الخميس، 25 يونيو 2009

لماذا حزب الله فقط وليس حماس أيضاً؟ ....عريب الرنتاوي


في الثالث عشر من حزيران الجاري ، اجتمع في بيروت الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا بالنائب اللبناني عن حزب الله حسين الحاج حسن ، في خطوة هي الأولى من نوعها على هذا المستوى وعلنا ، بين مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي وأحد قادة حزب الله.

وفي الثامن عشر من الشهر ذاته ، أي بعد مرور أقل من أسبوع على اجتماع سولانا - الحاج حسن ، اجتمعت سفيرة المملكة المتحدة في لبنان فرانسيس ماري غاي مع رئيس كتلة حزب الله في البرلمان النائب محمد رعد ، وهو الحدث الأول من نوعه منذ أن قررت بريطانيا مباشرة الاتصالات السياسية مع حزب الله.
وقبل سولانا وغاي ، كانت أبواب الدبلوماسية الفرنسية تنفتح على مصاريعها لمندوبي حزب الله وممثليه إلى حوارات سان كلو ، وكانت الاتصالات الفرنسية مع حزب الله أكثر من أن تعد وتحصى.

لماذا تحاور أوروبا حزب الله ، وتمتنع أمريكا عن فعل ذلك؟.

لماذا تحاور أوروبا حزب الله ولا تفعل شيئا مماثلا مع حركة حماس ، مع أن الحزب والحركة ينتميان إلى مدرسة «الإسلام السياسي المقاوم» ذاتها ، برغم اختلافاتهما المذهبية ، وبرغم أن كلا الفصيلين حملا السلاح وما زالا يحملانه في مواجهة إسرائيل.
أوروبا أكثر تخففا من الولايات المتحدة من ثقل اللوبي اليهودي وجماعات الضغط الموالية لإسرائيل ، وأوروبا اعتادت أن تقوم بدور «تجسيري» للفجوات التي تباعد الغرب عن بعض خصومه السياسيين ، وهي لعبت وتلعب دور «البلدوزر» و«الدوبلير» ، البلدوزر الذي يمهد الطريق للدبلوماسية الأمريكية المثقلة بالحسابات والتحسبات ، و«الدوبلير» بلغة السينما هو الممثل البديل الذي يقوم بالأدوار نيابة عن الممثلة الأصيل طيلة فترة انشغاله أو عدم اعتنائه بتصوير لقطات محددة.

لكنّ لأوروبا مع ذلك حدودا لا تخرج عنها دبلوماسيتها إلا نادرا ، وغالبا بالتنسيق مع واشنطن ، وبما لا يغضب إسرائيل إلى الحد الذي يفضي إلى تأزيم في العلاقات ، فأوروبا التي تنفتح على حزب الله ، ما زالت تصر على شروطها الثلاثة (شروط الرباعية) للحوار والاتصال مع حركة حماس ، مع أن الأول يرفض هذه الشروط بصورة أشد حزما ووضوحا من حماس ، فهو الرائد في استخدام العنف (المقاومة) ، وهو «المبشر» بزوال إسرائيل والمنافح الأول ضد التطبيع معها والاعتراف بوجودها ، وهو الأكثر تحريضا وسخرية وإدانة للاتفاقيات العربية الإسرائيلية السابقة ، وليس للاتفاقيات الفلسطينية - الإسرائيلية فحسب.

أوروبا تعرف ذلك بلا شك ، ولكنها تميز بين حركة حماس وحزب الله ، تقاطع الأولى وتنفتح على الأخير ، برغم أن كثير من الدبلوماسيين الأوروبيين الكبار الذين حاورهم كاتب هذه السطور ، قرأوا مواقف حماس وممارساتها على النحو التالي:

القبول بالهدنة طويلة الأمد (10 - 15 عاماً) يعادل نبذ العنف (الشرط الأول) ، القبول بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران يعادل الاعتراف بإسرائيل على أراضي 48 (الشرط الثاني) ، احترام الاتفاقيات المسبقة وقبول المشاركة في مخرجاتها (السلطة الفلسطينية) يعادل الالتزام بها (الشرط الثالث).

لماذا إذن ، ترفض أوروبا الحوار مع حركة حماس ، الأكثر اعتدالا بحسابات الإسلام السياسي وتصنيفاته من حزب الله ، والأقل ارتباطا منه بإيران ، والأكثر ميلا من الحزب للتكيف مع مقتضيات المشاركة في عمليتين سياسيتين متوازيتين: عملية السلام ، وعملية المشاركة في الانتخابات والسلطة. ؟

الجواب ببساطة يعود للابتزاز الإسرائيلي ، فإسرائيل لا تخوض صراعا مع حزب الله على الأرض اللبنانية اللهم إلا إذا أخذنا على محمل الجد حكاية الغجر والمزارع والتلال ، في حين أن حربها مع حماس تدور حول «يهودا والسامرة وأورشليم القدس» ، وهنا تبدو حماس بكل المعايير الإسرائيلية العدو الأشد خطرا الذي لا يتعين التسامح مع إي اتصال معه أو انفتاح عليه ، الأمر الذي يفسر تلكؤ أوروبا وازدواجية معاييرها ، ويدفع على الاعتقاد بأن إدارة أوباما ستحتاج إلى وقت أطول - ربما - للانفتاح على حماس والاتصال بها ، رغم إشارات أوباما الإيجابية في خطاب القاهرة ، إسرائيل تقاطع حماس ، وتتشدد في فرض مقاطعة الآخرين لها ، لأنها ببساطة لا تريد شريكا فلسطينيا في عملية السلام ، بل ولا تريد هذه العملية برمتها ، وطالما أن عباس ضعيف في مواجهة الإرهاب ، وحماس هي الإرهاب بعينه ، فمعنى ذلك أنه ليست هناك عملية سلام ولا دولة فلسطينية ، ليست هناك لا رؤية ولا مبادرة ولا خريطة.. هنا الوردة فلنرقص هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق