سبق للجنرال "دايتون" – راعي نهضة فتح الحديثة – أن وصف المقاتل الصهيوني الناطق بالعربية والذي تنتجه مؤسسته الأمنية بأنه "فلسطيني جديد". الفلسطيني الجديد لمن لا يعلم هو كائن حي من الثدييات العليا – هو مثل البشر لديه 46 كروموسوم – لكن ضميره ميت ويتميز بانعدام المروءة والأخلاق والحس الوطني والديني؛ وهو يربط حياته ومصيره بعلة البقاء على قيد الحياة وهي "الراتب"؛ ويفهم أن الراتب منفعلٌ بسببٍ وفاعلٍ رئيس هو ضمان أمن الكيان وحمايته من "الإرهاب".وهذا "الفلسطيني الجديد" الذي يحمل بندقية يقتل بها المطاردين من المقاومين والمجاهدين يحتاج "فلسطينيين جدد" في مختلف مواقع السياسة والإعلام، لتغطية نشاطه الذي هو علة تمويل وبقاء القادة والزعماء والسياسيين في فتح، ومتعيشتها في منظمة التحرير – طربوش فتح الأوسع قليلاً – ونشاطه الخياني هو أيضًا علة بقاء باقي طفيليات "العمل الوطني" التي تحتل هذه الطبقة أو تلك في هرم الارتزاق الدايتوني. تعالوا الآن نستعرض مواقف بعض شرائح هذا الهرم من أحداث قلقيلية لنفهم مكنونات أنفس ساكنيه بشكل أفضل:
1. محمود عباس: يسكن إلى الأدنى من قمة الهرم بقليل،تحت الجنرال مباشرة وفي نفس المستوى – حتى الآن على الأقل – مع سلام فياض (رغم أنه يُعْتَقَدُ وعلى نطاق واسع أن فياض هو الموجود تحت "الفردة اليمين"). الرجل أصدر بيانًا عزى فيه شهداء الواجب "الدايتوني" وأشاد بجهودهم لحفظ الأمن (الصهيوني). وأنا لا أحب أن أشمت في ميت – حتى لو كان "شارون" – لكن أنبه إلى أن هناك حديثًا نبويًّا شريفًا عن عذاب الميت ببكاء أهله عليه؛ وإن صح ذلك – ونترك الأمر لأهل الحديث والفقه للفصل فيه على أية حال – فسيمكننا القياس والظن بأن تعزية عباس تلك تستدعي من أهاليهم مزيدًا من اللطم على الهلكى الذين جاءتهم "مصيبة" أخرى من الحياة الدنيا – فوق شِقْوَةِ ما ماتوا عليه - حين عزى بهم كبير العملاء في بيت المقدس،وأكناف بيت المقدس....
2-سلام فياض: قال خازن بيت المال الدايتوني أنه "يأسف لما حدث" لكنه "لا يعتذر" لأن "هذه حكومة مصممة على حفظ الأمن والنظام العام" (الصهيوني). نقول لسلام: "لا تعتذر (الآن) عما فعلت"؛ فسيأتي يومٌ تعتذرون فيه عما فعلتم وسيقال لكم: "لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون"
.3. حسين الشيخ: أصدق القوم في كذبهم وأوضحهم في فجورهم. هذا الجاسوس قال "خلية القسام تمت تصفيتها لأنها تهدد الاتفاقيات التي تم التوصل لها مع الجانب (الإسرائيلي)". أما نحن فنقول: لن ننسى ولن نصفح ولن نغفر؛ وكل ما قلتم وفعلتم مثبت في كتاب حتى ميقات يوم معلوم سترد فيه الودائع؛ وستعلمون فيه أن لكل أجل كتاب. وحتى ذلك الحين تابع خفارة قوافل أسيادك أيها "الفلسطيني الجديد" وتابع تعزيتهم في قتلاهم (كما فعلت منذ أسابيع قليلة حين زرت أهل جندي صهيوني هلك في حادث سير لتشاطرهم أحزانهم).
4. حفنة من قادة الأقاليم والقيادات في فتح: هؤلاء غضبوا لأن عباس كان ينوي العبث ببعض مخصصاتهم وامتيازاتهم في الزعامة لكنهم عادوا ولبوا نداء التوحد على خدمة "إسرائيل" وحماية أمنها خلف "قائدهم العام". أحد هؤلاء (من حسن حظه أنني لم ألتقط اسمه لأسجل مآثره الآثرة منسوبة إليه) قال أن على حماس العودة لفتح "صاحبة المشروع الوطني" ومنظمة التحرير "صاحبة المشروع الوطني"...يرجى من السادة القراء البصق في سلة المهملات حفاظًا على نظافة مدينتكم!
5. جبهة ما: أصدر أحد قادتها – بادئ الأمر – بيانًا كسيحًا معلولاً لكنه احتفظ بالحد الأدنى من مقومات الموقف الوطني حين قال: " أشجب وأدين بأقوى التعبيرات ملاحقة المقاومة والمقاومين ومعها كل أشكال ومضامين التنسيق والتعاون الأمني مع أجهزة الاحتلال المجرم". لكن القيادة الجماعية سرعان ما اكتشفت أنها هي الأخرى "فلسطينية جديدة" و"مش عتيقة"؛ فاستشارت محاميا – على ما يبدو – ليكتب لها تصريحًا موزونًا بميزان حساس: ظاهره الوسطية والحياد بين الخائن والمجاهد – لدرجة تثير الغثيان – وباطنه التغطية على الجريمة ودعوة المجرم للتحقيق فيما حصل له وحصل للطرف الآخر على السواء! تخيلوا بيانا يروَّس بعبارة تقول: " استخدام السلاح في علاج العلاقات الوطنية خدمة للاحتلال ومخططاته"...فهل جنود دايتون أطباء وحكماء "معالجون"؟ وهل حفظ أمن الكيان صار مادة خلاف موضوعية في "العلاقات الوطنية"؟ الآن فقط عرفت لماذا حين زارَ فلسطينَ أوروبيٌّ يساريٌّ ثائرٌ عريق – "جيري آدمز" من الجيش الجمهوري الأيرلندي – فإن الإعلام احتفل بلقائه باسماعيل هنية وليس بالرفاق! لقد انتقلت الثورة من هؤلاء القوم للأبد ولم يبق لهم إلا شهادة الميلاد الدايتونية...وفك الله أسرك يا سعدات!
6. جبهة ما أخرى (تنويه: بضم الهمزة): عبرت هذه الجبهة عن "رفضها المطلق لتوجيه السلاح إلى قوى الأمن الفلسطينية"! "شايفين البجاحة والأباحة"؟ "شايفين العمل الوطني قديش بِيْلِمْ"؟
7. أما ختامه فقطران و"زفتة مغلية": فمراسلة تلفزيونية نابهة في قناة عريقة تستحق على أرض فلسطين فريقًا صحافيًّا أكثر التزامًا ومهنية – هذه المراسلة بذلت في حماية سمعة قاتلي المجاهدين جَهْدَهَا؛ واحتالت في ذلك حتى أثبتت أنها "فلسطينية جديدة" (ولا تغرنكم الأسماء الثورية)! فهي اشتكت من "تأخير حواجز قوات الاحتلال" للنفير الدايتوني الذي تداعى على قلقيلية – من رام الله وجنين وطولكرم - لضرب رجلين اثنين من حماس (كأنها تقول أن القوم على خير وإلا ففيم يؤخرهم الصهاينة؟) وخففت من وقع خطف الأجهزة العميلة لجثامين الشهداء ونقلها إلى سلفيت بالقول بأن سلفيت مدينة قريبة (من قلقيلية؟!) وبررت ذلك بأنه جاء "لتنفيس الاحتقان" – وكل ذلك بلسانها وبرأي صدر منها ودون أن تنسب الكلام لطرف بعينه – بدعوى أن قلقيلية مدينة ذات طابع عشائري؛ ودون أن تخبرنا مثلاً عن سبب عدم نقل جثث "شهداء دايتون"؟هؤلاء هم "الفلسطينيون الجدد"؛ فاعرض أيها الفلسطيني عقلك ووعيك ورأيك وخياراتك السياسية على ما يقولون ويفعلون؛ واختر لنفسك بين الجديد والقديم؛ فالمقاومة والثوابت هنا؛ و"دايتون" و"مشروعه الوطني" هناك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق