضفة الغربية مستوطنات غير شرعية.
8- أعلن أن وجود إسرائيل كدولة غير شرعي لأنها أقيمت بقوة ومساعدة الاحتلال البريطاني لفلسطين والذي استمرّ منذ عام 1918م إلى عام 1948م.
9- أعلن أن كل اتفاقاتك مع الأعداء الصهاينة حققت لهم كل شيء ولم تحقق لنا شيئاً.
10- اعتذر علناً عن كل أفعالك السرية والعلنية التي أسأت بها للشعب الفلسطيني.
11- قل لأسيادك الذين يسمحون لك بحضور المؤتمرات أو يمنعون عنك «الإذن بالسفر» كما قلت لرئيس الوزراء القطري الشيخ «حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني»، قل لهم إنك لم تعد تصلح للمهمة التي جلبوك لأجلها ونصبوك رئيساً لتحقيقها، ولذلك توسّل إليهم أن يعفوك منها.
12- إذا لم تطلب إعفاءك من الرئاسة فإن اليهود سيعفونك حتماً، لأنهم تأكدوا بأنفسهم أنك فقدت صلاحيتك، ولذلك سيرمونك بعد أن عصروك كما يفعل الناس بنصف الليمونة.
أما أسباب هذه الدعوة يا محمود عباس فهي مبينة بما يلي من مواقفك العجيبة التي ترسم شخصيتك العجيبة هذه الشخصية التي وصفتها كونداليزارايس (أغلب الظن أنها كانت ساخرة) بقولها عندما سئلت عنك إنك: fantastic ، ومعناها كما جاء في معجم المورد:
(1) أ- خيالي ، ب- وهمي ، ج- أحمق ، غير واقعي ، د- ضخم إلى حدّ لا يطاق ،
(2) غريب ، غريب الأطوار.
فاختر يا محمود عباس أحد هذه المعاني وانظر وتأمل كم يحترمك هؤلاء. ويوجد معنى آخر لهذه الكلمة وما زال هذ المعنى (slang) أي لم يرق إلى مصاف الكلمات المعتمدة في المواقف الرسمية المحترمة كما جاء في معجم OXFORD ، وهذا المعنى هو بالضبط ما يشيع على ألسنة الفتيات الأمريكيات أو العربيات عندما يعجبن بفستان أو بـ ..، أما الأمريكيات فيقلن : fantastic وأما العربيات فيقلن عنه «لقطة»، فتأمل أيضاً كم يحترمك هؤلاء الأمريكان، إنك بالنسبة لهم «لقطة» يصعب جداً، إن لم يكن من المستحيل، أن يجدوا شخصاً متهافتاً عليهم مثلك، رغم كل الإهانات التي يوجهونها لك. وكذلك قال عنك شمعون بيريز عندما قال جورج بوش عن أمر يتعلق بالقضية الفلسطينيّة : «هذا لا يقبله محمود عباس» (تصور أن بوش استفظع أن تقبله) ، فقال له بيريز: «لا تقلق إن محمود عباس دائماً يقول : حاضر».
ثم ألم يقل بيريز عن مفاوضات أوسلو:«إننا لم نكن نفاوض الفلسطينيين، لقد كنا نفاوض أنفسنا».
فأي زعيم هذا هو الذي يفعل كل هذا و يقال عنه كل هذا؟ وإليك هذه المواقف العجيبة التي وصلت إلى بيع قضية فلسطين بكاملها.
الموقف العجيب الأول : «منيح (مليح) اللي خلصونا منه»
في عام 1969 (أو قبلها بقليل) أغارت الطائرات الصهيونية على مدينة السلط الأردنية بسبب وجود مجموعات فدائية فيها. وكانت هذه المجموعات تعبر نهر الأردن وتغير على المعتدين اليهود في فلسطين. وكان أحد الأبطال في هذه المجموعات شاب جريء جداً اسمه الملازم فايز. وقد عرف هذا الملازم بإقدامه، وكانت المجموعات التي يرسلها أو يرافقها تحدث إصابات شديدة في صفوف اليهود. ويبدو أن اليهود كانوا يتصلون بمن يسمع كلامهم لكي يوقفوا الملازم فايز عند حدّه. ويبدو أن أحد أصدقاءهم اتصل فعلاً بالملازم فايز لكي يوقف هجماته فما كان منه إلا أن ثار في وجه محدثه وبدل إيقاف هجماته زاد من حدتها وأوقع بالمعتدين خسائر فادحة. وكان من نتيجة ذلك أن شنت الطائرات الصهيونية غارة كثيفة على معسكر للفدائيين في السلط أدت إلى استشهاد عدد من الفدائيين وكان من بينهم الملازم فايز. وكان استشهاده مؤلماً للجميع. وفي اليوم نفسه شهدتُ موقفاً عجيباً. كان محمود عباس جالساً مع البعض من قيادات حركة فتح، وذُكرت أخبار الغارة الصهيونية على السلط فقال أحدهم «رحم الله الملازم فايز»، فرّد محمود عباس حرفياً: «يا شيخ منيح (مليح) اللي خلصونا منه».
فقال الشاب المتحدث : «إلى هذا الحد يا أبو مازن؟ تفرح عندما يقتل اليهود فدائياً عظيماً وجريئاً كالملازم فايز؟».
لم يجب محمود عباس. ودهش الجميع من كلامه العجيب لأنه مهما كان الخلاف في الرأي ينبغي أن لا يصل بصاحبه إلى حد التمني بأن يخلصه اليهود الأعداء من زميله في النضال المختلف معه بالرأي.
ومع أن هذا الموقف غريب بكل المقاييس، ومع أن صاحبه ينبغي أن يزاح أو ينزاح عن أي منصب قيادي أو غير قيادي في الثورة الفلسطينية، فقد بقي محمود عباس عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، مدعوماً فيما يبدو من أصحاب معامل صنع الزعماء، ومعامل صنع القرارات. ولا يظننّ أحد أن في كلامي هذا مبالغة، لأن محمود عباس صرّح و يصرح دائماً في مجالسه الخاصة أن القرارات المصيرية تؤخذ سرّاً في أماكن مغلقة، ثم يؤتى بالمجلس الوطني أو المجلس الثوري أو اللجنة التنفيذية أو اللجنة المركزية، لكي يصادق على هذه القرارات بتزوير و ضحك على الذقون وعدم دعوة المعارضين، والكذب في عدّ الأصوات.
الموقف العجيب الثاني : «نحن ضعفاء ولا نستطيع أن نفعل شيئاً»
يردد محمود عباس دائماً القول التالي : «نحن ضعفاء ولا نستطيع أن نفعل شيئاً، وعلينا أن نقبل بأي شيء يعرضه علينا اليهود، وذلك من خلال المفاوضات المباشرة معهم»، وقد بدأ يردد هذا القول منذ عام 1974، أي منذ بدأ باتصلاته بالمخابرات الإسرائيلية والأمريكية. كما ردده ويردده على شاشة التلفاز دائماً ودون إدراك لخطورة هذا القول، ودون وعي لمواطن قوتنا. وفي مناقشة هادئة نقول لمحمود عباس :
نحن لسنا ضعفاء على الإطلاق. نحن أصحاب حق، وصاحب الحق قويٌّ دائماً إذا ظل يصرّ على أخذ حقه. صحيح أننا لا نملك ترسانات من الأسلحة المدمّرة التي يملكها العدو الصهيوني، و لكن إذا ظللنا على موقفنا من حق العودة واسترجاع أرضنا فإن لدينا أسلحة تصل بنا إلى النصر مهما طال الزمن إذا أتقنا إعدادها وهي أسلحة نتفوق بها نحن على العدو، أما هذه الأسلحة فهي ثلاثة: الإنسان والأرض وعدم الاعتراف بشرعية وجود العدو.
1- الإنسان
(أ) الإنسان القادر على التضحية والإزعاج الدائم للعدو بدءاً من المقاطعة و مروراً بضربه بالحجارة، وبالعمليات الاستشهادية، وباستخدام السلاح الخفيف المحمول، وبصنع السلاح الصاروخي المتطور، وبالوصول إلى ضرب أهداف مفصلية للعدو مشياً على الأقدام، كل هذا يستطيع أن يفعله الإنسان الفلسطيني المجاهد المخلص الذي يجاهد من أجل التحرير.
(ب) الامتداد البشري العربي وهو الذي يعيننا ويتعاطف معنا ويعتبر دولة العدو الصهيوني خطراً عليه كما هي خطر علينا. وهذا الامتداد البشري العربي قد اشتبك فعلاً مع العدو الصهيوني. صحيح أنه لم يحقق نصراً ضد هذا العدو في حروب الجيوش إلا أنه حقق نصراً عظيماً في جنوب لبنان عام 2006م، وفي حرب غزة عام 2008/2009م عندما حارب بالإنسان المجاهد.
(ج) التأييد البشري والدولي العالمي. وقد ثبت هذا في حرب غزة الأخيرة عندما هب أحرار العالم في مظاهرات صاخبة تنادي بتأييد الفلسطينيين لأخذ حقوقهم. إن استمرار المطالبة بحقوقنا مع تغذية المقاومة يجعل اليهود في فلسطين وأمام العالم يظهرون دائماً أنهم معتدون وغاصبون ويجعل دولاً أخرى في العالم تقف موقفاً شريفاً و مشرفاً مثل فنزويلا و بوليفيا و تركيا.
2- الأرض
وهذا المحور مكمل و معين للمحور السابق لأن الفلسطيني يمكن أن يصل إلى أهدافه في المدن و القرى الصهيونية مشياً في حين لا يستطيع العدو أن يصل إلينا إلا محمولاً على دبابة أو طائرة. وقد ثبت أن الإنسان الفدائي العربي يستطيع أن يدمّر الدبابة وأن يصبر على قصف الطائرة.
ولقد أدرك العدو قدرة الإنسان المضحي الصابر على الاستمرار وبالتالي إلحاق الهزيمة به فأطلق على هذا النوع من الحرب الفدائية الاستشهادية اسم الإرهاب، ونسي أن قصف الطائرات والدبابات للمدنيين هو الإرهاب عينه.
3- عدم الاعتراف بشرعية وجود العدو على أرضنا
أن عدم الاعتراف بشرعية وجود العدو على أرضنا يعني الاستمرار بمقاومته على أي صورة من الصور بحيث لا يطمئن العدو إلى بقائه ووجوده على أرضنا، حتى ولو امتلك أعتى الأسلحة لأن الزمن في صالحنا. كلما مضى الزمن ازداد العرب و المسلمون علماً و معرفة ووصلوا إلى أسلحة مساوية في قوتها لما وصل إليه العدو. وبذلك يبدأ العدو بالتراجع، ونبدأ نحن بالتقدم. ومن الواضح لكل ذي عينين أن وضع دولة العدو الصهيوني المكاني مازال كما هو منذ عام 1967، فهي لم تحتل أرضاً جديدة منذ غزوها للبنان عام 1982، وقد كان في مخطط هذه الدولة العدوانية أن تبقى في جنوب لبنان إلا أن المقاومة اللبنانية العظيمة، والتي لم يقل قادتها إنهم ضعفاء، استطاعوا أن يجبروا جيش اليهود على الانسحاب مذموماً مدحوراً. وكذلك فعلت المقاومة العظيمة في غزة. إن عدم قدرة العدو على البقاء في غزة وخروجه دون تحقيق أي هدف من أهدافه هو انتصار حقيقي و سوف تتبعه انتصارات إن شاء الله.
لهذا كله، إن القول سلفاً «نحن ضعفاء ولا نستطيع أن نفعل شيئاً» هو قول المهزومين ولا يجوز أن يبقى على رأس السلطة الفلسطينية أو على رأس منظمة التحرير الفلسطينية شخص مهزوم مستسلم سلفاً للعدو.
إن قولك «نحن ضعفاء ولا نستطيع أن نفعل شيئاً» لا ينطبق على حرب الشعوب التي هي عماد ثورتنا الحالية والتي لا يتمكن العدو من التحكم بسلاحها لأنه سلاح خفيف متوافر في أي مكان فضلاً عن أنه يمكن صنعه محلياً، وإن لم نتمكن من ذلك فأرضنا مملوءة بالحجارة التي هي سلاح فعّال أيضاً عندما تكون في أيدي الأبطال من أبناء فلسطين. لذلك، أطلب منك أن تتثقف أكثر حتى تفهم أكثر وحتى تعلم ما تقول.
الموقف العجيب الثالث قولك : «خليهم (أي اليهود) يجيئون ليمسكوه (أي المقاوم)»
كان ذلك عام 2007م على شاشة التلفاز في مقابلة معك يا محمود عباس، على إحدى القنوات (الأغلب أنها الجزيرة)، سئل محمود عباس :
ما رأيك بالشباب من الضفة الغربية أو من غزة الذين يدخلون إلى فلسطين المحتلة عام 1948، ويقومون بأعمال مقاومة؟ فقال بالحرف الواحد: «خليهم يجيئون ليمسكوه، إحنا ما قلنا لهم لأ».
وتعليقنا على هذا الموقف العجيب هو أن محمود عباس يطلب من الشعب الفلسطيني أن يظل ساكتاً خانعاً سكوت الخرفان للذبح، يسكتون عن عدوهم الذي وقّع معه محمود عباس اتفاقية أوسلو، والذي: أي العدو الصهيوني، لم يطبق إلا ما أفاده منها، والذي: أي العدو الصهيوني ما زال يفاوض محمود عباس بتبادل القبل وليس بتبادل الأفكار، وفي الوقت نفسه يقيم المستوطنات على أراضي الضفة الغربية والمصنفة أملاك الدولة دون أي اعتبار لكلام محمود عباس و احتجاجاته بأن المزيد.. (نعم دون خجل)، المزيد من المستوطنات (وليس ما أقيم حتى الآن) سيعرقل الحل… أي حل يا محمود عباس، وهل بقي حل؟ المسألة حُلّت وأكل اليهود كل أراضي أملاك الدولة في الضفة الغربية.
الموقف العجيب الرابع : استمرارك بالتفاوض مع اليهود ثم التوقيع على اتفاقية أوسلو على الرغم من رفضهم عودة اللاجئين وتجنبهم الحديث عن القدس
جاء ذلك بكل وضوح في كتابك «طريق أوسلو، ص:13» وأنت تروي ماذا كان يجول بخاطرك وأنت في الطائرة إلى واشنطن بتاريخ 12/9/1993 للتوقيع على اتفاقية أوسلو المشؤومة والذي تم بتاريخ 13/9/1993، لقد جال بخاطرك ما سطرته بقلمك وهو :
«كانت أعقد قضية يواجهها المعتدلون الإسرائيليون هي مشكلة اللاجئين حيث كانوا يرفضون فكرة الحديث عن اللاجئين أو عن المرجعية الدولية لحل هذه المشكلة».
«وبالنسبة للقدس فقد كان الجميع يتجنبون الحديث عنها، و يعتبرونها مشكلة معقدة ويقترحون تأجيل ذلك إلى حين، إلا أن الكثيرين يعتبرونها خطاً أحمر لا يجوز الخوض فيه».
إذن، كنت متأكداً يا محمود عباس أن «عودة اللاجئين» كانت مرفوضة من قبل المعتدلين اليهود، فكيف بالمتطرفين، و إذنْ كنت متأكداً أن قضية القدس كان اليهود جميعاً يتجنبون الخوض فيها، هذا طبعاً قبل التوقيع على «اتفاقية أوسلو»، فهل كان يدور بخلدك أنك بعد التوقيع سوف تجعلهم يقبلون بعودة اللاجئين، وبالقدس عاصمة عربية لدولة فلسطين؟
والله إنه لأمر عجيب، أنت منذ البداية، أي منذ عشرين عاماً متأكد أنه لا يوجد يهودي واحد بفلسطين يقبل بعودة اللاجئين أو القبول بالقدس العربية عاصمة لدولة فلسطين،وهذا واضح وضوح الشمس، فكيف قبلت التوقيع على اتفاقية أوسلو التي نصت على تأجيل الحديث عن عودة اللاجئين وعن القدس وعن الحدود إلى المفاوضات اللاحقة؟. هل تآمرت مع اليهود ووافقت معهم بأن الزمن كفيل بأن يجعل اللاجئين ينسون مدنهم و بيوتهم و أرضهم بفلسطين، وبناء عليه، اتفقت أنت واليهود على تأجيل البحث في قضية القدس وعودة اللاجئين والحدود وهي أعقد القضايا. وأنا أسأل ماذا أعطتنا أوسلو يا محمود عباس؟ أوسلو التي فكت الحصار العالمي عن دولة اليهود، والتي جعلت بعض العرب يبدؤون يقيمون معها علاقات سياسية واقتصادية تحت شعار: «لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين».
وأعجب العجب أن الذين حولك من مفاوضين ومصفقين يدافعون عنك على الرغم من إضاعتك لأراضي الضفة وإضاعتك للقدس وتخليك عن حق العودة للاجئين. هل هم يعرفون و يحرفون أم أنهم مصالحهم الشخصية يفضلون، أم أنهم جهلة لا يقرؤون.
هل قرأت أو سمعت ما قاله إسحق شامير عندما عوتب على قبوله باتفاقية أوسلو بقوله بالحرف الواحد: «أفاوضهم عشر سنين ولا أعطيهم شيئاً» والعجيب أن العشر سنين امتدت حتى صارت ست عشرة سنة وما زالت تمتد ولم يعط اليهودُ شيئاً. والأعجب من العجب أن صائب عريقات زاد المدة وقال «سنظل نفاوضهم خمسين عاماً». هل هنالك مفاوضات في التاريخ تدوم هذه الأعوام دون طائل؟ ، أم أن صائب عريقات لا يهمه أن يحقق شيئاً اللهم إلا أن يبقى مفاوضاً يظهر على شاشات التلفاز ليقول: «لم نحقق شيئاً؟».
لاحظ أيها القارئ الكريم الاتفاق التام بين صائب عريقات، وما يؤمن به الصهاينة وعلى رأسهم الهالك إسحق شامير على سلوك «المطمطة»، وإطالة أمد المفاوضات لكي لا يبقى من فلسطين أي شيء، وبذلك يكسب اليهود كل شيء ويخسر الفلسطينيون كل شيء. والفلسطينيون المستفيدون من إطالة أمد المفاوضات هم فقط المفاوضون الفلسطينيون وعلى رأسهم أنت يا محمود عباس، والفاسدون الآخرون من حولك.
الموقف العجيب الخامس : عودة اللاجئين خطر على دولة إسرائيل
موقف عجيب حقاً ، وهل أنت حريص جداً على دولة إسرائيل؟
إذا كنت فعلاً بهذا الحرص فلماذا انتسبت إلى فتح التي كان أول مبدأ من مبادئها «إزالة الكيان الصهيوني من أرضنا المغتصبة واسترجاع بلدنا فلسطين». يمكن أن نفهم أنك ومن حولك عاجزون عن أخذ حقوقنا، أما أن تتخلى عن هذه الحقوق، وأن تقول إن حصولنا عليها خطر على العدو فهذا أمر لا يصدق عاقل أن من يقوله فرد فلسطيني، أما أن يقوله من وُضع رئيساً للسلطة الفلسطينية فهو أعجب العجب. أنا أفهم أن تقول لليهود : «إن شعبنا الفلسطيني عاش قروناً عدة مع اليهود قبل بدء الغزو الصهيوني عام 1920م في سلام و أن المسلمين والمسيحيين العرب ليس لديهم مشكلة في التعايش السلمي مع اليهود داخل المدن والأراضي التي سيعودون إليها»، أما أن تقول لليهود سلفاً: «إن عودة اللاجئين خطر عليكم» فهذا ما لا يصدقه عقل. إنك بهذا تصف أفراد شعبك بأنهم ذئاب ما إن يرجعون إلى فلسطين حتى يبدؤوا بتقتيل اليهود، وهذا غير صحيح لأن الذئاب حقاً هم اليهود الصهاينة الذين عندما احتلوا فلسطين بدؤوا يقتلون أهلها و يهجرونهم ويعذبونهم ويخترعون القوانين لتعذيبهم وها هم يلحقون بهم إلى الضفة الغربية وغزة ويعملون فيهم القتل و الاعتقال و التعذيب.
الموقف العجيب السادس : الادعاء بالديمقراطية
رأيتك مرة على شاشة التلفاز وأنت تقول «أنا عملت انتخابات بفلسطين ما بتصير بالسويد».
العجيب جداً أنك تتباهى بهذه الانتخابات ثمَّ أنت لا تحترمها قل لي بربك : لماذا لا تحترمها؟ ، ولماذا سكت على اعتقال النواب المنتخبين؟ كان يجب أن تقول لليهود أيضاً أن يحترموا هذه الانتخابات و أن يحترموا الناجحين فيها، أم أنك لا تجرؤ على ذلك لأنك لو فعلت «تكون تذبح نفسك من الوريد إلى الوريد»؟ كيف ترضى لنفسك أن تكون «طرطوراً» كما وصفك «جدعون ليفي» في «هآرتس» بتاريخ 23 سبتمبر عام 2007، عندما وصف موقفك من الحصار التجويعي لغزة. وقال لك بالحرف الواحد «لو كان محمود عباس زعيماً وطنياً حقاً، وليس مجرد بائع مفرق صغير لرفض المشاركة في القمة (بينه وبين أولمرت) أو أية لقاءات أخرى حتى يرفع الحصار عن غزة. ولو كان رجلاً ذا منزلة تاريخية حقاً لأصر أيضاً على أنه لا يمكن عقد مؤتمر دون وجود إسماعيل هنية، الممثل الآخر المهم للشعب الفلسطيني ولو كانت إسرائيل تريد السلام حقاً و ليس «اتفاقاً على المبادئ» مع طرطور لا يؤدي إلى شيء لاحترمت هذا المطلب من عباس. إن إسرائيل يجب أن تتطلع إلى أن يكون عباس في نظر شعبه زعيماً و ليس دمية على مسرح تشد خيوطها و تحركها كيفما تشاء أيدي الولايات المتحدة و إسرائيل أو تتحرك بتأثير ألاعيب و مناورات قصيرة الأمد».
فهل بعد هذا تدّعي أنك ديمقراطي يا محمود عباس؟
لكأنني بالذين صنعوا منك زعيماً يشاركونك في انتقاء لون البدلة التي تلبسها و شكل العقدة التي تعقدها ومقدار الابتسامة التي تتصنعها وطول القبلة التي تطبعها على وجنات كونداليزارايس وإيهود أولمرت وزوجته.
الموقف العجيب السابع : مهزلة التفاوض مع العدو سراً في أوسلو، وعدم عرض كل الاتفاقات على ممثلي الشعب الفلسطيني قبل التوقيع عليها، وفي الوقت نفسه ترْك حيدر عبدالشافي ووفده يفاوضون العدو علناً. وبعد هذه المهزلة اعتماد الاتفاق السرّي وعدم عرضه على المجلس الوطني الفلسطيني
لماذا اللجوء إلى السرية والاتفاق مع العدو على بنود معينة ثم بعد ذلك وضع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لفتح والقول لهم كذباً وبهتاناً: «لا نستطيع أن نحصّل أكثر». والعجيب أنه حين كنت يا محمود عباس تفاوض اليهود سرّاً في أوسلو، كان حيدر عبدالشافي ووفده يفاوضون وفداً اسرائيلياً علناً في واشنطن، وكان اليهود يعرضون عليهم اتفاقاً وصفه حيدر عبدالشافي أنه أفضل بكثير مما قبلتم به. أليس من أعجب العجب أن ترضى يا محمود عباس أنت ومن حولك أن تعطوا اليهود أفضل ما يمكن أن يحلم به مفاوض، ألا وهو : جعله يفاوض وفدين : وفد علني بقيادة حيدر عبدالشافي ، ووفد سرّي بقيادتك ثم يختار هذا العدو الصفقة الأفضل بالنسبة له. أية أنانية هذه؟ إن هذا الموقف له تفسير واحد فقط ألا وهو الأنانية والاستعداد لبيع فلسطين مقابل كراسي زائفة (وقد ثبت هذا) ودريهمات (وقد ثبت هذا). ثم.. كيف تفاوضون الحكومة الصهيونية وأنتم منظمة التحرير، ألم يكن من الأفضل أن تتركوا فريق حيدر عبدالشافي يفاوض، وتبقون أنتم تناضلون من أجل تحرير فلسطين من الصهيونيين كما جاء في الميثاق الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية. إن من يتابع حكايات مفاوضاتك السّرية ليعجب أشد العجب من المناورات السخيفة التي كانت تدور في أجوائها، وإليك مثال واحد :
كنتم تفاوضون العدو سرّاً في أوسلو، وفي الوقت نفسه كان وفد حيدر عبدالشافي يفاوض في واشنطن، وكان اليهود يدعون أنهم لا ولن يفاوضوكم لأنكم تمثلون منظمة التحرير الفلسطينية التي تطالب بحيفا ويافا وطبريا وصفد وبقية الأراضي المحتلة عام 1948. وفي أحد أيام هذه المفاوضات المزدوجة اتصلت حنان عشراوي من باريس أو جنيف بياسر عرفات في تونس لتبلغه أمراً يتعلق بالمفاوضات، فثارت ثائرة اليهود وهددوا بوقف المفاوضات في واشنطن مدّعين!!!! أنهم لا يقبلون أن تشمّ منظمة التحرير رائحة مفاوضات واشنطن. عجيب، عجيب والله، يفعلون ذلك وهم يفاوضون وفد منظمة التحرير في أوسلو سراً. ما هذه الألاعيب الصبيانية، وما هذا السخف المكشوف؟. إلى هذا الحد يستهزئ بكم اليهود ويضحكون عليكم؟
الموقف العجيب الثامن : تصريحك بملء الفم أنك تحتاج إلى إذن من حكومة العدو لكي تحضر مؤتمر الدوحة، وأنك إذا سافرت إلى المؤتمر تكون تذبح نفسك من الوريد إلى الوريد
لو أن هذا الموقف كان إشاعة لما سجلناه، أما وهو صادر عن رئيس وزراء دولة قطر، وعلى شاشة التلفاز فهو يستدعي التسجيل ثم التسجيل والتأمل الشديد. يا محمود عباس هذا الموقف وحده يكفي لكي يجعلك تستقيل أو تقال ولكي لا تسمح ولا يُسمح لك بأن يصل بك الهوان والذلّ والطرطرة أمام أعداء أمتنا وهم اليهود الصهاينة إلى هذا الحد. ماذا تسمّي موقفك هذا يا محمود عباس؟ إن أبسط ما يقال فيه إنك فضلت مصلحتك الشخصية أمام اليهود على مصلحة القضية الفلسطينية التي هي قضيتك كما تدعي. أنظر إلى التناقض الشديد الفاضح بين ما قلته لرئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وبين ما كتبت أنت… نعم أنت نفسك كتبته في كتابك المشؤوم «طريق أوسلو» في الصفحة 311 :
«إن القيادة ليست مجرد مواقع وامتيازات ومكاسب، بل هي في الأساس قدر من الشجاعة، واستشفاف رغبات الجماهير، والتطلع إلى بناء المستقبل وخدمة القضية بكثير من نكران الذات. وهي ليست الحفاظ على الكينونة، وتحصين المواقف الشخصية، والجلوس في الدائرة المريحة، بعيداً عن الدائرة الصحيحة».
يا للعجب، أقرأ هذا الكلام، وأقارن بينه وبين أفعالك هل ما قلته من ضرورة استشفاف رغبات الجماهير ينطبق على أفعالك في محاربة من انتخبتهم الجماهير إلى المجلس التشريعي. والله إن المرء لا يصدق أن من يقول هذا الكلام يفعل هذا الفعل. أليس كل ما تفعله يا محمود عباس هو الحفاظ على كينونتك وتحصين مواقفك الشخصية لتجلس في الدائرة المريحة بعيداً عن الدائرة الصحيحة؟.
يا ناس يا زعماء يا عرب يا من وافقتم دون حق على تمديد الاعتراف به رئيساً للسلطة، أدركونا… أدركونا… إن الاختلاف بين أعمال هذا الرجل وأقواله دليل قاطع على أنه لم يعد يصلح أن يكون رئيساً. ألا تشفقون على الشعب الفلسطيني. نرجو أن تعيدوا النظر في مواقفكم كما نرجو أن تتركوا الشعب الفلسطيني ليختار زعماءه ورؤساءه وهو قادر على ذلك.
لو كنت يا محمود عباس تعرف العمل السياسي جيداً وتنشد خدمة شعبك، وتحصل على احترام الأعداء لك لاحترمت الانتخابات التي أجريت بمنتهى الصدق والتي فازت فيها حماس. ولكن يا للأسف لقد هبطت إلى الأسفل كثيراً. لقد هبطت إلى المستوى الذي جعل جدعون ليفي في مقالته المذكورة سابقاً والتي نشرها في «هآرتس» بتاريخ 23 سبتمبر 2007 يقول عنك ما يلي بالحرف الواحد :
«إن الانطباع الذي يتركه أبو مازن هو أنه ليس أكثر من بقية سويسي (مصغر سياسي)، يشارك في الحفلة التنكرية الإسرائيلية الأمريكية ليس لضعف أو سذاجة منه بل لأن غزة بالنسبة له «كيان معادٍ» كما هي بالنسبة لإسرائيل. إذاً فهو يشترك مع إسرائيل في هذه النظرة الضيقة المخزية إلى قطاع غزة، هذه النظرة التي لن تصل بأي منهما إلى أي خير. ونحن إذا نظرنا إلى سلوك أبو مازن نخرج بالحكم التالي وهو: أن أبو مازن ليس فقط غير معترض على ما تقوم به إسرائيل في غزة، بل هو يمكن أن يكون موافقاً على النظرية القائلة إن الضغط الوحشي على القطاع سوف يجعل حماس تخضع وبالتالي يعود الشعب في غزة إلى أحضان فتح. إن أبو مازن، وبعمله هذا يثبت أنه ليس «صوصاً صغيراً» كما وصفه أرييل شارون في إحدى عباراته، بل «ديك مصلحجي» يتبختر مختالاً و يؤدي دوراً يثير السخرية دون أن يعير مصلحة شعبه اهتماماً يذكر».
وأنا أخالف جدعون ليفي الرأي وأقول إن موقف محمود عباس من غزة هو لضعف وسذاجة منه لأنه لو لم يكن ضعيفاً وساذجاً لما اشترك مع إسرائيل في التآمر على شعبه واعتبار غزة كياناً معادياً.
انظر يا محمود عباس، كنت تنادي في كتابك «القضية» المنشور عام 1978 بضرورة معرفة العدو من أجل معرفة كيفية التعامل معه. وهذا أمر صحيح، ولكن الذي يحدث مع السذّج عندما يريدون أن يعرفوا العدو هو أنهم لا يعرفون هذا العدوّ بل هو الذي يعرفهم ويعرف سذاجتهم. وأنت يا محمود عباس من هؤلاء السذج الذين اختلطوا بالعدو ولم يعرفوه، بل هو الذي عرفهم وغاص في أعماقهم. لقد عرفك الصهاينة يا محمود عباس أكثر مما تعرف نفسك، ولم يخفوا ذلك و بدؤوا يعلنون أوصافك بدقة بالغة. اسمع ماذا يقول عنك شارون :
- محمود عباس صوص صغير (جاء هذا على لسان جدعون ليفي).
واسمع ما يقوله بيريز :
- دائماً محمود عباس يقول: «حاضر».
واقرأ ما يقوله جدعون ليفي نفسه :
«إن أبو مازن ليس صوصاً صغيراً كما وصفه أرييل شارون في إحدى عباراته بل ديك مصلحجي يتبختر مختالاً ويؤدي دوراً يثير السخرية ون أن يعير مصلحة شعبه اهتماماً يذكر».
واضح يا محمود عباس أن التقاءك مع العدو الصهيوني ومرافقتك له هذه المدة الطويلة هي كالأرنب الذي يرافق الثعلب والذي يكون هو الخاسر دائماً لأن الثعلب يهدده باستمرار بأنه سيفترسه إذا لم يفعل كذا وكذا..، والأرنب يستجيب باستمرار إلى أوامر الثعلب. والعجيب أنه على الرغم من طاعة الأرنب المستمرة وخضوعه الدائم للثعلب فإنه لا ينجو بجلده، بل يأكله الثعلب عندما يقتضي الأمر ذلك، وساعتها لا تنفع الأرنب كل توسلاته ورجاءاته للبقاء حياً.
عيب يا محمود عباس أن تصل سذاجتك بالقضية إلى هذا الدرك الأسفل وتبقى في مكانك، وبخاصة أن رئاستك قد انتهت مدتها. فهل بقاؤك ينسجم مع مواصفات القيادة الذي ذكرتها في ص311 من كتابك المشؤوم «طريق أوسلو»، والتي اقتبسناها سابقاً.
أم أنك لا تملك لنفسك حتى الاستقالة ويجب أن تقدم طلباً لقادة العدو الصهيوني كي يسمحوا لك بالاستقالة؟ أنا أقول سيسمحون لك عندما لا يبقى فيك ما يمكن أن يفيدهم. وتقدير ذلك يعود إليهم وليس إليك.
الموقف العجيب التاسع : رضاك بأن تبقى زعيماً مصنوعاً وطرطوراً وليس زعيماً وطنياً حقاً
هذا التعبير ليس من عندي، ولكنه من عند جدعون ليفي في مقاله الذي تحدثت عنه، وأنا أقتبس الجزء الخاص بكون محمود عباس طرطوراً، أثبته كما ورد حرفياً :
«لو كان محمود عباس زعيماً وطنياً حقاً، وليس مجرد بائع مفرق صغير لرفض المشاركة في القمة أو أية لقاءات أخرى حتى يرفع الحصار عن غزة. ولو كانت إسرائيل تريد السلام حقاً وليس «اتفاقاً على المبادئ» مع زعيم طرطور لا يؤدي إلى شيء لاحترمت هذا المطلب من عباس. إن إسرائيل يجب أن تتطلع إلى أن يكون عباس في نظر شعبه زعيماً وليس دمية على مسرح تشد خيوطها وتحركها كيفما تشاء أيدي الولايات المتحدة وإسرائيل، أو تتحرك بتأثير ألاعيب ومناورات قصيرة الأمد...
حتى الآن، إسرائيل مرتاحة للتعامل مع أبو مازن الزعيم الذي لا حول له ولا قوة. وبما أن واشنطن - وربما القدس أيضاً (هذا كلام جدعون ليفي) - تريدان وبإلحاح أن تلمعا الشكل الذي أسمياه «قمة السلام» لكي يبدو وكأنه «إنجاز» فإن أبا مازن يمكنه بل ويجب عليه أن يهدد بمقاطعة هذا المؤتمر أيضاً لعله يحقق بعض الإنجاز لشعبه في غزة. وهي منطقة تسيطر عليها حماس، التي يكرهها أبو مازن. إلا أنه، مع كرهه لحماس، سيكون من الغريب جداً أن يستمر بتجاهل الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشها الغزاويون تحت الحصار الإسرائيلي».
أود أن أذكّر القارئ الكريم أن هذا الكلام نشرته «هآرتس» في 23/9/2007 أي قبل العدوان الوحشيّ والمجرم على غزة بسنة وثلاثة أشهر. وكان عنوان المقالة :
The Puppet Leader أي : الزعيم الطرطور.
الموقف العجيب العاشر : قولك «إذا كانت المقاومة تؤدي إلى الإفناء فنحن لا نريد المقاومة»
وهذا أيضاً أعجب العجب. إنه كلام ينبغي أن لا يصدر من قائد أو زعيم لأي شعب يسعى نحو التحرر والاستقلال. وهل تحرر شعب في تاريخ الأمم دون مقاومة؟ وهل قال عمر المختار ذلك عندما واجه دولة عظمى فتاكة كإيطاليا في ذلك الحين، وهل قال زعماء الشعب الجزائري ذلك عندما قتل الفرنسيون منه خمسة وأربعين ألف متظاهر مدني في يوم واحد عام 1945م. وهل قال أهل فيتنام ذلك عندما ظلوا يقاومون الفرنسيين و الأمريكان طوال عشرات السنين؟
إن الزعيم الذي يقول : إذا كانت المقاومة تعني الإفناء فلا نريد المقاومة، لا يستحق أن يكون زعيماً. لماذا إذاً انتسبت إلى «فتح» وأنت تعلم أنها حركة مقاومة، هل انتسبت إليها لتخربها؟ هل انتسبت إليها لتجمع حولك أرانب ومصلحجيين يتخلون عن مبدأ التحرير ويرفعون أرصدتهم في البنوك، ويبدؤون يتحركون من أجل غزة عندما يتعلق الأمر باستلام النقود للإعمار والمناقصات؟ هل فعلاً ستستلمون النقود لإعمار غزة، أم لزيادة أرصدتكم في البنوك؟
إن قولك : «إذا كانت المقاومة تعني الإفناء فلا نريد المقاومة» ينطبق على أي مقاومة حتى رمي الحجارة على العدو، وحتى ذكر كلمة واحدة تتعلق بحقوقنا، إنك في هذا القول تثبت أنك من النوع الذي يهرب من صفير الصافر، فهل هكذا يكون الزعماء؟
إن عدم ذهابك إلى قمة الدوحة له تفسير واحد، وهو أن العدو عرف منك هذا المستوى من الخوف والخضوع فأمرك أن لا تذهب إلى قمة الدوحة وإلا «تكون تذبح نفسك من الوريد إلى الوريد».
إن مبدأ «إذا كانت المقاومة تعنى الإفناء فلا نريد المقاومة» أخطر ما سمع ويسمع في تاريخ النضال والمناضلين في العالم كله. إنك تخالف الله تعالى القائل جل جلاله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبَارَ} (الأنفال: 15) ، والقائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال : الآية 45) والقائل : {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (آل عمران : الآية 123) والقائل : {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} (الممتحنة : 8 ، 9).
والقائل : {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (البقرة : 216).
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : «من قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون بيته فهو شهيد».
كل هذا فيه حث على المقاومة ورفض للاستكانة والذل. هل يعقل يا محمود عباس أن يأخذ اليهود القدس دون أن نقاومهم؟ هل يعقل أن يأخذوا أرضنا ويخرجونا من ديارنا دون أن تقاومهم؟ هل يعقل أن يحاصرونا ويقطعوا عنا القوت والماء والوقود دون أن نقاومهم؟ هل يعقل أن يبنوا المستوطنات في كل أراضي الضفة الغربية دون أن نقاومهم؟ هل يعقل أن يفعلوا كل ذلك ثم تذهب أنت لتقبل وجنتي الصهيوني الخبيث إيهود أولمرت والصهيونية الخبيثة زوجته؟
قل لي بربك، قولوا لنا يا ناس في أنحاء العالم هل نطيع الله تعالى القائل في كتابه العزيز: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أم نطيع محمود عباس الذي يتولّى الأعداء الذين أخرجونا من ديارنا، والأعداء الذين ظاهروا على إخراجنا؟ هل نطيع الله تعالى أم نطيع محمود عباس الذي وصفه الله تعالى بأنه ظالم لأنه يتولى أعداءنا.
أنت تقول : «إذا كانت المقاومة تعني الإفناء فلا نريد أن نقاوم» لقد قاوم أهل غزة يا محمود عباس فهل فني أهل غزة؟ لقد خرجت غزة منتصرة، وباء اليهود و كل من كان يتمنى فناء غزة بالفشل وأيد كل الناس في كل مكان غزة و صمودها و حيّوا نَصرها الذي جاء من عند الله.
إن مقاومة أهل غزة المستمرة هي التي جعلت اليهود ينسحبون من غزة في المرة الأولى عام 2005م، وجعلتهم ينسحبون بعد العدوان الأخير الغاشم والوحشي عام 2008م - 2009م. ماذا لو فعل أهل الضفة الغربية ما فعله أهل غزة؟ هل يبقى العدو محتلاً لها، أم أنه سينسحب خائباً كما فعل لدى انسحابه من غزة ودون شروط؟ هذا مع العلم أن وضع الضفة الغربية أفضل بكثير من الوضع في غزة من حيث التزود بالوقود والسلاح والغذاء والعون والمدد الإنساني.
الموقف العجيب الحادي عشر : الاستمرار بالمفاوضات مع العدو الصهيوني ثلاثين عاماً منها أربعة عشر عاماً قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو المشؤومة وستة عشر عاماً بعد توقيع الاتفاقية المشؤومة نفسها دون الوصول إلى أي نتيجة
أقول لك يا محمود عباس لو أن العدو الصهيوني يريد أن يعطيك شيئاً لأعطاك هذا الشيء بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو. افهم يا محمود عباس وآمل أن تفهم أنك مع كل تنازلاتك وطاعتك لأوامر العدو فلن يعطوك شيئاً، إنهم يمنّون عليك بالسماح لك أن تبقى في فلسطين شخصياً وليس في صفد ، لأنك في نظرهم أحد اللاجئين الذين «سمحوا» له بالعودة، وهذا يكفي، واحد فقط الذي هو أنت أرجعوك إلى فلسطين لكي توافق وتعطي صكاً تتنازل فيه عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين جميعاً. ما هذه الأنانية يا محمود عباس، وكيف يرضى أي زعيم أن ينال منفعة شخصية مقابل التنازل عن الحقوق الوطنية لشعبه. ألم تقتنع يا محمود عباس أن اليهود الذين يبنون المستوطنات وهم يفاوضونك هذه السنين الطوال إنما هم يسخرون منك؟ ألم تدرك يا محمود عباس أن هدف الدولة الفلسطينية الذي يضعونه أمامك لتجري إليه مؤملاً أن تصله هو أيضاً يجري أمامك كالجزرة تماماً، وفي هذه الحال لن تصل إليه.
سؤال هام أطرحه عليك وعلى الذين حولك من المنتفعين والفاسدين : هل المفاوضات مع العدو الصهيوني أصبحت غاية في ذاتها؟ ألا تراجع نفسك؟ ألا تتذكر قولك : إن بوش وعد أن تتحقق الدولة الفلسطينية عام 2008 فأين هي؟
أم أنك لا تملك لنفسك حتى الاستقالة. ويجب أن تقدم طلباً لقادة العدو الصهيوني كي يسمحوا لك بالاستقالة؟
الموقف العجيب الثاني عشر : السكوت على العدوان الغاشم الوحشي على غزة ، واعتقال المئات من أهالي الضفة الغربية لأنهم تحركوا وأرادوا أن ينجدوا إخوانهم في غزة
إن سكوتك على العدوان الغاشم الوحشي على غزة أمر عجيب بل وأعجب من العجيب، شعبك يذبح، والعالم العربي كله يهب بالمظاهرات التي لم تتوقف حتى الآن، وعواصم أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية تمتلئ بالمظاهرات، وكل ما تفعله أنت هو تعليق المفاوضات؟ ما هذا؟ يا للعجب!!!. إن أقل ما يجب فعله منك ومن سلطتك هو:
1- إلغاء المفاوضات مع العدو الصهيوني.
2- الذهاب فوراً إلى غزة ومصالحة المقاومة التي يقودها إسماعيل هنية وحكومته.
3- مطالبة اليهود بالإفراج فوراً عن المعتقلين من أعضاء المجلس التشريعي.
4- عقد جلسة فورية للمجلس التشريعي المنتخب.
5- عقد جلسة فورية للمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.
6- الإفراج عن المئات من الذين تعتقلهم في الضفة الغربية بتهمة تأييد النضال والمقاومة.
7- إعلان المقاومة في الضفة الغربية وعدم إيقافها إلى أن تتحقق مطالب الشعب الفلسطيني.
8- إصدار بيان صريح أن مقاومة الشعب الفلسطيني للعدوان هي مقاومة مشروعة وليست إرهاباً.
9- الإصرار على إطلاق سراح الأسري من سجون العدو الصهيوني فوراً ودون تأخير.
10- مطالبة مصر بفتح المعابر.
ما الذي يمنعك من ذلك يا محمود عباس؟ هل هو حرصك على القضية الفلسطينية، هل هو حرصك على مصلحة الشعب الفلسطيني؟ أم هو حرصك على مصالحك الشخصية؟ أم أنه خوفك المستمر من أن تذبح نفسك من الوريد إلى الوريد؟
الموقف العجيب الثالث عشر : عدم أخذ موافقة الشعب الفلسطيني على بنود اتفاقية أوسلو قبل توقيعها
لقد جعلت من مفاوضاتك مع اليهود في أوسلو سرّاً مطلقاً، واتفقت مع بيريز على كل شيء، ثم ذهبت لتسوّقها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي اللجنة المركزية لفتح. وإن التأمل العميق في الاتفاقية يجعلنا نخرج بالحكم التالي عليها :
«إنها أخطر اتفاقية مرت على الأمة العربية بل والإسلامية في تاريخ نضالاتها كلها قديماً وحديثاً، وإن فيها من المخزيات ما يندى له الجبين، والذي يجعلنا نصف الموقعين عليها بأنهم جاهلون جهلاً مخزياً». ونكتفي هنا بذكر بند واحد، ونترك مناقشة إتفاقية أوسلو كاملة إلى دراسة مستقلة. البند المهم جداً (وكل بنودها مهمة) والمخزي جداً (وكل بنودها مخزية) هو أنك يا محمود عباس أهديت الأراضي الأميرية أو ما يعرف بأملاك الدولة، أهديتها كلها للدولة المعتدية دون أي مقابل فكيف كان ذلك :
1- فصلتم الضفة الغربية عن الأردن فانخفض مستواها ووضعها الدولي من كونها جزءاً من دولة هي المملكة الأردنية الهاشمية تعرضت لاحتلال دولة أخرى إلى صيرورتها أرضاً سائبة محتلة من قبل دولة أخرى هي ما سمي بإسرائيل.
2- بدأتم بالمفاوضات في أوسلو وأنتم تمثلون شعباً يعيش في أرض سائبة، وهذا الشعب خاضع لقولت الاحتلال.
3- قبلتم بالحكم الذاتي تحت سيطرة دولة محتلة، ومعنى الحكم الذاتي فيما يتعلق بالأراضي هو ما يلي :
(أ) السكان الذين يخضعون لحكم ذاتي تحت سيطرة دولة أخرى لا يملكون من الأراضي التي يعيشون عليها سوى البيوت أو قطع الأراضي التي يحملون بها صكوك تمليك (صكوك طابو).
(ب) أجواء مناطق الحكم الذاتي تقع تحت سيطرة الدولة الحاكمة وهي هنا العدو الصهيوني.
‌(ج) الكنوز والمياه والغاز والنفط في مناطق الحكم الذاتي ملك للدولة الحاكمة وهي في اتفاقية أوسلو دولة العدو الصهيوني.
‌(د) جميع الأراضي التي لا يملكها أفراد من الشعب القابل بالحكم الذاتي هي ملك للدولة الحاكمة وهي في اتفاقية أوسلو دولة العدو الصهيوني.
وبناء على هذا، اندفع اليهود بعد اتفاقية أوسلو يبنون المستوطنات في أراضي الضفة الغربية ويتكاثرون حتى وصل عددهم إلى أربعمائة ألف، بعد أن كان عددهم أقل من عشرة آلاف قبل توقيع اتفاقية أوسلو. وأصبحنا نسمع عن مستوطنات شرعية !!! و مستوطنات غير شرعية !!! فأية مستوطنات هي التي أعطيتها الشرعية يا محمود عباس بحسب اتفاقية أوسلو. هذه وحدها تكفي لكي يوصم تاريخك و عملك في القضية بأنه مشين ومفرّط إما لجهل أو لسذاجة عجيبة.
ألم يكن من الأفضل أن تَعرض بنود أوسلو على مجلس تشريعي منتخب من الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، وأن تجعل المنتخبين يناقشون البنود كلها، فإن قبلوها يكونون هم الذين جنوا على أنفسهم، وإن رفضوها تستقيل أنت وتقول هذا ما استطعت أن أفعله، أما أن تذهب للتوقيع دون أخذ موافقة ممثلي الشعب الفلسطيني ثم تسأل نفسك بسذاجة غريبة وعجيبة وأنت في الطائرة في طريقك إلى واشنطن :
«هل هي رحلة العودة إلى الوطن؟ أم هي رحلة التوقيع على التنازل عن جزء كبير من الوطن؟ لماذا أذهب للتوقيع على التنازل عن جزء كبير من الوطن؟ لماذا أذهب للتوقيع على اتفاق لست جزءاً منه؟ وقد لا يكون فيه بيت أو مقر إقامة؟ وهل ما سنقوم به سيفتح الباب أمام المستقبل أم يقفل الطريق إليه؟ وهل فرطنا بحقوق الشعب أم حافظنا على هذه الحقوق» (كتاب طريق أوسلو) ص7.
هذا كلامك بالحرف الواحد أجب أنت يا محمود عباس عن تساؤلاتك هذه واحكم بنفسك على نفسك ولا نقول لك إلا ما قال الله تعالى : {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}.
لو كنت يا محمود عباس مفوضاً من الشعب الفلسطيني للذهاب في رحلة التوقيع لما كانت تساؤلاتك التي سطرتها. ثم من أنت.. من أنت.. حتى تنصب نفسك مفوضاً للتوقيع على اتفاق لست جزءاً منه. ثمّ طالما أنك لست جزءاً منه، فلماذا توقع؟ أليس هذا منتهى السذاجة والجهل والظلم ؟ ، وصدق الله العظيم حين وصف أمثالك بقوله جل جلاله : {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أنت ظالم ظالم ظالم بنص كتاب الله. لقد ثبت، على مر السنين، أن الشعب الفلسطيني لا يرضى عن التحرير والعودة بديلاً، ولقد نجحت حماس في الانتخابات لتمثيل الشعب الفلسطيني لأنها ترفض اتفاقية أوسلو. والنتيجة كانت أنك بدأت تعمل مع اليهود على إسقاط حماس،… كيف؟ يا للعجب : اليهود الديمقراطيون!!!، وأنت الذي تؤمن!! بالانتخابات، تتآمرون لتبعدوا حماس المنتخبة شرعياً وتحت مراقبة أجنبية، نعم حماس المنتخبة من قبل الشعب الواقع تحت الاحتلال.
إن رفض الشعب الفلسطيني لاتفاقية أوسلو ممثلاً بحماس وجميع فصائل المقاومة قد كلف الشعب الفلسطيني آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين وعشرات الآلاف من البيوت المهدمة والمآسي، في حين أنها لو عُرضت على الشعب الفلسطيني قبل توقيعها لما تكلفنا كل هذه التضحيات.
وقد كلفنا التوقيع على الاتفاقية المشؤومة قبل استشارة الشعب الفلسطيني شيئاً آخر مهماً جداً جداً ألا وهو هذا الانقسام بين فتح وحماس، وأنا أعدّل هذه المفهومة بالقول :
إنه انقسام بين قيادة فتح المصلحجية وحماس، لأن فتح الحقيقية لا ترضى عنك وعن سياساتك يا محمود عباس.
الموقف العجيب الرابع عشر : سكوتك وعدم تكذيبك لقول أولمرت : «إن ضرب غزة بكل أنواع آلات الحرب الحديثة ولمدة 23 يوماً أضعف حماس وقوّى محمود عباس»
وا ويلاه يا محمود عباس، وا ويلاه عندما يذبح أولمرت ويجرح سبعة آلاف فلسطيني ويدمر عشرات الألوف من الأبنية في غزة قائلاً : إن كل ذلك لتقوية محمود عباس في غزة.
أصدر تكذيباً فوراً، قل إنك لا تقبل التقوية من العدو، اذهب إلى غزة وقل أنا مقاوم معكم ولا أنتظر من أولمرت أن يقوّيني عليكم. وإذا لم تفعل يا محمود عباس فأنت شريك لأولمرت. ولم تعد فلسطينياً، فضلاً عن كونك لم تعد زعيماً. والله إنه لخزي ما بعده خزي، وعار ما بعده عار أن تسكت عن هذا.
أنا أتساءل هل كنت تتمنى في مجالسك الخاصة وفي اتصالاتك مع العدو أن يخلصك اليهود من حماس كما قلت عن الملازم فايز الذي استشهد في السلط ، وكان هذا أمامي وعلى مسمعي، وأشهد الله على ذلك، قلت يومها :
«منيح (مليح) اللي خلصونا منه».
الزعيم الذي يستقوي بعدوّه الذي اغتصب بيته ومدينته ونهب أمواله وأراضيه وثماره مدة ستين عاماً، الزعيم الذي يرضى أن يقتل عدوّه المناضلين من شعبه هو زعيم مصنوع ليخدم العدو، هو زعيم طرطور، إنه لا يستحق أبداً أن يكون من صفد، ولا أن يكون من فلسطين، ولا أن يكون عربياً ولا أن يكون مسلماً، ولا أن يكون إنساناً. وعلى ذكر صفد، حين حاولت الذهاب إلى صفد لتزور بيتك استقبلك اليهود بالبيض المعفن، والبندورة المخمجة والبطاطا المملوءة بالصديد أتذكر ذلك؟ فأنا هنا لا أعلق، ويكفيني أن أسطر هذا الخبر.
الموقف العجيب الخامس عشر : السكوت عن الجدار العازل على الرغم من صدور قرار محكمة لاهاي بعدم شرعيته
وهذا موقف أيضاً أعجب من العجيب. محكمة دولية عالمية تصدر حكماً بعدم شرعية بناء الجدار العازل من قبل دولة العدو الصهيوني. هذا الجدار الذي تسبب بناؤه بمصادرة مئات الآلاف من الدونمات من أراضي المواطنين الفلسطينيين. والذي ما زالت بلدات كثيرة تعاني من فصل المواطنين فيها عن أراضيهم الزراعية. وهم مستمرون بالتظاهر ضد هذا الجدار العجيب الذي أقامه اليهود تحت سمع العالم وبصره. الشعب الفلسطيني ضده والشعوب العربية والناس الشرفاء في العالم ضدّه ومحكمة لاهاي ضده، وأنت ساكت، تنظر إليه بلا مبالاة وأنت ذاهل العينين، وقد أرخيت حنكك السفلي، وتردد في داخلك بضعف عجيب لا يليق بأضعف المخلوقات قائلاً «لا نقدر أن نفعل شيئاً». كيف لا تقدر أن تفعل شيئاً؟ ، كيف؟ قل يا محمود عباس ، كيف؟.أنا أقول لك. تذهب بحكم محكمة لاهاي إلى هيئة الأمم، وإلى مجلس الأمن، وإن لم تصدر قرارات منهم بهدم هذا الجدار ترسل مجموعات فدائية من شعبنا البطل لهدمه، ونسفه، وفتح الثغرات فيه إلى أن يزيله العدو صاغراً. هكذا يفعل المناضلون الشرفاء يا محمود عباس، المناضلون الذين يأخذون، ولا ينتظرون من العدو الصهيوني أن يعطيهم. إفهم يا محمود عباس، إفهم أن اليهود نمط من الناس جشع، خالٍ من المروءة، يلدغك حين تؤويه، ويحاول إزالتك من الوجود حتى حين تسامحه. ألا تتذكر قصة تاجر البندقية الذي أصر اليهودي المرابي فيها أن يأخذ رطلاً من لحم التاجر لقاء المال الذي كان قد أقرضه إياه؟ إفهم يا محمود عباس، إفهم… إفهم.
أقول لك مرة ومرات : «إذا كنت لا تستطيع أنت أن تفعل شيئاً فاترك مكانك لمن يستطيع وحُلَّ عنا».
الموقف العجيب السادس عشر : حل القضية الفلسطينية بأن يرجع اليهود عام 1948 إلى الدول التي جاءوا منها ، وأن يرجع الفلسطينيون إلى ديارهم في فلسطين
كان هذا في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في جامعة الدول العربية بالقاهرة عام 1978م أي قبل أكثر من ثلاثين عاماً. وكنت أنت قد بدأت الاتصال باليهود الغاصبين لأرضنا، وقبل أن ندخل إلى قاعة الاجتماعات سمعتك تقول بصوت عال «ايش فيها.. يا سيدي هو الاتصال باليهود خيانة؟» كنت ترفع صوتك كأنك تريد أن تسمعني أنا بالذات. كنا داخلين إلى قاعة الاجتماعات، ولم يكن الوقت مناسباً لكي أناقشك.
يومها عجبت من قولك ، وقلت سأناقش الموضوع معك لأفهم قصدك وأفهم أي يهود تعني.
وبدأت الجلسة، وأعلن رئيس المجلس يومها المرحوم خالد الفاهوم أن الكلمة لمحمود عباس، صعدت أنت المنبر يومها، وقلت الجمل التالية فقط :
«يا جماعة حل قضية فلسطين بسيط جداً وهو أن يرجع اليهود إلى البلدان التي أتوا منها، وأن يرجع الفلسطينيون إلى ديارهم في فلسطين» وبعد أن انتهيت ضربت يداً بيد وقلت بسذاجة عجيبة : «وانحلت القضية».
قل لي بالله عليك يا محمود عباس : هل هذا القول يدل على أن صاحبه عرف عدوّه؟ أنت الذي خصصت كتابك «القضية» الذي أصدرته عام 1978م، أي في العام نفسه الذي طلعت فيه على العرب والفلسطينيين بهذا الحل الساذج، أقول خصصت كتابك كله لانتقاد العرب الذين لم يدرسوا العقلية اليهودية ولم يفهموها. ومدحت نفسك بأنك فهمتها لمجرد ذكرك في هذا الكتاب أعداد الأحزاب اليهودية وتطلعات كل حزب، ثم بدأت تفاوضهم سرّاً منذ عام 1974م إلى أن طلعت علينا بهذا الحل الساذج؟ وإليك مناقشة هذا الحل (مع أنه لا يستحق المناقشة) :
(1) لم يصدر أي رد فعل يهودي رسمي لهذا الحل، وإنما صدرت موافقات لأفراد يهود كلهم من جهاز المخابرات الصهيوني «الموساد»، وكانت غايتهم العودة رسمياً وفي وضح النهار إلى الدول العربية التي جاءوا منها لكي يقوموا بدور التجسس على هذه الدول لصالح دولتهم المعتدية.
(2) لم يخطر ببالك أن اليهود الذين غادروا البلاد العربية وبلدان العالم المختلفة وجاءوا إلى فلسطين عام 1948م فعلوا ذلك بإرادتهم ولم يطردهم أحد منها، أما نحن الفلسطينيون فقد طردنا اليهود بالقوة من أرضنا، فهل بهذه البساطة يقبلون عودتنا؟ أم أن هذه العودة تحتاج إلى نضال طويل و تضحيات جسيمة.
(3) هل هنالك قرار من الأمم المتحدة بعودة هؤلاء اليهود إلى البلاد التي قدموا منها.
(4) هل هنالك تعبير اسمه «اللاجئون اليهود في فلسطين».
(5) هل سمعت أو سمع أحد في العالم أن اليهود القادمين من البلاد المختلفة إلى فلسطين عام 1948 يطالبون بالعودة إلى البلدان التي قدموا منها.
(6) لم يخطر ببالك أن اليهود الذين بدؤوا الحركة الصهيونية عام 1897م، وساندهم بها الانجليز في وعد بلفور عام 1917م والأمريكيون والفرنسيون واعترفوا بدولتهم المعلنة عام 1948م بعد ارتكاب مجازر دير ياسين وعين الزيتون وقبية، لم يخطر ببالك أن هؤلاء جميعاً سينظرون إلى الحل الذي تطرحه بعين العجب من هذه السذاجة؟ والحقيقة المؤسفة يا محمود عباس أن اليهود منذ أن بدأت تطرح أمثال هذه الحلول اعتبروك من النوع الذي «ينفعهم» وقرروا أن يصنعوا منك زعيماً، وصنفوك بأنك fantastic (وهذا الوصف لكونداليزا رايس) ، أي «لَقْطة» كما نقول بالعامية عن الشيء الذي يجب أن نلتقطهُ قبل أن يفلت منا. أنت يا محمود عباس بالنسبة لهم «لقطة» قلّ أن يجود الزمان لهم بمثلك. تعطيهم كل شيء ولا تأخذ شيئاً.
(7) هل أخرجنا اليهود من ديارنا، وهل جندوا كل قواهم ليأتوا بكل يهود العالم إلى فلسطين مهاجرين غير مطرودين، وهل يبنون دولة نووية؟ ، وهل ينشئون الجيش المدجج بكل الأسلحة الفتاكة؟ ، هل يفعلون كل ذلك من أجل أن تأتي أنت يا محمود عباس لتحل القضية بأن يرجعوا إلى الدول التي أتوا منها بكل لين ولطف طائعين مختارين، وأن يرجع اللاجئون الفلسطينيون إلى فلسطين؟ ما هذا يا محمود عباس؟ هل يصدر مثل هذا الحل عن عاقل عرف العدوّ، وعرف أطماعه، وعرف لماذا غرست هذه الدولة المعتدية في أرض فلسطين؟
الموقف العجيب السابع عشر : تصريحك شبه الدائم أن بناء المستوطنات في الضفة الغربية يعرقل الوصول إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية
بدأت بهذه التصريحات منذ بدء مفاوضاتك مع العدو، وفي كل مرة تقول : «إن الاستمرار في بناء المستوطنات يعرقل الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية» وكذلك قالت كونداليزارايس السيئة الذكر. وظل اليهود يبنون المستوطنات ويتوسعون بها، ويهدمون بيوت العرب في القدس وغيرها، وتظل أنت تكرر القول نفسه، وتظل تذهب لتتفاوض مع إيهود أولمرت الذي لا ينفك يضع يده حول رقبتك، وتسيبي ليفني التي تطبطب لك على كتفك وظهرك، متى إذن تأخذ إجراءً يدل على أن المستوطنات عرقلت الحل الذي تسعى إليه؟ إن ما فعلته المقاومة الفلسطينية هو الرد الطبيعي على الاستمرار في بناء المستوطنات. إنه ليس لإيجاد المبرر لليهود ليضربوا شعبنا. فهل يحتاج اليهود إلى مبرر لضربنا؟ ماذا فعل الشعب الفلسطيني لهم حين بدؤوا الهجرة إلى فلسطين عام 1920م، هل أعطاهم الفلسطينيون مبرراً لكي يهاجروا؟ ماذا فعل الفلسطينيون للإنجليز حتى يعطي بلفور وعده المشؤوم لليهود عام 1917؟ وهل أعطوه الذريعة ليفعل ذلك؟ وفي عام 1948م هل أعطى الفلسطينيون لليهود مبرراً لكي يهجّرهم اليهود من ديارهم؟ ، والتهويد الجاري حالياً للقدس بأي مبرر يا ترى؟ إن استمرار المقاومة الفلسطينية ردّ طبيعي على الهجرة المستمرة إلى فلسطين، وردّ طبيعي على استمرار بناء المستوطنات، وردّ طبيعي على استمرار رفض العدو لعودة اللاجئين وردّ طبيعي على استمرار تهويد القدس. وبما أنك أنت الذي قلت : إن استمرار بناء المستوطنات يعرقل الوصول إلى حل. السؤال الكبير الآن هو :
إلى متى ستظل تردد ذلك دون أن توقف المفاوضات؟ متى تفهم أنهم لن يوقفوا بناء المستوطنات، متى يا محمود عباس تبدأ تفهم هذا؟ ، متى تصحو؟ متى تفيق؟ أنت الذي تدعي أنك درست عقلية العدو وفهمتها لم تصل بعد إلى الاستنتاج أنهم يضحكون عليك.
الموقف العجيب الثامن عشر : السكوت عن 700 حاجز في داخل الضفة الغربية
العجيب والعجيب جداً أنك بدأت رئاستك وعدد الحواجز التي تعرقل تنقل الفلسطينيين داخل مدنهم وبلداتهم أقل بكثير. وفي أثناء قمعك للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ومفاوضاتك لليهود على الحل المزعوم زاد هذا العدد أضعافاً، فهل عندك شك بعد هذا أن اليهود لا يحترمونك؟ وأنك بالنسبة لهم الزعيم «اللقطة» الـ fantastic ، الذي لا يجود لهم الزمان بمثلك؟ لأنك مطواع ومتهالك على البقاء في الكرسي بأي ثمن.
يا محمود عباس إن استمرارك بالتفاوض دون التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني هو عبث وأنانية، هو جريمة لا يرضاها لشعبه أي عاقل. أنت تنعم بالرئاسة والتفاوض، والشعب الفلسطيني يُقَتَّل ويمنع من المرور من بلدة إلى بلدة وينتظر على الحواجز ساعات طويلة أدت إلى وفاة عدد من الذين كانوا يحتاجون إلى إسعاف سريع، كما أدّت إلى ولادة بعض النساء. ألا تحس يا محمود عباس بإحساس هؤلاء؟ ألا تشعر بمشاعرهم؟ لماذا لا تضع حداً لهذا؟ هل أنت مؤمن مع اليهود أن هذا الشعب لا بد من الاستمرار بإذلاله ليقبل أي حلّ. إن الضرر الذي نال الشعب الفلسطيني من وجودك كبير جداً. لذلك نقول لك : إرحل الآن قبل الغد.
سمعت بالأمس أحد أزلامك وهو كبير المفاوضين يقول : «نظل نفاوض اليهود خمسين سنة»، هل هذا كلام يقوله عاقل؟ إن أي مفاوضات ينبغي أن لا تطول أكثر من سنة، فإذا طالت تظهر حقائق جديدة و يبدأ العدو يضعها على الطاولة، وتكثر أطماع العدو بدلاً من أن تقل، وهكذا أيها المستمتعون بالكراسي أنتم تظلون تفاوضون في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من القتل والاعتقال ومصادرة الأراضي وتجريف الحقول والقصف وتهديم البيوت، والجدار العازل وتهويد القدس والحفر تحت المسجد الأقصى.
الموقف التاسع عشر : حرصك العجيب على «منظمة التحرير الفلسطينية» وأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني
وهذا عجيب منك يا محمود عباس. رأيتك وأنت تخطب وقد انتفخت أوداجك واحمر وجهك وتشنجت عضلات وجهك. أقول لك باختصار :
(1) إن «منظمة التحرير الفلسطينية» التي ترأسها أنت هي «منظمة التمرير الفلسطينية» وليست منظمة التحرير كما تدعي.
(2) إن «منظمة التحرير الفلسطينية» برئاستك لم يجتمع مجلسها الوطني منذ عشرين عاماً، والاجتماع الوحيد الذي تزعم أنه عقد كان في غزة منذ أكثر من عشرة أعوام، وقد عقد من أجل حذف البند المتعلق بزوال إسرائيل من ميثاق المنظمة بحضور بيل كلينتون رئيس أمريكا في ذلك الحين. ولم يكن اجتماع المجلس قانونياً لأنه لم يحضر فيه ممثلو الفصائل ولا المستقلون من الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن.
(3) لماذا لم تقف هذه الوقفة منتفخ الأوداج ومتشنج عضلات الوجه عندما كانت غزة تقصف ويقتل أطفالها ونساؤها وشيبها وشبانها مدة ثلاثة وعشرين يوماً. يا للعار، ثم تأتي الآن لتزعم أن منظمتك هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ألا تذكر شعار «فتح» الدائم، وهو أن «بنادق الثوار هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».
(4) أنت بدأت التمسك بمنظمة التحرير «المهملة» من قبلك على مدى السنين حين انتهت ولايتك كرئيس للسلطة التي هيأها لك العدو ولذلك لجأت إلى منظمة التحرير لتقول إنك ما زلت رئيساً. إرحل يا محمود عباس فكل ما فعلته وتفعله قد أضرّ بالقضية الفلسطينية، وبقاؤك سيضر أكثر وأكثر. إرحل، ويكفي ضرراً ما فعلت حتى الآن، والذي سيحاسبك عليه الشعب.
(5) إن ممثل الشعب الفلسطيني لا ينتظر الإذن له بحضور قمّة الدوحة لكي لا يذبح نفسه من الوريد إلى الوريد.
الموقف العجيب العشرون : سكوتك عن المعتقلين الأحد عشر ألفاً في سجون العدو الصهيوني العجيب أنك تدعي أنك تفاوض من أجل إطلاق سراحهم
ولو كنت حقاً تريد إخراجهم من معتقلات العدو لشجعت على خطف عشرين من أمثال «جلعاد شاليط»، وشعبنا البطل في الضفة قادر على ذلك، ثم فاوضت على مبادلتهم. هذه هي اللغة التي يفهمها العدو، والتي تكلم بها حزب الله في لبنان عندما خطف الجنود اليهود وأخرج سمير القنطار وإخوانه من سجون العدو. أمثالك يا محمود عباس لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك لأنهم يخافون أن يذبحوا أنفسهم من الوريد إلى الوريد… أليس كذلك؟ ألم تقلها أنت؟
الموقف العجيب الحادي والعشرون : وصفك للعمليات الاستشهادية بأنها عمليات حقيرة وهذا عجيب وغريب بكل المقاييس
ماذا تريد من شعب يرى بأم عيونه القدس تؤخذ أراضيها وتهوّد، والأقصى يكاد أن ينهار فوق الحفريات التي تجري تحته، ماذا تريد من هذا الشعب أن يفعل؟ هل يسكت؟ أم يفعل من المقاومة ما يستطيع فعله؟ هذا أنت سكتّ وقلت لليهود «حاضر»، وفاوضتهم، وقبلّت وجناتهم. هل أعطوك شيئاً؟ لم يعطوك شيئاً. إنهم استخدموا التفاوض معك ليظهروا أمام العالم أنهم يريدون السلام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى استطاعوا أن يقسّموا الشعب الفلسطيني إلى قسمين : قسم يرفض السكوت على جرائم اليهود ويتشبث بالمقاومة وهو الأكثرية، وقسم يحارب المقاومة ويتشبث بالتفاوض دون طائل وهم الأقلية جداً الذين علّمتهم الخوف.
الموقف العجيب الثاني والعشرون : إصدارك الأوامر لقتل كل من يحمل صاروخاً
أنا لم أصدق عيني ولا أذنيّ عندما رأيتك وسمعتك يا محمود عباس في تسجيل تلفازي على قناة «الأقصى» وأنت تخاطب أزلامك وتقول بالحرف الواحد :
«أي واحد منكم بشوف أي واحد حامل صاروخ يُضُرْبُه، يُقُتْلُه، يْطُخُّه. منيح هيك؟» وصفق لك الأزلام. أنت يا محمود عباس تعطي الأوامر لأزلامك أن يقتلوا حملة الصواريخ. ماذا أراد جيش العدو من غزوه الوحشي لغزة غير قتل حملة الصواريخ؟ إذن، تواطؤك مع العدو الصهيوني صار أوضح من الشمس. تواطؤك معهم على إنهاء المقاومة في غزة وإنهاء كل شباب المقاومة ظهر بالصوت والصورة على الشاشة. ماذا بقي يا محمود عباس؟ بقي أن تكون في إحدى دبابات العدو التي كانت تقصف الأطفال والنساء وتمزق أجسادهم في غزة. بقي أن ترافقهم لتدلّهم على بيوت قيادات المقاومة في غزة وأنت ترى اليهود يقتلونهم وأن تستمتع بقتلهم. لماذا يا محمود عباس؟ لماذا بربك؟ هل وصل بك كره المقاومة إلى هذا الحد؟ ومقابل ماذا تقوم بهذه الأفعال؟ مقابل ماذا والعدو الصهيوني يوقفك أنت عند الحواجز في الضفة الغربية، مقابل ماذا وعلاقتك مع الصهاينة أوصلتك إلى أنك تخشى حضور مؤتمر في الدوحة لرؤساء دول عربية جاءوا من أجل دعم فلسطين لأنك إن حضرت تكون تذبح نفسك من الوريد إلى الوريد. إن مواقفك هذه يا محمود عباس قد نزلت بك إلى حضيض الحضيض.
الموقف العجيب الثالث والعشرون : التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني
ما معنى هذا الكلام؟ معناه بالطبع أن يأمروك أنت وأزلامك لكي تقبضوا على كل فلسطيني يطالب بحقه في العودة إلى بيته وأرضه التي اغتصبت منه وأن تسلموه للعدو الذي اغتصب أرضه وبيته، وإذا لم تستطيعوا فإنكم تخبرون العدو الصهيوني لكي تسرع مدرعاته ودباباته لكي تقبض عليه وتقتله، ولكي تهدم بيته وتشرد أهله، أمام أعينكم دون أن يرمش لكم جفن.
والتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني معناه أيضاً أنكم اصبحتم جواسيس لهم تدلّونهم على تحركات رجال المقاومة في غزة حتى تتم تصفيتهم، وأنتم تنظرون إلى أطفال غزة يقطع العدو أرجلهم، ويتلف عيونهم ويفتت لحومهم، كل هذا أمام أعينكم دون أن يرمش لكم جفن. ما هذا؟ لقاء ماذا تفعلون ذلك؟، إن أمتنا سوف تحاكمكم لأنكم تشتركون مع العدو في جرائمه.
الموقف العجيب الرابع والعشرون : وصفك إطلاق الصواريخ على مستوطنات العدو الصهيوني بأنها عملية عبثية وهذا يا محمود عباس أعجب من العجب
عندما يضرب العدو الصهيوني شعبك بالصواريخ الحارقة والقنابل الفسفورية تقف أنت وأزلامك تتفرّجون على هذا الشعب الذي طرده العدو الصهيوني من أرضه ويلاحقه في أماكن لجوئه ليقتله بأعتى وأفتك الأسلحة يفعل ذلك مدة ستين عاماً بكل وحشية وحقد، وعندما يرد الشباب المقامون الأبطال بصواريخ من صنعهم تزعج العدو، وتبرهن له أن هذا الشعب الفلسطيني العظيم لن يخضع وهو مصر على أخذ حقه مهما بلغت التضحيات، تأتي أنت لتقول إن إطلاق الصواريخ عملية عبثية.
بماذا تصف يا محمود عباس استمرارك بالمفاوضات مع إيهود أولمرت وتبادلك القبل معه ومع زوجته الخبيثة، هذه المفاوضات التي مضى عليها حتى الآن أكثر من خمسة عشر عاماً منذ اتفاقية أوسلو المشؤومة، وأكثر من ثمانية عشر عاماً قبل اتفاقية أوسلو؟ بماذا تصف هذه المفاوضات يا محمود عباس؟ أليست عبثية خاسرة؟ بل هي أسفل من عبثية.
إنّ مفاوضاتكم هذه مع العدو أصبحت مهزلة العالم، وتدّعون أنكم ستحصلون شيئاً من العدو بمفاوضاتكم؟ إن المقاومة وصواريخها التي تصفها بالعبثية قد أجبرت العدو الصهيوني على الانسحاب من غزة، فماذا جلبت لكم مفاوضاتكم؟ أنا أقول لك : جلبت لكم مزيداً من المستوطنات ومزيداً من الإذلال ومزيداً من الحواجز… آه نسيت شيئاً.. جلبت لكم مزيداً من الأموال والأرصدة في البنوك. إفرح يا محمود عباس بهذه الأموال، وهذا الذل، وهذا الخوف من أن تذبح نفسك من الوريد إلى الوريد.
الموقف العجيب الخامس والعشرون : الادعاء غير الصحيح المتعلق بنشاطك السياسي
جاء في آخر صفحة من كتابك «طريق أوسلو» ادعاء غير صحيح، وأنا أعجب كيف تورده دون توضيح. وهذا الادعاء هو أنك شاركت في نهاية الخمسينات في تأسيس حركة فتح. وأنت تعلم جيداً أنّ قبولك عضواً في حركة فتح قد تم في عام 1963م، وقد تم ذلك بعد قرار من اللجنة المركزية لحركة فتح، هذا القرار الذي تضمّن أيضاً قبول الشهيد محمد يوسف النجار. وكان دخولك إلى حركة فتح بعد تأسيسها بعدة أعوام، فكيف تدعي أنك شاركت في تأسيس فتح؟ عيب ،عيب أن تدعي ما لم تفعل. ورجال فتح المؤسسون الذين يعرفونك ما زالوا أحياء يعجبون من قولك؟
وفي ختام سرد هذه المواقف العجيبة منك وتوضيح خطرها وضررها على القضية الفلسطينية أكرر ما جاء في المقدمة : إرحل.. إرحل.. إرحل فأنت لم تحقق للشعب الفلسطيني سوى الدمار ، وإن بقاءك سيزيد من سفك دماء بريئة ، وسيكلف شعبنا الفلسطيني المزيد من الشهداء للتخلص من القيود التي ما زلت تعمل على تكبيله بها. إن بقاءك يا محمود عباس سيكلف شعبنا الفلسطيني المزيد من الآلام والشقاء والمعاناة للتخلص من التنازلات العجيبة التي ما زلت تعطيها للعدو المغتصب.
16/2/1430 هـ11/2/2009 مـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق