الاثنين، 5 يناير 2009

غــزة تحتــرق ولا تـرفــع الأعــلام البيضــاء ثلاث قصص عن زياد و١٨ طفلاً على أرض المشرحة

قصة رقم ١: الصغار الثلاثة وهم ممددون على أرض المشرحة المكتظة، بدوا مثل دمى عرائس نائمة. صاح الأب الذي فقد ١٣ من أقربائه عندما سقطت قذيفة إٍسرائيلية على منزله في غزة »إنهض يا ولدي.. إنهض«. ثم جعل يتوسل يائساً »أرجوك إنهض. أنا أبوك.. أنا أحتاجك«. أكبرهم في الرابعة من عمره. أمهم استشهدت أيضاً.
قصة رقم ٢: العزاء في شهداء غزة، عمل خطير. فقد كان جابر عبد الدايم يتلقى العزاء في ابن أخ له، وهو مسعف استشهد في غارة جوية إٍسرائيلية في شمال قطاع غزة، عندما تعرّض المعزون للقصف. قال جابر »كنا نجلس في خيمة العزاء عندما قصفونا فجأة.. جرينا لنقل المصابين إلى المستشفى، لكنهم قصفونا ثانية«. لم يكن جابر متأكداً أكان قصفاً جوياً أم نيران دبابات. قال مسعفون إن ثلاثة استشهدوا وأصيب ١٧ آخرون. وبجوار جثثهم، وقف جابر. قال وعيناه مغرورقتان بالدموع »هؤلاء ابني وابن أخي وابن عمي. يا الله«. زوجته ظلت تردد، ربما تحدياً وربما ذهولاً، »نحن صامدون.. نحن صامدون«. يقول جابر »يجب تقديمهم (قادة إسرائيل) إلى المحاكم الدولية.. الله يجازي الحكام العرب الذين يراقبوننا في صمت ننزف ودماؤنا تجري أنهاراً«. أما أم علاء مراد، التي جلست إلى جواره في ملابسها البالية على فراش قديم وبين ذراعيها أحد صغارها التسعة، فتقول »ربما ما زلنا على قيد الحياة.. الموت غير راغب فينا«.
قصة رقم ٣: مجدي السموني، هو الآخر، أصبح يتيماً. طفلاه استشهدا. زوجته أيضاً. وابن أخيه. احتضن مجدي الجثث في مستشفى الشفاء وصرخ »المجرمون قتلوا أطفالي، قتلوا عائلتي«. في حي الزيتون شرقي مدينة غزة، »كنا مختبئين في غرفة في منزلنا وكنا نائمين. فجأة سقط صاروخ علينا وقتلوا أولادي وابن أخي وزوجتي.. لم يبق لي أحد سوى الله. حسبنا الله ونعم الوكيل على إسرائيل المجرمة«. قذائف إسرائيل ونيرانها، لا تميز أحداً. تنهال على البيوت. تضرب المساجد. تدمر المدارس. تقصف الاسواق. تصيب كل من ـ او ما ـ يتحرك. الحاضرون الصغار في هذه الأمكنة لا يمثلون بالنسبة إليها شيئاً. الدم الفلسطيني في النهاية، دم لا أكثر. ملخص: أكثر من ٤٠ طفلاً قتلوا بنيران إسرائيلية في غزة منذ بدء الهجوم البري، يوم السبت الماضي، ١٨ منهم استشهدوا، أمس. أكثر من ١١٠ أطفال، حتى اليوم العاشر للعدوان، سقطوا، من بين حوالى ٥٥٠ شهيداً. شريط مأساة، يوم أمس، مر سريعاً: ـ جثث ١٣ من أفراد أسرة واحدة انتشلت من بين أنقاض منزلهم شرقي مدينة غزة، بينهم ثلاثة أطفال وأمهم. ـ طفلة في الثالثة من عمرها قتلت بنيران الاحتلال في وسط قطاع غزة. وجرح أبوها وأمها وأفراد آخرون من أسرتها. ـ في مخيم الشاطئ للاجئين، استهدف الاحتلال منزل رزق صابر أبو عيشة، فاستشهد ٩ بينهم ٤ أطفال (أحمد والسيد ومحمد وغيداء). ـ أحمد، وأمين، وابن عمهما الرضيع محمد السموني، استشهدوا في حي الزيتون شرقي مدينة غزة. ـ جدة استشهدت مع حفيدتها بعدما أصابت منزلهما قذيفة إسرائيلية شرق حي الزيتون. ـ استشهدت فلسطينية من عائلة عليوة وأبناؤها الأربعة بصاروخ إسرائيلي أصاب منزلها في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. ـ استشهد طفلان في غارتين جويتين منفصلتين على شمال قطاع غزة. أطفال غزة يقتلون. نيران الاحتلال تطمس السماء والبحر والأرض. لكن زياد (٩ أعوام) ليس خائفاً. وعلى بعد عشرات الأمتار من سوق السيارات التي تتمركز حولها الدبابات الإسرائيلية على مشارف حي الزيتون، يقف أمام والدته ليقول »لا تخافي، أريد أن أموت شهيداً بدلاً من هذا الرعب في كل لحظة.. الشهادة أفضل من الخوف والقصف«. (»السفير«)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق