المراسل الصحافي سمير أبو شمالة لا زال على رأس عمله في الجزيرة. الحمدلله رب العالمين (الذي لا يحمد على مكروه سواه). كنت أظن أنهم عاقبوه بفصله من عمله لمجرد أنه سخر بالشهيد سعيد صيام (وتكلم أيضا ببعض كلام سقط الشوارع) في شريط مسجل تسرب من كواليس عمله.لا يجب أن يعاقب سمير فهو ابن المرحلة وأحد رموزها. ألا يكفي أن الرجل "أعرب عن أسفه"؟ كان على الجزيرة أن ترقيه وترشحه لإحدى الجوائز الصحافية والإعلامية العربية السنوية؛ فينال "السعفة الذهبية للتشكيك في ثوابت المجتمع العربي والإسلامي" عن دوره في فلم "إهانة شهيد – بلا شهيد بلا بطيخ". وأقترح أن يسلمه الجائزة أسامة سرايا أو من ينوب عنه (للعلم أسامة سرايا يفعل ذلك ورأيته يسلم جائزة ما في حفل ما في دبي رغم أنها لم تكن عن "فرش الملاية" أو "الاستاذية في الإعلام المخابراتي").
ومثل سمير أبو شمالة يجب تكريم محافظ نابلس د. جمال محيسن. جمال قدم تبريرًا قانونيًّا ودستوريًّا فائق التحضر والرقي لاعتقال نساء الحركة الإسلامية حين قال أن "النساء والرجال متساويات أمام القانون". أرأيتم كم هو الشعب الفلسطيني متفوق ومتقدم و"راكي" (بالفلاحي)؟ لدينا "جان جاك روسو" في سلطتنا الوطنية (العميلة) ولذلك حُقَّ لنا أن نفخر وحق لأهلك يا جمال أن يرفعوا الرأس "واطئًا". بما أن الرجال والنساء سواسية أمام القانون كما يقول نطاسي الحقوق وخبير التقنين والدسترة فلا حرج إذًا في توقيف غفران الزامل (أخت استشهادي من القسام) وعبير الخضري (مثل الأولى) وسماح النادي (زوجة رياض النادي الأسير لدى سلطة العملاء) وهدى مراعبة (زوجة الشهيد عبدالناصر الباشا ومضيف الشهيد محمد السمان وهي مصابة بجراح خطرة ومريضة بالسرطان). ولا حرج في اعتقال زوجة عبدالفتاح شريم الأسير المعتقل لدى سلطة العملاء (وأحد مضيفي شهداء قلقيلية القساميين المغدورين بنيران العملاء). ولا حرج في اعتقال زوجتي الأسيرين أحمد أبو العز ومحمد داود أو اعتقال وجيه أبو عيدة وزوجته. ولا حرج في شبح النساء في سجن نابلس؛ فلا شك أن "النساء والرجال سواسية أمام الشبح"؛ وجمال محيسن مستعد لأن يشبح أمه لو أن ولي نعمته ورزقه "دايتون" رأى أن في ذلك مصلحة "للمشروع الوطني". ولا حرج في اعتقال أم الطاهر الخراز (57 عامًا ومصابة بالسكري وزوجة وأم وحماة لنحو سبعة رجال تتوزعهم سجون الصهاينة وسجون كلابهم) فلدى الشعب الفلسطيني قانون عابر للأعمار وعابر للجنس والنوع الاجتماعي (حتى أنه عابر للنوع الحيواني حين يعين بعض الكلاب في رتب ضباط ووزراء ومحافظين وقادة ومناضلين!)
لم يعد هناك من ثابت في الإعلام الفلسطيني إلا الحرص على الوسطية في كل شيء؛ والحرص على تلاوة رواية "كتائب عملاء الهيكل" وقراءة بيانهم المكتوب في مقرات المخابرات على شاشة الجزيرة للتغطية على عمالة أسيادهم مشتري سلاحهم (كما بثت ذات الشاشة ذات يوم) ومسترقيهم للعمل في خدمة دايتون وضمن أجهزته. لم يعد هناك من ثابت في العمل السياسي والأمني الفلسطيني – الفتحوي تحديدًا وحتى نسمي الأشياء بأسمائها – إلا الحرص على تطبيق خارطة الطريق وإعادة المستوطنين الذين "يضلون الطريق" لمحميات لحد وكلابه. أما الشهداء والدين والوطن والنساء والحصانة الاجتماعية فهي تراث انتهى عهد احترامه ونسخ ورفع!
يتم الآن في فلسطين قتل واعتقال المطلوبين للكيان بأيدٍ فلسطينية؛ ويتم اعتقال محاضري الجامعات والطلاب والأئمة والأسرى المحررين ولا يضير هذا أحدًا في طريق الإعلام والسياسة الفلسطيني الثالث. هناك فقط تكرار لتسجيل الحساسية المفرطة تجاه وصف أذناب دايتون بأنهم عملاء؛ مع أن دايتون نفسه قال ذلك وقدمه لبني قومه في دراسة مكتوبة وكرائد لهم في الاقليم؛ والرائد لا يكذب أهله؟
أنا لا أعرف إن كانت أم "جمال محيسن" على قيد الحياة أو لا. كنت أود أن أسألها على أية حال إن كانت قد "فرقت ملبس" حين ولدت هذا العمل غير الصالح أم أن قدومه كان شؤمًا من يوم كان؟ وأرجو أن لا يعتبر د. جمال محيسن هذا الكلام ضربًا من الشخصنة ضد محافظ "قانونوي" و"دستوروي" و"مناضل" مثله؛ فهذا الكلام موجه له شخصيًّا ولكل أقرانه المسلسلين والمطوقين بسلاسل وأطواق دايتون: كل باسمه ومهنته ورتبته وموقعه ولقبه لا بارك الله فيه ولا في حرثه ولا نسله!
تخطئ الجزيرة إن هي ظنت أن مجرد اعتذار أبو شمالة يبيض صفحتها مما قال. فمنطق الاعتذار وحده لا يكفي؛ ولا بد من عقوبة تتمثل في منع هذا المراسل من الظهور على شاشتها مجددا – هذا إن شاءت الجزيرة أن تخفف التشوه المستمر الذي تلحقه بنفسها جراء الممارسات البغيضة لمكتبها في فلسطين.
أما السلطة الفلسطينية العميلة فقد باتت تتصرف كأمة شقاقية ونفاقية تريد حجاجًّا؛ أو مثل كوفة تتحدى أن يأتيها زياد. صحيح أن الحجاج وزياد غير موجودين الآن؛ لكن عجلة التاريخ تدور والتاريخ لما ينته بعد؛ وعلى كوادر السلطة – صغارهم وصغارهم الآخرين أيضًا – أن يتذكروا ما يحدث الآن جيدًا جدًّا؛ حتى لا تعييهم الأفكار وهم يبحثون بعد شهور أو أعوام قد تطول أو تقصر عن مسوغ أو مبرر للعقوبة التي ستنزل بهم – العقوبة التي سينزلها كل من شهد المرحلة وكل ما انطوت عليه من وسخ؛ وقرر أن لا ينسى ولا يغفر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق