تناقلت التقارير المعلومات والأخبار حول صراع القوات الباكستانية مع حركة طالبان الباكستانية من أجل السيطرة على منطقة وادي سوات على أساس اعتبارات "الوضع الجزئي للنزاع"، والذي يفيد لجهة أن حركة طالبان الباكستانية هزمت القوات الباكستانية التي تقدمت ونجحت في استرداد سيطرتها على وادي سوات، لكن ما لم تتطرق له التقارير والتحليلات يتمثل في الاعتبارات المتعلقة بـ"الوضع الكلي للنزاع".
* الوضع الكلي للصراع:
ماذا تقول المؤشرات؟
تحالفت إسلام آباد مع واشنطن في مشروع الحرب ضد الإرهاب وتأسيساً على ذلك تحولت باكستان إلى القيام بدور الممر وقاعدة الإسناد الخلفية للقوات الأمريكية والدولية التي قامت بغزو أفغانستان ولكن بعد مرور ثماني سنوات على ذلك ظهرت المعلومات والنتائج الآتية:
• بدأت الحرب على أساس اعتبارات أن القوات الأمريكية تسعى إلى القضاء على تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية التي توفر له المأوى، والآن أصبحت الحرب ضد طالبان الباكستانية وغيرها من المليشيات الأخرى.
• المسرح الحربي كان يتمثل في أفغانستان وتحديداً مناطق جنوب أفغانستان ولكن المسرح الحربي الحالي يختلف عن الأول فقد أصبحت باكستان هي المسرح.
• أطراف الصراع كانت تتمثل في القوات الأمريكية وقوات طالبان الأفغانية والآن أصبحت تتمثل في القوات الباكستانية وقوات طالبان الباكستانية.
• كانت القوات الباكستانية تقدم الدعم للقوات الأمريكية في حربها ضد طالبان الأفغانية المدعومة من الحركات الإسلامية الباكستانية، والآن أصبحت القوات الأمريكية تقدم الدعم للقوات الباكستانية في حربها ضد طالبان المدعومة من الحركات الإسلامية الأفغانية.
المعلومات المشار إليها تنطوي على قدر من الدراماتيكية السياسية ولكن على أساس التفسيرات العسكرية – الأمنية، فهي معلومات تتضمن قيمة استخبارية عالية، تفيد لجهة التكهن بسيناريوهات الصراع القادمة في شبه القارة الهندية وطاقة تمددها العالية العابرة للحدود وصولاً إلى آسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط.
* سيناريو ما بعد معركة وادي سوات؟
تقول التقارير أن تنظيم القاعدة أصبح خارج المعركة الدائرة الآن في شبه القارة الهندية وفقاً لكل الحسابات العسكرية الاستراتيجية والتكتيكية. وحالياً لم يعد تنظيم القاعدة سوى مجرد قيمة رمزية.تقول المعلومات الجارية أن الوضع الميداني الباكستاني أصبح ينطوي على الآتي:
• انسحبت عناصر طالبان الباكستانية من وادي سوات وتقوم الآن بالاستعداد لخوض مواجهة جديدة في وزيرستان.
• كثفت القوات الباكستانية من وجودها في منطقة المحافظة الشمالية الغربية بما يتيح لها مزايا التمركز في المناطق الجبلية الوعرة.هذان التطوران يشيران إلى الآتي:
• تزايد احتقانات العنف السياسي الهيكلي الباكستاني وذلك لجهة أن حالة الانقسام الاجتماعي ستأخذ طريقها في الشارع الباكستاني وبكلمات أخرى، يشكل الباشتون 20% من السكان بينما يشكل البنجاب حوالي 64%.
• تزايد احتمالات انعكاس التعبئة الفاعلة السلبية على تماسك أجهزة الأمن والقوات الباكستانية فالضباط من البنجاب بينما الجنود من الباشتون وإزاء تطور الصراع فإن كل التقديرات والتخمينات ترجح احتمالات أن يؤدي تصعيد الحرب الأهلية الباكستانية إلى تفكك المؤسسة العسكرية – الأمنية.
* الأبعاد غير المعلنة لاستراتيجية إشعال الساحة الباكستانية:
أكدت إدارة أوباما في بداية الأمر على تفعيل الحرب وفقاً لاستراتيجية البدء بالمسرح الأفغاني ثم الانتقال إلى المسرح الباكستاني، ولكن بسبب التطورات الجارية غيرت الإدارة الأمريكية الاستراتيجية واعتمد البنتاغون استراتيجية البدء بالمسرح الباكستاني ثم الانتقال إلى المسرح الأفغاني.بشكل مواز لخلافات الخبراء الأمريكيين حول أيهما يتوجب البدء به أولاً ظهرت المعلومات الآتية:
• نقلت وزارة الدفاع الأمريكية البلدوزرات إلى منطقة معسكر بشرنيك التابع للقوات الأمريكية في أفغانستان.
• تقوم الطائرات الأمريكية الضخمة بنقل كميات هائلة من العتاد العسكري والإلكتروني والأجهزة المتطورة.
• تم تحديد منطقة تبلغ مساحتها 179 هكتاراً وتأمينها بواسطة القوات الأمريكية.
• تم حشد عدد كبير من قوات المهندسين وبحسب آخر المعلومات يبلغ عدد عناصر الهندسة الموجودة في المنطقة حوالي 8 آلاف عنصر.
• تم إحضار 55 طائرة هليوكابتر إضافة إلى بعض الطائرات الأخرى.
• تم إعداد مدرج لهبوط الطائرات يبلغ طوله 4860 قدماً.
وتقول المعلومات أن آلاف الشركات الأمريكية تتصارع حالياً من أجل الحصول على موافقة البنتاغون لجهة منحها مناقصات المشاركة في تشييد أكبر قاعدة عسكرية في العالم وهي القاعدة التي ستقوم أمريكا بإنشائها في المنطقة المعروفة باسم "صحراء الموت" الأفغانية.إضافة لذلك، تقول المعلومات أن القاعدة الأمريكية الجديدة ستكون مجهزة لاستضافة حوالي 68 ألف جندي وتحدث الخبراء كثيراً عن أفغانستان ومدى أهمية قيام الولايات المتحدة بالسيطرة عليها لجهة المزايا الجيوستراتيجية الآتية:
• تتميز أفغانستان بالارتفاع إضافة إلى موقعها في وسط القارة الآسيوية.
• تشير معطيات استخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية إلى أن أفغانستان هي الموقع المثالي بين كافة أنحاء الكرة الأرضية لإقامة محطات ومراكز التجسس والإنذار المبكر الإلكترونية في العالم.
• تقع أفغانستان وسط دائرة تضم أطرافها خمسة قوى نووية هي: روسيا من الشمال، الصين من الشرق، باكستان والهند من الجنوب، إيران من الغرب.
• التمركز في أفغانستان يتيح لأمريكا ما يلي:
- زعزعة استقرار مناطق غرب الصين (عن طريق استخدام الإيغور في مناطق سينكيانج واستخدام البوذيين في مناطق التيبيت).
- زعزعة استقرار جنوب روسيا عبر آسيا الوسطى.
- زعزعة استقرار شرق إيران عن طريق استخدام الحركات السنية في إقليم بلوشيستان.
على هذه الخلفية تظهر النتيجة المثيرة للاهتمام فالمطلوب أمريكياً يتمثل في الآتي:
• تحويل الصراع من الساحة الأفغانية إلى الساحة الباكستانية.
• تهدئة الصراع في الساحة الأفغانية يتيح لأمريكا بناء القاعدة العسكرية الأكبر في العالم.
• زعزعة استقرار باكستان تتيح إضعاف باكستان وإخراجها من النادي النووي العالمي بما يحقق رغبة الإسرائيليين بضرورة عدم السماح لأي دولة إسلامية بامتلاك القدرات النووية مهما كانت حليفة لأمريكا وإسرائيل والغرب.إضافة لمشروع القاعدة العسكرية فقد بدأت أولى ملامح تمديد خط أنابيب نفط بايبلانستان وتقول المعلومات المثيرة للاهتمام أن إيران وافقت على المشاركة في المشروع والذي ستشرف عليه الشركات الأمريكية وعلى ما يبدو فإن ثمة صفقة قادمة بين أطراف مثلث إسلام آباد – كابول – طهران، وأضافت التسريبات بأن منطقة بلوشيستان الباكستانية ستمثل الجائزة الكبرى التي ستحصل عليها واشنطن وذلك لأن زعماء الحركات السنية الإسلامية البلوشيستانية الباكستانية قطعوا شوطاً كبيراً في مفاوضاتهم مع الإدارة الأمريكية بما يتيح فصل بلوشيستان عن باكستان وإنهاء تمرد بلوشيستان الإيرانية لإرضاء طهران، وبعد ذلك يتم تمديد خطوط النفط والغاز من آسيا الوسطى بحيث تكون بلوشيستان الباكستانية بمثابة منصة التصدير الرئيسية المطلة على المحيط الهندي لتزويد الدول الآسيوية بالنفط. ويقول الخبراء أن بلوشستان باكستان أصبحت مرشحة أمريكياً للقيام بدور "دبي المحيط الهندي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق