الاثنين، 5 يناير 2009
العمل السياسي الفلسطيني في خدمة البندقية..."الإسرائيلية"
لم يكن من الممكن أن يَرِدَ ولا في أبعد خيالات أكبرِ هجَّاءٍ ناقمٍ على حركة فتح تَصَوُّرُ يومٍ تنشط فيها دبلوماسيتها من أجل تكريس منجزات البندقية الصهيونية (والمدفع والإف 16 والأباتشي وباقي أدوات القتل الأخرى). ويبدو أن "فتح" وجدت أخيرًا "حجر الفلاسفة" الذي يسمح لها بالمزاوجة بين العمل المسلح والعمل السياسي؛ اللهم مع تعديلٍ طفيفٍ في الأجندة يجعل العمل السياسي منها والعمل المسلح من الصهاينة؛ فكيف كان ذلك؟تقدم رياض مالكي (وأنا أرفع أل التعريف عن "مالكي" لأن هذا التنكير هو أقسى ما يمكنني فعله تجاهه؛ فالمسافة بيني وبينه أطول للأسف الشديد من المسافة بين متنظر و"جورج دبليو") تقدم هذا النكرة لمجلس الأمن بمشروع قرار خاص بالحرب على غزة يتضمن الآتي:- وقف القتال- دخول مراقبين دوليين للقطاع للإشراف على المعابر وضمان فتحهاوفي المؤتمر الصحافي وحين حرر الرجل مشروع القرار المرفوع باسم سلطة المقاطعة (وباسم محمود عباس حتى لا يتذاكى البعض ليدافع عن فتح ويقول أن المالكي ليس عضوًا في الحركة صاحبة العملية الأولى والرصاصة الأولى والتنازلات الثقيلة الأولى الخ وكما جرت العادة عند أهل التلبيس والتدليس الخفيف والسخيف) أوضح أن الأنفاق بطبيعة الحال ستتوقف بعد فتح المعابر! فماذا يريد الصهاينة أكثر من ذلك؟يقول الصهاينة أن الهدف من عمليتهم - أو لنقل آخر لائحة أهداف محدثة ومخفضة السقف بعد صمود المقاومة واستمرار تساقط الصواريخ على الكيان - يقولون أنهم يريدون ضمان "عدم انطلاق الصواريخ" ضد الكيان مرة أخرى؛ وضمان عدم قدرة حماس على التسلح مرة أخرى من خلال ضرب الأنفاق. فهل يستطيع أحدٌ أن يعثر لي على فرق جوهريٍّ أو حتى شكليٍّ بين مطالب الكيان الصهيوني ومشروع قرار فتح؟المالكي وعباس يتذرعان بأن وجود المراقبين الدوليين سيحقق مكسبًا هامًّا لضمان انسيابية الحركة في المعابر ومنع غلقها من جانب واحد من قبل الصهاينة؛ فهل نجح المراقبون الأوروبيون سابقًا في منع إغلاق معبر رفح أكثر الوقت؟ وهل أنقذ المراقبون الأمريكيون والبريطانيون أحمد سعدات من الاعتقال؟ وهل يفعل المراقبون في الخليل المحتلة شيئًا مفيدًا؟ بالعكس؛ فلقد عمل المراقبون الأوروبيون عند معبر رفح على خنق القطاع والتأكد من تحقيق كل مآرب الكيان في حصار الفلسطينيين وإذلالهم مقابل اللقمة!دعكم من كل انتقاداتي السابقة لفتح؛ لكن اعلموا أن كل ما صنعت فتح سابقًا "كوم" وهذا السلوك السياسي الخطير "كومٌ ثانٍ"! فتح تريد الآن أن تحول المجازر الصهيونية في حق شعبنا إلى مكتسبات سياسية - للكيان بطبيعة الحال - تتجسد على الأرض. فتح تريد أن تكافئ العدوان بتحقيق كل أهدافه؛ وتريد أن تستغل هذا الغدر القبيح بالمقاومة والجماهير الغزية من أجل أن تعود على ظهر الدبابة الصهيونية على سبيل البيان والحقيقة لا على سبيل المجاز!إن هذا التصرف أبعد من أبعد نقطة في التماهي مع العدو وأعداء فلسطين والأمة كانت فتح وقادتها قد بلغوها حتى الآن؛ ويجب على الشعب الفلسطيني وعلى كل من يسمي نفسه "نصيرًا لحركة فتح" إدراك الدور الخياني الخطير لهذه الشرذمة الفاسدة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ شعبنا - مرحلة تتصدى فيها المقاومة للاحتلال بكل بسالة؛ وتُسْقِطُ في يديه كل يوم؛ حين تظهر أنها أخرجت له من باطن الأرض مفاجئات لم تعرف أجهزته الاستخبارية "الأسطورية" عنها شيئًا؛ وتتحداه بقتال مرٍّ ومصابرةٍ عنيدةٍ عز نظيرها. هذا طبعًا فيما أزلام محمود عباس يقمعون مظاهرات تضامن الضفة الغربية مع قطعة أخرى من الوطن اسمها غزة!أما حماس وعلى المستوى السياسي فليس عليها أكثر من أن ترسل خطابًا للزعيم التركي رجب طيب أردوغان فيأشر عليه بالتحويل إلى ممثله في مجلس الأمن - فتركيا الآن عضوٌ فيه - ليشرح المندوب التركي للمجلس العتيد وبكل وضوح أن وساطة "مالكي" و"عباس" لا تمثل الطرف الفلسطيني الموجود على الأرض. طبعًا بوسع السيدين مالكي وعباس متابعة الوساطة ممثلين عن الجانب الصهيوني فهم لذلك أهل؛ لكنني أشك أن يرضى الصهاينة بمثل هذا الموقع الحساس لحفنة من اللحديين الصغار.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق