الثلاثاء، 16 يونيو 2009

الى حركــــة حمـــاس.....د. ابراهيم حمامي


هذه رسالة مفتوحة وسريعة لحركة المقاومة الاسلامية – حماس، آملاً أن تصل لصنّاع القرار وأهل الحل والعقد لديكم، وبدون مقدمات وبعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهذه ملاحظات عامة لا تلزم أحد، لكن الأمانة والحرص تستوجب أن نوصل ما يصلنا عبر الاطلاع والاستماع ومعاينة نبض الشارع، مما يحتم نقله، فلا خير فينا إن لم نقلها....

إن ما تتعرض له حركتكم من تشويه متعمد ومدروس للنيل من مواقفها لا يخفى على أحد، كما هي الضغوط الهائلة من كل حدب وصوب لانتزاع المواقف، وهو ما بات يؤرق المواطن العادي، خاصة بعد ما سنسرده من ملاحظات، وهي:

1) لقد أصبحت بيانات حماس المتكررة وبعد كل جريمة بشعة في الضفة الغربية مثيرة للسخط أكثر منها توضيحاً لموقف، فالمتتبع والقاريء للبيانات الثلاثة الأخيرة (جريمتي قلقيلية وجريمة المغدور هيثم عمرو)، لا يجد كبير عناء في ملاحظة أنها منسوخة مع تغيير الاسم والتاريخ والمكان، وتتلخص في إدانة الجريمة، تحميل عبّاس وفياض المسؤولية، نداء للراعي المصري والحرص على الحوار!

إن تلك البيانات هي ما يزيد من تغول واستشراس أجهزة القمع في الضفة الغربية، وجعلها أكثر دموية وتوحش بعد أن عرفت ردة الفعل، وعلى طريقة المثل "اللي بتعرف ديته اذبحه"، بل ان تلك البيانات والمواقف جعلتهم لا يحترمون لا خطوط حمراء ولا خضراء ولا صفراء، لا حصانة لنائب في التشريعي، ولا حرمة لإمرأة أو بيت، ولا قدسية لمسجد!وعليه نتمنى عليكم التوقف عن اصدار تلك البيانات المكررة، حتى وان فُهم ذلك بأنه لا موقف أو سكوت، لأن الموقف عبر البيانات أسوأ من عدمها، والسكوت ربما يربك الطرف المجرم حين لا يأمن ردة الفعل.لا نطالب بردات فعل "غرائزية" أو "عاطفية" كما وصفها البعض ونفذها البعض الآخر في غزة، لكن مواقف حقيقية تحفظ وتصون أهلنا في الضفة الغربية، ولا نشك في قدرتكم على اتخاذ تلك المواقف وتقديرها.

2) الحوار والمصالحة والوحدة الوطنية أمور فلسطينية فلسطينية أمور جميلة يتمناها كل حريص وغيور على مصلحة شعبه، لكن هذا عندما تكون بين طرف فلسطيني وفلسطيني حر الارادة، لا بين طرف فلسطيني وآخر يتبنى وجهة نظر الاحتلال، ينوب عنه ويناور ويماطل لانتزاع اعتراف به، الحوار الدائر في القاهرة تحول إلى "عملية" حوار، كما هي "عملية" المفاوضات، اجتماع ليوم أو اثنين وتأجيل لأسابيع. لقد قبلتم بشكل أو بآخر، برضاكم أم مرغمين على الربط بين ملف الحوار والمصالحة وملف إعادة الاعمار، وهو ما أكسب زمرة رام الله ورقة ضغط إضافية، والمستفيد الأوحد من المماطلة والتسويف هو الطرف الذي زاد اجرامه في الضفة الغربية، ويحاول الضغط عبر المماطلة والتسويف وتشديد الحصار لتأليب غزة على الحكومة، لا يوجد لديهم ما يخسرونه، ولديكم الكثير لتخسروه!غزة ما زالت تأن وتتألم، وجراحها لم تندمل في انتظار الفرج بعد العدوان الاجرامي الوحشي بداية هذه العام، ما زال الناس في العراء، وحاجياتهم اما غير متوفرة أو هي بأبهظ الأثمان، خاصة مع مجهودات الحكومة المصرية الحثيثة في قطع شرايين الحياة عن قطاع غزة عبر اقفال المعبر ومحاربة الانفاق، وصبر أهل غزة لن يدوم للأبد على ظروفهم المأساوية، خاصة في ظل التربص والتحريض من خفافيش الظلام.وعليه نتمنى عليكم - وهذا أضعف الايمان – إما تحديد سقف زمني لهذا الحوار أو فك الارتباط نهائياً بين ملفي المصالحة واعادة الاعمار، هذا إن آمنا أن هناك طرف فلسطيني آخر سيصل إلى نتيجة واتفاق ويلتزم به، طبعاً بعد أن يوقف جرائمه في الضفة الغربية وتآمره على قطاع غزة.

3) بعد كل لقاء أو زيارة أو حديث مع مسؤول غربي، تبدأ الحملات الاعلامية الموجهة للتشكيك والخوض في موقف حماس، خاصة فيما يتعلق بما اصطلح على تسميته حل الدولتين، ورغم معرفتنا ويقيننا بأن موقف حركتكم لم يتغير منذ أعلن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله مبادرته في ثمانينيات القرن الماضي، إلا أن بعض الغموض والتعميم المقصود في مخاطبة الغرب قد أوجد لبساً لدى شريحة من أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة مع تركيز الحملات الموجهة على أن حماس تتبع خطى فتح في التفريط المرحلي.وعليه وبعد الخطاب الأخير الواضح والصريح لنتنياهو نتمنى عليكم اعادة تأكيد موقفكم من موضوع الدولة الفلسطينية على أراضي عام 1967 وكما نفهمه، أي دولة مستقلة كاملة السيادة، القدس عاصمة لها، عودة اللاجئين إلى ديارهم وبلداتهم وقراهم الأصلية، إزالة جميع المستوطنات، ودون اعتراف بشرعية أو حق للمغتصب في أرضنا، ومقابل هدنة طويلة الأمد. هذا هو موقفكم كما نفهمه، وكما نتفهم الحاجة للغة دبلوماسية للتعامل مع الاستحقاقات السياسية، لكن الثوابت لا تقبل تشكيك المشككين ممن غرقوا في مستنقع التفريط، ويحاولون جاهدين جر الجميع إليه، فلا تعطوهم الفرصة.

4) وبناء على الملاحظة السابقة نزيد ونقول: لا شك لدينا أنه لا يخفى عليكم أن الغرب بتودده وفتحه لقنوات الاتصال معكم، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، إنما يأمل بتكرار تجربة فتح معكم، أي سياسة الاحتواء المعروفة، خطوة مقابل موقف ، خطوة أكبر مقابل تغيير في موقف أو مبدأ، مكافأة سياسية أو اقتصادية مجزية مقابل تنازل أكبر، وهكذا، حتى تتحول حركة التحرير إلى وكيل للمحتل كما نشاهد ونشهد اليوم.إنهم يلوون ألسنتهم بمعسول الكلام، ومواقفهم هي هي لا تتغير ولا تتبدل، يمطروننا بالمواعظ والعموميات كما فعل الرئيس الأمريكي أوباما في القاهرة، ويحددون بشكل واضح كحد السيف دعمهم المطلق للاحتلال، قالها أوباما قبلاً في "ايباك"، وبعدها في ترحيبه بترّهات نتنياهو التي أسقطت كل مقومات السلام المزعوم، وكررها كارتر الوسيط المفترض عند زيارته بالأمس لمستوطنة غوش عتصيون وتأكيده أنها باقية ولا يمكن تخيله أن تزال!وعليه نتمنى منكم الحذر الحذر ، الغرب لم يتغير، وان كان يصرّح مسؤول هنا أوهناك ب "إيجابية" فهو لخشيتهم على أمن "اسرائيل" ومستقبلها، وليس خشية علينا، وهم في أفضل أحوالهم يساوون بين الضحية والجلاد كما فعل بلير في زيارته يوم أمس لغزة، يساوون بين القاتل والمقتول، بين المحتل ومن يرزح تحت الاحتلال، بين المقاومة المشروعة وارهاب الدولة المنظم، لن يجبرهم على تغيير مواقفهم إلا صاحب المبدأ، المؤمن والمتمسك به، القوي بإرادته، المتحصن بشعبه، المتشبث بحقوقه وثوابته.

5) السبب الرئيسي لكل ما جرى ويحري، والمغذي للانقسام وغيره هو الاحتلال ومن يسانده، الاحتلال الذي يستغل ما يحدث لاستكمال مخططاته التوسعية والاجرامية بحق شعبنا، فلسطين ليست غزة فقط، كما أنها ليست غزة والضفة فقط، والشعب الفلسطيني ليس فقط من يعيش داخل فلسطين.وعليه نقول لا تنسوا في غمرة الضغوط والمؤامرات أن القدس تضيع، والأقصى يصرخ، وغزة تأن، والضفة تنزف، وأهلنا في الداخل يتآمرون لترحيلهم، وأبناء شعبنا في الخارج من لاجئين يتم التآمر على تصفية حقهم في العودة، وقضيتنا لا تختصر أو تختزل في برنامج حكومة أو اصلاح لمنظمة في الانعاش، أو حوار بلا سقف ولا نتيجة.إننا نضع تلك الملاحظات السريعة أمامكم لأنكم اليوم من يرفع لواء الحقوق والثوابت، ومن يقود المقاومة، ومن اختاره الشعب الفلسطيني في الداخل وعبر انتخابات حرة ونزيهة ليمثله، ومن رفض ويرفض الرضوخ والتركيع رغم الحصار والتجويع.لن تخترق الحصون، لن تسقط القلاع، لن تنتزع المواقف، كانت شعارات السيد اسماعيل هنية قبل ثلاثة أعوام، لكم نتمنى اليوم أن نسمعها من جديد!والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق