الأربعاء، 14 يناير 2009
من يُدن المقاومة، كيف يقود شعبا مقاوما؟! بقلم : رشاد أبوشاور
خاب توقع بعض الفلسطينيين والعرب، أن يدعو رئيس السلطة (أبو مازن)، رغم انتهاء فترة رئاسته، لمؤتمر صحفي حاشد، يعلن فيه موقفه من الحرب الوحشيّة على أهلنا في قطاع غزّة، ويتّخذ موقفا يختم به حياته السياسيّة، معلنا بحزم: أمام الجرائم التي يقترفها الكيان الصهيوني، ووحشيّة وبشاعة جيش الاحتلال، فإننا نعلن إيقاف المفاوضات نهائيّا، وإعادة النظر جذريّا باتفاقات (أوسلو) ... أنا لم أكن من أولئك المراهنين على موقف انقلابي لأبي مازن على فكره ومسيرته السياسيّة، لأنّ الرجل، وكما ثبت من جديد، ينفر من المقاومة، فكرا، وممارسةً، ولا يغيّر موقفه من خيار (أوسلو)، ونهج المفاوضات، مهما حدث... في مؤتمره الصحفي بالقاهرة، وبعد لقائه بحسني مبارك، أعلن من جديد: مقاومة تدمّر شعبنا ..لا نريدها. رغم كّل ما يقترفه جيش الاحتلال، بتوجيه قيادته السياسيّة الشريك في عمليّة سلام ( أوسلو) ، فإن أبامازن لا يريد مقاومة، يتهمها بأنها تدمّر شعبنا! ما الذي يريده أبومازن إذا؟! مقاومة لا تدمّر شعبنا! إنه لا يريد سماع حتى اسم المقاومة، فماذا حقق هو لشعبنا باتفاقات (أوسلو)؟ هل يمكن أن يقف أمام شعبنا ليجيب على السؤال، وبالوقائع، ليضحد التهم الموجهة له ولكّل من أسهم في خيار سلام أوسلو؟! منذ العام 1993، وحتى حزيران 2007، أي تاريخ هيمنة حماس على قطاع غزّة، ما الذي جلبته مسيرة السلام مع الكيان الصهيوني لشعبنا؟ ماذا أبقت من الأرض، والماء، والاقتصاد، والتعليم، والقدس، وتحرير الأسرى؟! ألم تكفكم خمسة عشر عاما من بيع وترويج الأوهام يا أبا مازن؟! ومع ذلك، ومع كل الفشل، والخراب.. تدين المقاومة؟! في التظاهرات التي تملأ شوارع العالم، والتي تعيد وهج فلسطين، وتعلي من عظمة شعبنا، وتدين الكيان الصهيوني وأمريكا، وكما لم يحدث من قبل، سمعنا ألوف الحناجر تهتف: اعطني حريّتي.. أو الموت!أليس هذا هو شعار شعبنا: الموت ولا المذلّة؟ ما هو الخيار الذي كنت تريد شعبنا أن يختاره منذ بدأت الغزوة الصهيونيّة لوطننا فلسطين؟! كيف كنت تريد لشعبنا أن يواجه الانتداب البريطاني الذي احتّل وطننا _ بعد أن منح اليهود وعد بلفور ـ فخرّب الزراعة، ودمّر الاقتصاد، وأرهق شعبنا بالضرائب، والسجون، ونفى قادته، وسهّل تسلّل ألوف اليهود برّا، بحرا، وجوّا، ومكنهم من تأسيس مستوطنات انطلقت منها عصابات القتل والاحتلال؟! من هناك، بدأت مقاومة شعبنا التي تدينونها، أنتم من اخترتم العناق، والصداقة، ونسجتم حبل المودّة مع بيرس، وباراك، وأولمرت، وليفني... يا أبامازن: من هو الشعب، على وجه هذه الأرض، الذي تحرر بدون مقاومة؟! أنت وقريع رضيتما ببنود (أوسلو)، من وراء شعبنا، وعليها وقّع الراحل أبوعمّار في حديقة البيت الأبيض في أيلول 1993، ومضيتم على طريق السلام... ومع ذلك، وعند بدء التململ من جور الاحتلال، فقد دمّرت مقاركم في رام الله، وسُمم الرئيس عرفات، و..ضاعت الآمال، وتبددت الأوهام، وما بقي سوى القليل من أرض الضفّة، وحقولها... لكنكم لا تراجعون طروحاتكم، فأنتم أدمنتم المفاوضات، وطاقمكم المفاوض يستمتع بحياته التفاوضيّة، وينظّر لها... ألم تدمّر مسيرة أوسلو حياة شعبنا في الضفّة والقطاع؟ ماذا تسمّي الحواجز، والطرق الالتفافيّة، والجدار، وتغيير معالم القدس، و11 ألف أسير وأسيرة ؟ بناءً وازدهارا وإنجازات بفضل بركات سلام أوسلو، وواقعيتكم، وحكمتكم! ماذا بقي لشعبنا من خيارات بعد أن منحكم 15 عاما لتأتوه بالدولة الفلسطينيّة؟ بوش وعدكم بدولة قبل نهاية ولايته، فماذا أعطى لشعبنا قبل نهاية ولايته بأيّام؟! مذابح غزّة، وتغطية العدوان بمبررات الحرب على حماس، ومزيد من شحنات الأسلحة تنجز المزيد من التدمير! يبدو أنك وطاقم المفاوضات لم تقرأوا ما كتبه جون بولتون أحد أوقح وجوه المحافظين الجدد، في صحيفة الواشنطن بوست، معلنا الخطّة الأمريكيّة لحّل المشكلة الفلسطينيّة؟! اقترح بولتون أن يُعاد القطاع لمصر، والضفّة للأردن، لأنّ هذا هو المخرج من هيمنة حماس على القطاع، ولأنّ السلطة في الضفّة ضعيفة وفاسدة وفاشلة، وعاجزة عن إن تكون سلطة قويّة! ماذا تقترح يا أبامازن أنت والطاقم المحيط بك، والذي اختار أسلوب التفاوض مهما حدث، حتى لو دمّر العدو الأقصى، ونهب كّل أراضي الضفّة، وتنكّر لكل القرارات الدوليّة، وفي مقدمتها قرار حق العودة 194؟! كّل الشعوب، والأمم، المُستعمرة، اختارت المقاومة، ومن لم يخترها اندثر وانطوت صفحته في التاريخ ... وكّل من اختار المقاومة يعرف أنه سيقدم تضحيات كبيرة. هذا ما حصل في الجزائر التي انتزعت حريّتها من فرنسا، وفي المغرب الذي طرد إسبانيا، وفي ليبيا التي تحررت من إيطاليا، وتونس التي بالمقاومة كنست الاحتلال الفرنسي، وفيتنام التي هزمت أمريكا، وجنوب أفريقيا التي أنهت الميّز العنصري ... دلنا يا أبا مازن على بلد فاز بحريّته بلا تضحيات! في مؤتمرك الصحفي قلت بأن من يرفض وقف إطلاق النار يتحمّل المسؤوليّة... وقف إطلاق النار يجب أن يتحمّله من أطلق النار. من يحاصر غزّة . من يدمّر البيوت، والمدارس، والمساجد، ويهدد بتدمير المستشفيات . في هذه الحرب الوحشيّة، التي يستعمل العدو فيها أسلحة تدميريّة أمريكيّة تجرّب على أهلنا من أمريكا بوش التي وعدتكم بدولة، لا يساوى بين مقاوم يدافع عن بيته وأهله بأسلحة متواضعة، وجيش مُعتد مدجج بأسلحة تدميريّة تفتك بشعبنا ! هذه الحرب الوحشيّة معلنة الأهداف: تدمير مقاومة الشعب الفلسطيني، و..ووضعه أمام خيار واحد : الاستسلام، والخنوع لشروط حلف الأعداء الذي يضّم أمريكا بوش، والكيان الصهيوني ، ونظام كامب ديفد الذي افتضح أمره أمام العالم. هناك في السلطة من يحلم بانتهاء المقاومة، لينصّب رئيسا يخلفك، وهناك طامحون لوزرات، وهؤلاء يعــــرفهم شعبنا، فهم من تمرّد على الرئيس عرفات، بل وتآمر، والأمر ليس سرّا ..فأين موقع هؤلاء في (المؤامرة)؟ هؤلاء الذي لم يقرأوا ما كتبه بولتون، والذي لن يكونوا سوى أدوات تستعمل لفترة ... المقاومة لن تنتهي، وفي أصعب الظروف والأحوال ستستمّر، حتى لو اقتحمت دبابات العدو شوارع غزّة، وهي إن شاء الله ستجد الدمار والحرائق والموت الزؤام لها ولمن يحتمون بحديدها... لقد لجأتم لقمع شعبنا في الضفّة، وحرمتموه من تفجير انتفاضته الثالثة، مؤقتا، وبهذا فأنتم فوّتم الفرصة على شعبنا للخروج من كارثة أوسلو.. أتعرف رأي شعبنا في دوركم؟! إنكم يا أبامازن، لا تنطلقون في مواقفكم، من الحرص على شعبنا، وقضيتنا، ولكن، وهذا أقّل ما نقوله، لأنكم أسرى خياركم الوحيد، خيار الرهان على أمريكا، ونظام كامب ديفد، و(أريحية) قادة الكيان الصهيوني. يا أبا مازن: يوم 21 آذار 1968 خاض الفدائيون القلائل معركة الكرامة، وكان قرار قيادة فتح الصمود وعدم الانسحاب من الميدان... خرجت فتح قائدةً، وتكرّس نهج المقاومة بالقرار الشجاع والتضحيات . اليوم في غزّة، من جديد، ستخرج المقاومة منتصرة، وكم أتمنّى أن تنهض فتح من جديد، وتتجاوز من سرقوا دورها، وشوهوا مسيرتها، لتكون شريكة لحماس، والجهاد، وكّل فصائل المقاومة، في (الكرامة) الجديدة التي ستنهي حقبة (أوسلو)، وبالمقاومة ستنقذ شعبنا من (مؤامرة) مشروع بولتون (الأمريكي) الصهيوني... شعبنا المقاوم، يا أبامازن، لن يسمح بعد (غزّة) ،أن يقوده من لا يؤمنون بالمقاومة، فكيف بمن يعادونها؟!.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق