عجبي من مثقفين وإعلاميين عرب يدينون حركة حماس ويحمّلونها، هي لا الاحتلال، مسؤوليّة ما يحدث من تجويع وحصار أولاً، ومن تقتيل ثانياً. فماذا تقول لصحافيّ يكتب أنّ حماس «ورّطتْ مليون ونصف مليون فلسطينيّ بالتجويع منذ أشهر»؟ (عبد الرحمن الراشد، صحيفة الشرق الأوسط، 29/12/2008). الراشد يتّهم حماس بأنها هي من جوّع ويجوّع أهل غزّة بعد فوزها بالانتخابات عام 2006. فكأنّ الراشد يريد من حماس، ومن أهل غزّة، الذين انتخبوها بكامل إرادتهم، وبحضور مراقبين دوليين، التسليم بالاحتلال... وإلا فليقاسوا الموت جوعاً! وهذا، لعمري، هو المنطق الاستعماريّ بامتياز، بدلاً من المنطق الذي ينتصر للعدل والحقّ. على أننا نسارع أيضاً إلى التذكير بأنّ حصار غزّة بدأ قبل فوز حماس1؛ أي إنه لا علاقة بين فوز حماس والحصار الإسرائيليّ أصلاً، وإنما هدف الحصار إبقاء غزّة فقيرة معدمة، وكسر إرادة المقاومة.
ومن المثقفين من يحمّلون قادة حماس، لا الجيش الإسرائيلي والإدارة الأميركية الداعمة له، مسؤولية سقوط الضحايا الفلسطينيين اليوم، بسبب... قساوة قلوبهم وغلاظة إحساسهم. هكذ يتساءل علي ديوب متفجّعاً وملتاعاً: «كم نهر (كذا) من الدم تحتاج عروقكم الجافّة؟ كم موت (كذا) يكفيكم لكي تستيقظوا من موتكم؟ كم ضحيّة بريئة تستلزمها خطاياكم؟» (جريدة المستقبل 4/1/2009). ومن المثقفين من يقذف بمسؤولية الشهداء المدنيين الفلسطينيين على كاهل قادة حماس لأنّ هؤلاء... يعيشون بين الجماهير. كنّا نظنّ أنّ عيش القادة بين الجماهير، لا في فنادق النجوم الخمس، أمر محمود ومرغوب. ومع ذلك، فهل في غزّة اليوم (حيث تقطن أعلى كثافة سكّانية في العالم كما يقال) زوارق حبّ، أو مربّعات أمنية، أو مناطق محيّدة، تتيح لقادة حماس ألا يختلطوا بعامّة الناس؟! ألا يعلم أولئك المثقفون أنّ المقاومين «هم من أبناء الشعب، وليسوا جيشاً منفصلاً عنه في معسكرات»، وأنه من «الطبيعيّ أن يعيشوا بين صفوفه؟ وإذا كان هذا صحيحاً في كلّ مكان، فإنه في غزّة أمر مسلَّمٌ به» (عزمي بشارة، الجزيرة نت، 1/1/2009). لكنّ لوم المثقفين المعتدلين الأشدّ إنّما ينصبُّ على صواريخ القسّام؛ فهم يزعمون أنّ هذه الصواريخ هي التي سبّبت الحرب الحاليّة على غزّة. هؤلاء أسمّيهم «مثقفي الذريعة» لأنهم لا يبْرعون إلا في تكرار لازمةٍ واحدةٍ، بلا مللٍ ولا كلل، وهي أنّ المقاومة تقدِّم الذريعةَ للعدوّ. فإذا اجتاحت إسرائيلُ لبنانَ في حزيران 1982، فذلك لأنّ الفلسطينيين قَتلوا السفيرَ الإسرائيليّ في بريطانيا قبل أيّام من ذلك الاجتياح (تبيَّن لاحقاً أنه لم يمت). وإذا شنّتْ إسرائيل الاعتداءاتِ على الفلسطينيين عامَ 2000 وما بعده، فلأنّ عرفات قَدّم لها الذريعةَ حين رَفض الانصياعَ للعرض «السخيّ» في كامب دايفيد 2 (تبيَّّنَ لاحقاً أنه وافق على بنودٍ كثيرةٍ أخرى ورفض ما يخصّ القدسَ والأقصى تحديداً)2. وإذا غزت الولاياتُ المتحدة العراقَ عامَ 2003، فذلك لأنّ صدّاماً وفّر لها الذريعةَ حين لم يسمحْ لها بالتفتيش عن أسلحة دماره الشامل ومصادرتها (تبيّن لاحقاً أنه لم يمتلكْ أيّاً منها). وإذا اعتدت إسرائيلُ على لبنان ودمّرتْه خلال 33 يوماً من صيف 2006، فذلك لأنّ حزبَ الله أسر جندييْن إسرائيلييْن (ليبادلَ بهم أسرى لبنانيين يقبعون منذ عقود في الزنازين الإسرائيلية). «مثقفو الذريعة» منتشرون في أكثر المنابر الصحافيّة والإعلاميّة العربيّة، ولا سيّما في صحيفتَي الشرق الأوسط (عبد الرحمن الراشد، علي سالم، طارق الحميد،...) والحياة (حازم صاغيّة،...)، وجرائد ثورة الأرز ومواقعها الإلكترونية (النهار، ليبانون ناو،...) في لبنان. هؤلاء المثقفون إمّا نسوا تاريخَ الصهيونيّة في بلادنا، بل تاريخَ الإمبرياليّة في العالم، وإمّا يتناسوْن ما طالعوه طوال سنوات، من أجل صبّ جام غضبهم على حركة حماس وصواريخها والمحور السوريّ ــــ الإيرانيّ. هؤلاء نسوا أنّ القوّة تَخْلق الذريعة دوماً، ويتناسوْن أبداً أنّ الأحداث التي تلت عملياتِ الغزو والاحتلال تُظْهر أنّ الغزاة أَعدّوا العدّةَ لعملهم قبل زمنٍ طويل. فمثلاً، تنقل صحيفةُ هآرتس عن وزير الدفاع الإسرائيليّ إيهود باراك في عددها الصادر في 1/3/2008 أنه يفكّر في غزو غزّة؛ وكان ذلك منذ عشرة شهور! واعترفتْ إسرائيل بأنها كانت تخطّط لغزو لبنان عام 2006 قبل تمّوز بشهور، بصرف النظر عن أسْر الجندييْن الإسرائيلييْن (بل لعلّ «ذريعة» الأسْر جَنّبتْ حزبَ الله فعلاً ضربةً مفاجئةً لم تستطع حركةُ حماس أن تتجنّبَها للأسف حين اغتال العدوُّ قبل أكثر من أسبوعين 130 شرطيّاً بضربةٍ غادرة). كما تتحدّث مقالاتٌ رصينة عن أنّ إسرائيل نفسَها كانت تجنّد عملاءَها للهجوم على أحياء اليهود ومعابدهم (في العراق نهاية الأربعينيّات مثلاً) من أجل دفعهم إلى الهجرة إلى «أرض الميعاد» أو لتسويغ اعتداءاتها اللاحقة على العرب3.
الطريف أنّ حجّة هؤلاء المثقفين للمطالبة بوقف صواريخ القسّام هي أنها... «عبثيّة» و«استعراضيّة» (اقرأْ مثلاً عبد الرحمن الراشد، صحيفة الشرق الأوسط، 30/12/2008)، خلافاً للصواريخ الإسرائيليّة والأميركيّة، التي لم تحظَ بمثل اهتمامهم وهجائهم. وقد يخال المرءُ أنّ أولئك المثقفين يطالبون المقاومةَ الفلسطينيّةَ بامتلاك أسلحةٍ أنجعَ وأقلَّ عبثيّةًً واستعراضيّةً. وفي هذه الحال فإنّ على الراشد وأضرابِه أن يختاروا حلاً من اثنيْن: إمّا أن يدْعوا الأنظمةََ التي يؤيّدونها ويعملون في منابرها (ولا سيّما السعوديّة والكويت) إلى تزويد المقاومة الفلسطينيّة (وهي سنّية، أيْ لا تدْخل، والحمدُ لله، ضمن الهلال الشيعيّ الكريه) بأسلحةٍ تفْتك بالمعتدين الإسرائيليين؛ وإما أن يطالبوا المقاومة بترسيخ تحالفها مع إيران وسوريا وسائر محور الشرّ كيْ تحصلَ منها على شهاب 10 وفجر 20 وبدر 30 وزلزال 40... وربما المهدي إنفينيتي. فالاستسلام ليس حلاً مقبولاً أمام مَنْ يرفض الاحتلالَ، و«السلامُ» الذي صنعتْه سلطةُ أوسلو لم يأتِ بشيءٍ على ما سنذكر.
وفي هذا الصدد لا بدّ من التوقّف عند سببٍ آخر يقدّمه بعضُ المثقفين العرب لإدانة الضحيّة، وهي هنا حركةُ حماس (وقبلها حزبُ الله، لا الأنظمةُ الوهّابيّةُ مثلاً، ويا للغرابة): إنه عقيدتُها الدينيّة «المتطرّفة» و«إيمانُها بالغيْب». ولكنْ ألم يحدثْ قبل أعوامٍ أمرٌ شبيهٌ، وإنْ بدرجاتٍ أقلَّ هولاً، مع ياسر عرفات، المعتدلِ، اللاغيْبيّ، ملِكِ العقلانية وفنِّ الممكن، بحسب مثقفي الذريعة؟ أكانت إسرائيل ستُحْجم عن تدمير غزّة لو كانت تحت سلطة قوى «غير غيبيّة» مثل «فتح» أو «فدا»... إلا إذا تحوّلتا إلى كتيبة تعمل عند دحلان بأوامر دايتون؟
حركة حماس فصيلٌ إسلاميٌّ مقاوم، قد لا نطيق إيديولوجيّتَه الدينيّةَ ولا مواقفَََه من المرأة أو الثقافةِ أو الفنّ. مَنْ يذكر، مثلاً، كيف مَنعتْ وزارةُ الثقافة الحمساويّة كتابَ «قولْ يا طير» بحجّة تضمُّنه عباراتٍٍ وكلماتٍ (مثل «بِزّ») «تخْدش» الحياءَ، مع أنه من عيون التراث الشعبيّ الفلسطينيّ؟4 ومَنْ منّا يدافع عن غياب مظاهر أساسيّة من مظاهر الثقافة والفنّ في غزّةَ قبل العدوان الحاليّ، بل قبل سريان الحصار الفعليّ؟ علينا ألا نسكتَ عن أيّ مسٍّ بالحريّات، مهما كانت الذرائع، إنْ كنّا نؤمن بأنّ النضالَ الوطنيّ يهدف أيضاً، وربّما في المقام الأول، إلى تحقيق حريّة الفرد الحقيقيّة (يجْدر التنويهُ إلى أنّ ذلك ليس من بين أسباب انتقاد الأنظمة «الإسلامويّة» العربيّة لحماس). ولكنّ حركة حماس انتُخبتْ ديموقراطيّاً عامَ 2006؛ بل لعلّها الحكومة العربيّة الوحيدة المنتخَبة ديموقراطيّاً في عالمنا العربيّ اليوم! وهذا يعني أنّ غالبيّة الشعب الفلسطينيّ في مناطق 67، لا حماسَ وحدها، هي التي قرّرت المقاومة، وهي التي قرّرتْ معاقبة نهج أوسلو وسلطتها وفسادها. إنّ غالبيّة الشعب الفلسطينيّ في تلك المناطق، لا حركةَ حماس وحدها، هي التي قرّرتْ أنّ المفاوضات لم تؤدِّ إلى شيء، بل تضاعفت المستوطنات، وازداد تهويدُ القدس، ولم تتوقّف الاعتقالاتُ ولا الاغتيالاتُ، طوال فترات المفاوضات مع العدوّ. حماس، مهما كان بغضُنا للإخوان المسلمين، حركةٌ معاديةٌ لإسرائيل، وهي تُقصف وتُذبح لأنّها كذلك. ولو ارتضتِ الإسلامَ المعتدلَ (إقرأْ: الموالي لأميركا) أو اليسارَ الليبراليّ (إقرأْ: يسارَ الديكور)، لكانت اليومَ في محور الخير، إلى جانب كرزاي وعبد الله 1 وعبد الله 2 والطالباني.
■ الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة؟
الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة! طبعاً، ولكنْ أيّة وحدة؟ الواضح أنّ غزوَ غزّة حصل بمعرفة سلطة عبّاس (أو تواطئها، واللهُ أعلم). والواضح أنّ أبا مازن يعتقل الآن المئات من عناصر حماس وحركة الجهاد الإسلاميّ، ولم يعلنْ وقفَ المفاوضات مع الجزّار الإسرائيليّ. والأسوأ أنّه اليوم يَقمع المتظاهرين في بيرزيت وبيت لحم ورام الله والخليل ونابلس، رغم أنّ (أمْ لأنّ؟) اندلاعَ انتفاضةٍ جديدةٍ في الضفّة سيكون أبرزَ دعمٍ لأهل غزّة. وفي هذا الصدد يكتب د. عبد الستّار قاسم منتقداً سلطةَ عبّاس، أو مَنْ أسماهم »أعوانَ دايتون» (4/1/2009)، ما يأتي: «أشدٌّ ما تقشعرّ له الأبدانُ أنّ أكبرَ تظاهرةٍ فلسطينيّةٍٍ كانت في الأرض المحتلّة عامَ 48، في حين أنّ أصغرَ تظاهرةٍ كانت في نابلس، كبرى مدن الضفّة الغربيّة التي تحْكمها سلطةٌ فلسطينيّة! خرجتْ تظاهرةُ سخنين تتحدّى الصهاينة؛ بينما أحاطت أجهزةُ الأمن الفلسطينيّة بتظاهرة نابلس... فهل إسرائيل أحرصُ على حريّة شعب فلسطين من سلطة رام الله؟!».أفكّر وأنا أقرأ خبرَ قمع عبّاس للمتظاهرين: لم يَقتلِ الثورةَ الفلسطينيّةَ والوحدةَ الوطنيّةَ الفلسطينيّةَ مثلُ هذه السلطةِ العرجاء. عرفات استجاب معظمَ مطالب إسرائيل، ولكنّه حوصر ومات (مسموماً ربّما). وعبّاس فشل، رغم اجتماعاته المتكرّرة مع أولمرت، في إزالة أيٍّ من الحواجز الإسرائيليّة الـ640، أو تفكيك أيٍّ من المستوطنات. إدوارد سعيد كان على حقّ في ما كتبه عن سلطة أوسلو. سلطة أوسلو، القادمة من تونس، هي التي قتلت الانتفاضةَ الأولى (أحدَ أعظم الإنجازات الشعبيّة العالميّة، لا العربيّة فقط). وسلطة أوسلو هي أهمُّ ما أنجزتْه إسرائيلُ منذ تأسيسها، لأنّ العدوّ ضَمِنَ من خلالها تخلّي منظمة التحرير عن 78% من فلسطين مقابلَ «مظاهر» دولةٍ على أقلّ من 22% منها وتأجيلِ (إقرأ: إلغاء) حقّ العودة لملايين الفلسطينيين في المَهاجر. ولقد حَوّلتْ أوسلو منظمةَ التحرير من حركة تحرّرٍ إلى سلطةٍ تقمع شعبَها لقاءَ وهم السيادة والاستقلال. ليْت سلطة أوسلو (أكان الشهيد سمير قصير سيتساءل، وهو يرى تطويقَ التظاهرات في الضفّة، «عسكر على مين»؟)، وليْت حكومةََ حماس (أين هي الحكومة؟)، تحلان نفسيْهما وتعلنان أنّ فلسطين محتلّة من أقصاها إلى أقصاها. ليْت منظمة التحرير تعود إلى الوجود، ولكنْ بعد إصلاحها إصلاحاً جذريّاً، لا محاصصاتيّاً، فتعبّئ شعبَها وفق برنامجٍٍ جديدٍ على درب انتفاضةٍ ثالثة.
ولكنْ هل سلطةُ أوسلو راغبةٌ في ذلك؟ يبدو أنّ ثمة تململاً داخل حركة فتح من سياسة السلطة. فها هو قدّورة فارس مثلاً يصرِّح (في برنامج «الحدث»، محطّة أل. بي. سي، 3/1/2009) بأنّه طوال 18 عاماً كان جزءاًً من العمليّة السلميّة مع إسرائيل «ولكنْ ماذا كسبنا؟ المزيدَ من المستوطنات، والمزيدَ من أعمال الحفر تحت المسجد الأقصى، والمزيدَ من السجناء الفلسطينيين؟!... إنّ إسرائيل تريد إلحاقَ المهانة والذلّ بالشعب الفلسطينيّ». نبيل شعث نفسُه تحدّث قبل أيّام، على قناة الجزيرة، بنبرةٍ مناقضةٍ لنبرته السابقة حين كان لا يزال أحدَ زعماء التفاوض العبثيّ. أما عبّاس زكي في لبنان، فلم نعد نعْرفُ ما يميِّز خطابَه من خطاب أسامة حمدان، ممثِّلِ حماس، رغم أننا قبل عام، أثناء معارك نهر البارد، لم نكن نميّز خطابَه من خطاب... السنيورة. الأمر الجيّد في هذا المجال (ورُبَّ ضارّةٍ نافعة)، إذاً، هو أنّ جزءاً من «فتح» يتململ؛ فلقد وضعت الحربُ على غزّة حركةَ فتح «على المحكّ... فإمّا أن تشتبكَ مع العدوّ أو تنتهي» (زكريّا محمد، منتديات الجزيرة توك، 9/1/2009).
الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة؟ عال! ولكنْ الكلمة المفتاح هنا هي «الوطنيّة» لا «الوحدة». فليست كلُّ وحدة، بعُجَرِها وبُجَرِها، مرغوباً فيها، على ما يعِظ رجالُ أدياننا أيّامَ الجمعة والأحد، بل الوحدة المطلوبة هي تلك الموجّهةُ إلى العدوّ الإسرائيليّ ـ الأميركيّ ومشاريع الشرق الأوسط الجديد: إنها الوحدةُ المبنيّةُ على أساس التخلّي عن وهم «الدولة» وبريق «السلطة»، والإعدادِ لبرنامج يزاوج بين مختلف أشكال المقاومة. فإذا كان الكفاحُ المسلّح متعذّراً في هذه المرحلة، فعلى منظمة التحرير أن تضع برنامجاً للمقاومة الشعبيّة: انتفاضة داخليّة، عصيان مدنيّ شامل، العمل في صفوف الجاليات العربيّة وأنصار المقاومة في العالم على مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرضِ العقوبات عليها. أما المساعي الدبلوماسيّة فإنْ كان لا بدّ منها فلكيْ تعزِّز المقاومة، لا لتكون بديلاً منها.
■ مصر
مَنْ يراقبْ تظاهرات الشعب المصريّ يحسّ بأنْ لا شعبَ في العالم اليوم يشْعر بمثل الذلّ والإهانة اللذيْن يشعر بهما شعبُ مصر. لم أشهدْ حرقةً في العيون، ولا غصّةً في الحناجر، كحرقة المصريين في هذة اللحظات. إنهم يحسّون بأنهم مشاركون في حصار أطفال غزّة، ويحاولون ـ بدمعهم وصراخهم ـ أن يقولوا إنّ مبارك ليس منهم، وإنهم مستاؤون منه، وإنهم عاجزون عن فتح معبر رفح، وإنّ محاولات الشوفينيين المصريين (من أمثال الوزير أحمد أبي الغيط) لن تدفعهم إلى اعتبار تظاهراتنا أمام السفارات المصريّة عملاً ضدّ مصر وشعب مصر.آلافُ المصريين اليوم يشْتبهون في ما بات يشْتبه به ملايينُ الناس: أنّ رئيس الاستخبارات المصريّة السيّد عمر سليمان ضَلّل حركةَ حماس حين «طمأنها»، قبيل الضربة الجويّة الإسرائيليّة التي أوْدت بحياة 130 شرطيّاً فلسطينيّاً، أنّ إسرائيل لن تعتدي. آلافُ المصريين اليوم لن يُقْنعَهم عبد الرحمن الراشد حين يزعم أنّ «حماس لا تريد أن تتحمّل مسؤولية الكارثة» التي حلّت على غزّة «فوجدتْ أنّ الهجومَ على مصر خيرُ سياسة دفاعيّة»، وذلك «في إطار معركة مستمرّة منذ أشهر من قِبل حلف سورية وإيران ضدّ مصر» (جريدة الشرق الأوسط، 29/12/2008)! آلافُ المصريين اليوم لا يصدّقون ما كتبه الزميل جورج ناصيف من أنّ مصر، رغم رفضها فتحَ رفح، «تبقى مصرَ»، وأنّ «جهادَها التاريخيّ في نصرة فلسطين محفورٌ في الذاكرة» (جريدة النهار، 4/1/2009)؛ فهم يعْلمون أنّ إحدى مصائب الفلسطينيين الكبرى بدأتْ في كامب دايفيد وفي انسحاب مصر الرسميّة من التزاماتها العربيّة الطبيعيّة تجاه لبنان وفلسطين والسودان والعراق. في خضمّ التواطؤ الرسميّ المصريّ تصْدح أصواتُ مثقفي مصر الشرفاء. تقرأ بيانَ «اللجنة المصريّة لمناهضة الاستعمار والصهيونيّة» فيلْفتكَ ـ إلى جانب المطالبة بوقف كلّ أشكال التطبيع، ووقفِ تصدير الغاز والبترول إلى إسرائيل، وطردِ السفيريْن الصهيونييْن من القاهرة وعمّان، وسحبِ السفيريْن المصريّ والأردنيّ من الكيان الصهيونيّ ـ تسفيه اللجنة لحجّة نظام مبارك بعدم فتح معبر رفح، ألا وهي التزامُه بعودة المراقبين الدوليين وسلطةِ عبّاس إلى ذلك المعبر. وتتساءل: إنْ كان هذا «الالتزام» أقوى من التزامه العربيّ والإنسانيّ، أفيكون أقوى من التزامه بالأمن الوطنيّ المصريّ نفسِه على أساس أنّ غزّة ركنٌ أساسيٌّ في هذا الأمن؟ ثم تتذكّر أنّ الأردن وسوريا استقبلا ملايينَ العراقيين في السنوات الأخيرة، وأنّ باكستان شرّعتْ حدودَها أمام أكثر من مليونيْ أفغانيّ، وأنّ السودان استوعب أكثرَ من أربعة ملايين أريتريّ وأثيوبيّ وأوغنديّ (عبد الباري عطوان، صحيفة القدس العربيّ، 7/1/2009). ثم تنظر إلى موقف تركيا ـ تركيا غيرِ العربية، بل تركيا الطامحةِ إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبيّ ـ وتتساءل من جديد: أيعقل أن تشنّ مصرُ العربيّةُ الرسميّةُ هجوماً على حماس وتغلقَ المعبرَ العربيَّ الوحيدَ أمام الفلسطينيين، فيما تتخطّى تركيا ارتباطاتِها بإسرائيل ليعلنَ رئيسُ وزرائها انحيازَه إلى أهل غزّة واعتبارَه ما يجري ضدّها بقعةًً سوداءَ في تاريخ اليهود والبشريّة؟ أيعقل أن يَطرد رئيسُ فنزويلا السفيرَ الإسرائيليّ من بلاده، فيما يحتفظ نظامُ مصر بسفير إسرائيل ويعتقل مئاتِ المتظاهرين المطالبين بطرده؟ لقد صَدَقَ غسّان كنفاني حين كتب في «عائد إلى حيفا»: «إننا حين نقف مع الإنسان، فذلك شيءٌ لا علاقة له بالدم واللحم وتذاكرِ الهويّة وجوازاتِ السفر»!
غير أنّ اللجنة المذكورة ليست وحدها في موقفها ذاك. فهناك مروحةٌ واسعةٌ من المثقّفين الذين يشرّفون مصرَ الآن، ويزيلون وصمةَ العار التي ألحقها بها نظامُها. وها قد صدر بيانٌ في 29/12/2008 وقّعتْه خيرةُ مثقّفي مصر وإعلاميّيها وناشطيها وفنّانيها، ومن بينهم بهاء طاهر وصنع الله إبراهيم ومحسنة توفيق وطارق البشري وحمدي قنديل وفهمي هويْدي ورضوى عاشور وفتحيّة العسال وأحمد بهاء الدين شعبان وأحمد الخميسي وسيّد بحراوي وأشرف بيّومي وجمال فهمي ومحمد السعيد إدريس وأمين إسكندر وأبو العُلا ماضي، وفيه يعلنون الأهدافَ نفسَها التي رأيناها في بيان اللجنة أعلاه، فضلاً عن «تأييدهم القويّ والصلب للمقاومة الفلسطينيّة الباسلة». الموقّعون، وغالبيّتُهم الساحقةُ من اليسار القوميّ («الخشبيّ» بلغة يسار الحرير والديكور اليوم)، لم يغلّبوا نزعاتِهم الإيديولوجية على مصالح الأمّة وفلسطين، فلم يُحْجموا عن دعم حماس رغم خلاف أكثرهم مع توجّهاتها الدينيّة.وإلى جانب البيانيْن جهر صحافيّون مصريّون لامعون بمعارضتهم لموقف مصر عبر افتتاحيّات صحفهم. فأعرب عبد الله السّنّاوي في جريدة «العربي» عن عدم اقتناعه بأنّ النظام المصريّ غيرُ متورّط في «توفير غطاءٍ عربيّ للعدوان» منذ أن أطلقتْ وزيرةُ الخارجيّة الإسرائيليّة ليفني، قبل ثلاثة أيّامٍ من بدء العدوان على غزّة، ومن فوق منصّة قصر الرئاسة المصريّة بالذات، تهديداتِها ضدّ حماس. وذهب عبد الحليم قنديل إلى تأكيد «اشتراك» النظام المصريّ في الحرب، متّهماً مبارك بأنه «يُذلّ مصرَ ويُهينها ويدوسها بنعال الأمن المركزيّ»، وواصفاً أبا الغيط ـ وهو إلى جوار ليفني حين هدّدتْ حماس ـ بـ«الأرنب المبلول»! ولا يمْلك المرء إلا أن يزهو بشجاعة هذا الصحافيّ الكبير، الذي سبق لرجال النظام أن خطفوه، وعرّوْه من ملابسه إمعاناً في إهانته كما توهّموا، ورموْا به في الصحراء، عقاباً له على مجاهرته بمعارضة مبارك ومعارضة عزمِه توريثَ ابنه الحكْمَ!
والحقّ أنّ أمام مثقفي مصر ومناضليها مهمةً صعبةً لا تقتصر على مواجهة النظام وأجهزته البوليسيّة، بل تمتدّ إلى مواجهة عددٍ لا يستهان به من مثقّفي مصر الآخرين. فلقد تجنّد إلى جانب النظام المذكور مثقفون وكتّابٌ متسعوِدون ومتخلجِنون ومطبِّعون ويساريّون/قوميّون سابقون، أشدُّهم تزويراً للحقائق: المطبِّعُ الأكبر علي سالم. وإلا فماذا تقول عن زعمه أنّ سببَ هجوم حماس على النظام المصريّ هو أنّ قادتَها «يَعتبرون مصرَ أرضاً فلسطينيّةً يجب تحريرُها من الفلسطينيين» (صحيفة الشرق الأوسط، 31/12/2008)؟! والمؤسف أن يدافع كاتبٌ يساريٌّ سابقٌ بمستوى صلاح عيسى عن أبي الغيط (في برنامج «البيت بيتك» على الفضائيّة المصريّة) إلى حدٍّ يقارب التماهي مع جليسه محمد بسيوني، السفيرِ المصريّ السابقِ في... تل أبيب (راجع: جبريل محمد، موقع كنعان، 3/1/2009). ولكنْ حين تصبح «الحداثةُ» و«بناءُ الدولة» هدفاً مقدَّساً في ذاته، يفوق هدفَ التحرير ومقاومة الاحتلال، بدلاً من أن يتوازى معه (ولا نقول يتخطّاه)، فماذا سنتوقّع إلا نسخاً معدَّلةً ومنقّحةً أحياناً من إلياس عطا الله وفخري كريم؟ أمّا عادل إمام، الذي كان قد أدان وجودَ السفارة الإسرائيليّة في قلب القاهرة، وذلك في فيلمه الشهير «السفارة في العمارة»، فقد استنكر التظاهراتِ والإضراباتِ لأنها «تُضرّ باقتصاد بلادنا»، وانتقد شعارات «بالروح بالدم نفديكِ يا فلسطين» (جريدة المصريّ اليوم، 30/12/2008). وكلُّ ذلك كان سيبدو أموراً قابلةً للنقاش لو قَدّم السيّد إمام بديلاً لفلسطينيّي غزّة غيرَ الاستسلام، ولو لم يَعطفْ كلامَه ذاك على لوْم القيادات الفلسطينيّة لأنها لم تأخذْ «تحذيرَ» القيادات المصريّة من الهجمات الإسرائيليّة على محمل الجدّ، ولو أنّه ـ على الأقلّ ـ طالب بفتح معبر رفح أو... إغلاقِ السفارة في العمارة!
■ التظاهرات العربيّة اليوم
وما دمنا قد ذكرنا انتقادَ عادل إمام للتظاهرات، فلنتجرّأْ على الاعتراف، ولكنْ من منطلق تأييدها والمشاركة فيها على الدوام، بأنّ معظمَها يعْوزها الإبداعُ. الهتافاتُ نفسُها. الشعاراتُ نفسُها. اليافطاتُ نفسُها. لكننا نشارك بها. أحياناً على مضض، وأحياناً بحماسة. على مضض؟ لأننا سئمنا تردادَ القديم منذ عشرات السنين. وبحماسة؟ حسناً، لأننا نحنّ إلى القديم! ذلكم تناقضٌ لا بدّ أن يشْعر به كلُّ مَنْ تخطّى الأربعين مثلي وشارك في التظاهرات منذ عام 1973 (تظاهرتي الأولى حصلتْ أمام مستشفى البربير، وكنتُ في الحادية عشرة من عمري، وكان شعارُها الأبرز: «سحقاًً سحقاً بالصُّبّاطْ للّي فكّوا الارتباطْ!». أكان منتظر الزيْدي بيننا، أو في تظاهرة شبيهة في بغداد؟).
التظاهرة ليست مجرّدَ فشّة خلق أو تنفيسٍ عن مشاعرَ محتقنة. إنها، قبل كلّ شيء، كسرٌ لجدار الخوف الذي فرضه النظامُ الرسميُّ العربيُّ علينا، إلاّ حين يكون هو مَنْ نظّمها (ومع ذلك، فإنّ بالإمكان، في هذه الحالة نفسها، «تسريبَ» بعض الرسائل المعارضة، بفضل الاحتشاد وفورة العواطف). والتظاهرة هي التعبيرُ الجماعيُّ الأوسعُ عن آراء الناس حين تغيب الانتخاباتُ النزيهةُ وتغدو البرلماناتُ العربيّةُ نسخةً عن السلطات الحاكمة. والأهمّ أنّ التظاهرة فرصةٌ متجدّدةٌ للتضامن الشعبيّ وراء أهداف محدّدة.
لتظاهرة في الوطن العربيّ اليوم عنوانُها فلسطين والمقاومةُ الفلسطينيّة. لكنّ ذلك ليس إلا العنوانَ الظاهر؛ فخلفَه عناوينُ مبعثرةٌ أخرى: شتمُ الرئيس، شتمُ البوليس، شتمُ الفساد، شتمُ التخاذل، شتمُ الأنظمة القطْريّة التي تبيع «القضيّةَ» كي تبقى على الكرسيّ. أفكّر بذلك وأنا أسير وأشتم النظامَ الفلانيّ والرئيسَ العلاّنيّ. أتذكّر مقالَ أنسي الحاج في جريدة الأخبار (2/1/2009): «الحرّية هي فعلُ النفس المتأمِّلة، لا تنفيسُ احتقانِ الشارع. الصراخ تغطيةٌ لا تصريح، والصارخون أقلُّ توجّعاً من الجالسين وحدهم في عذابهم، وأقلُّ صدقاً، وأقلُّ جدوى». أهذا ما يظنّ شاعرُنا أننا، معشرَ المتظاهرين، نفعله: نصْرخ، وننفِّس عن احتقاننا؟ أيظنّنا أقلَّ توجّعاً من صاحب «النفس المتأمِّلة» (ولا أتحدّث، فقط، عمّن أغمي عليه ودخل المستشفى جرّاءَ تنشّق الغاز المسيل للدموع كما حدث مع رفيقي د. هشام البستاني قبل أيّام في عمّان، ولا عمّن جُرح أو كُسرتْ ضلوعُه، أو سُجِنَ وأهينَ، وما بَدّلَ تبديلاً)؟ أيريد مِن كلّ هذه الملايين في العالم أن تجلسَ في بيوتها وتمارسَ «فعلَ النفس المتألّمة» على مصير الفلسطينيين ليكون فعلُها أكثرَ «جدوى»؟ أَكنّا سنكون أسعدَ وأقوى في صيف 2006، مثلاً، لو بقي العالمُ في بيته يمارس «فعلَ النفس المتأمِّلة»؟ ألا يعتقد أنّ التظاهرات في العالم ترْسل، على أقلّ تقدير، رسائلَ متنوّعةَ الدلالات إلى أنظمتها، وإلى إسرائيل، وإلى الشعب الفلسطينيّ؟ ألم تؤثّر التظاهراتُ في العالم في سقوط نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، والاستعمار الفرنسي في الجزائر مثلاً، إلى جانب أساليب أخرى كالعمل المسلّح؟ كيف غاب كلُّ ذلك عن بال شاعرٍ كبيرٍ مثل الحاج يشْعر بأدقّ اختلاجاتِ الروح والجسد؟ كيف يذمّ التظاهرات، ولئنْ حاول مجاملةَ المتظاهرين فبشكلٍ أبويّ فوقيّ من قبيل: «من المؤكّد أنّ بين الصارخين صادقين لا يَعْرفون غيرَ هذه اللغة وسيلةً للتعبير»؟ من يُبلغ أنسي الحاج أنّ من بين الصارخين مَن يعْرف لغاتٍ كثيرةً، بما فيها لغةُ الشعر؟ ومَنْ ينْبئه بأنّ الانتصارَ للعدالة قد لا يحتاج إلى أيّة «لغة» بالمفهوم النخبويّ المتعارَف عليه؟ ومع ذلك، فإنّ أنسي قد يكون على جانبٍ من الصواب لو اقتصرت التظاهراتُ على الهتاف والشتم مثلاً (ألاحظتم كم مرةً وردتْ كلمة »شتم» أعلاه؟). إنّ أهميّة التظاهرات، من حيث فائدتها العمليّة، هي في كونها جزءاً من حراك شعبيّ أوسع يُسْهم في «تقرير سياسات» البلاد العربيّة (ماجد كيّالي، صحيفة الحياة، 4/1/2009). ففي التظاهرات قد يجري توزيعُ أدبيّات مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، أو نسجُ الصداقات الشخصيّة التي قد تؤدّي لاحقاً إلى نشاطاتٍ سياسيّةٍ مشتركة (وتنسيباتٍ حزبيّة)، أو التنبيهُ إلى العلاقة الوثيقة بين العدوانيّة الإسرائيليّة ـ الأميركيّة والقمع الرسميّ العربيّ، أو عشرات القضايا الأخرى. ومن أسفٍ أنّ كثيراً من ناشطينا لا يستغلّون هذه المناسباتِ شبهَ النادرة لنشر التوعية في ميادين السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم.
ولكنْ حتى لو اقتصرْنا على الناحية السياسيّة بالمعنى الضيّق، وعلى فلسطين تحديداً، فإنّ تظاهراتنا، كما ذكرتُ سابقاً، ينقصها الإبداعُ. وقد خَرَقَ هذا الحكمَ العامَّ في بيروت أخيراً تظاهرتان. الأولى تظاهرةُ الأكفان المئة التي حملتْ شعاراً واحداً: «كلّنا غزّة»، وأعادت إلى بيروت، بزخمٍ وصخبٍ لائقيْن بتاريخها، طابعَها الفلسطينيَّ العربيَّ العريقَ من خلال صوت محمود درويش الهادر وأناشيدِ الثورة الفلسطينيّة قبل مرحلة بيروت 1982 وبعيْدها (راجع أدناه). والثانية العرضُ البصريّ ـ السمعيّ الذي أقامته حركةُ الشعب أمام السفارة المصريّة. لكنّ العرض البصريّ فشل، للأسف، بسبب الأضواء الكاشفة المسلّطة فوق المبنى المجاور للسفارة؛ وكان ينبغي على المنظّمين أن يقيموا «بروفا» قبل العرض الفعليّ.
1 - Norman Finkelstein, A Debate with Martin Indyk on Democracy Now (with Amy Goodman), Jan 8, 2009.
2 - تقول تانيا رينهارت إنه لا يمْكن أحداً، وإنْ كان متعاوناً مع الاحتلال، أن يرضى بالتخلّي عن الأماكن المقدّسة. ويرى تشومسكي أنّ الأنظمة العربية ما كانت ستغضّ الطرفَ عن هذه المسألة الدينية الحسّاسة خوفاً من غضبة جماهيرها. راجع:
Znet Commentry, 2/10/2000; Al-Ahram Weekly Online, 2-8/11/2000.
3 - أنظر: شرون قومش، ترجمة سماح إدريس، مجلة الآداب 7-9، 2008
4 - تراجعت الوزارة عن قرارها تحت الضغط الشعبيّ، بل نفت أن تكون قد اتّخذته أصلاً!
* رئيس تحرير مجلة الآداب
" الأخبار"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق