وفي الوقت الذي تصول فيه ليفني وتجول في القاهرة كما تشاء، لا يستطيع الرئيس حسني مبارك استقبال الشيخ يوسف القرضاوي الذي سيحث الرئيس على مساعدة أهل غزة والكف عن تجويعهم. لقد تحول شرم الشيخ إلى وكر للصهاينة، يأمرون حلف الاعتدال منه وينهون، ولقد أصبحت المقرات الرئاسية مرتعاً لكل إرهابي، من ليفني إلى كونداليزا مروراً بمجرمي الحرب الصهاينة دون استثناء. ولكن المقرّات هذه عاجزة اليوم عن استقبال وفد علماء المسلمين.
ممّ نندهش، وهل يحق لنا أن نستغرب، وقد أعلنت مصر جهاراً نهاراً، أنها ستحارب بكل قوة إمارة إسلامية على حدودها مع فلسطين، وأنها تقبل راضية طائعة بدولة صهيونية إجرامية ملاصقة لها. وكيف لنا أن نُشده من هذا الموقف، وقد استطاعت ليفني أن تصرخ من قلب القاهرة بأنها ستبيد حماس وعلى مرأى الرئيس المصري، تماماً كما أعلنها قادة الحرب الصهاينة ومن القاهرة بالذات بأنهم سيدمرون المفاعل النووي العراقي.
الظرف، كما قالت الرئاسة المصرية غير مناسب لزيارة وفد علماء المسلمين، ولكنه مناسب لزيارة قادة الكيان الصهيوني. فالوقت مناسب لأولئك الإرهابيين في الليل والنهار، على مبدأ" صِله سُحَيراً من قطعك". لكنه لا يناسب أبداً زيارة الشيخ القرضاوي.
إذا كانت القيادة المصرية ستكسر أرجل كل فلسطيني يعبر إلى الأراضي المصرية، وتسمح في الوقت نفسه، لآلاف الصهاينة بزيارة القاهرة دون تأشيرة دخول لممارسة طقوسهم والاحتفال بالأعياد اليهودية وإقامة الصلوات والعبادات في ظل حماية الأمن المصري. فلماذا نستغرب أن يرفض الرئيس المصري المشغول استقبال وفد إسلامي. وهل سيسمع منهم غير طلب بمساعدة حماس والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني؟. وهذا بالضبط ما يؤرقه ويخيفه، فكيف سيساعد الشعب الفلسطيني وقد أخبر العالم كله، أنه يطمح للتخلص من الحماس ومن إمارتها الإسلامية!.
فرعون استقبل موسى عليه السلام، وكان في استقباله للرسول الكريم هلاكه، ولربما خاف الرئيس مبارك من عاقبة مشابهة، ففضل ألا يستقبل القرضاوي فهذا أضمن له ولبقائه.
مصر العروبة التي تستقبل كل أصناف المجرمين والإرهابيين في العالم، بل وتستقبل ممثلات الإباحية والشذوذ وتمنحهن جوائز مهرجاناتها، غير قادرة اليوم على استقبال وفد من علماء اتحاد المسلمين خوفاً من أن يزيد حالتهم حرجاً وعورتهم انكشافاً.
لقد عجزت مصر اليوم أن تكون كفنزويلا، أو كقطر التي هاجم أميرها الاعتداءات الصهيونية الظالمة في غزة، وعجزت أن تكو ن كموريتانيا أو كالأردن حليفتها التقليدية في السلام مع العدو. لقد عجزت مصر أن تكون مصر التي نعرفها ونبني عليها الآمال. أ فمعقول يا سيادة الرئيس مبارك، أن تأخذ النخوة والشهامة شافيز وهو في أقصى الأرض، وأن تأخذ الحمية العربية الإسلامية رجب طيب أردوغان، وتذهب هذه النخوة أبعد من ذلك إلى شوارع أوروبا وأمريكا نفسها ولا يأخذكم بعض منها وأنتم على بعد أمتار من غزة وأنتم جيرانها وعرب مثل أهلها؟!.
ومع كل ما قلته، فإنني لا أخفي غبطتي من أن القرضاوي، ولله الحمد، لن يقابل وبالتالي لن يصافح الرئيس مبارك أو أحمد أبو الغيط، أو الذين باعوا غزة ودفعوا فوقها مالاً للصهاينة. وكما أن العالم كله استاء من طنطاوي لمصافحته الإرهابي بيريز، فإن كثيراً من المتابعين كان سيستاء لو صافح الشيخ القرضاوي حسني مبارك، وهل يصافح العلماء القادة الذين يتآمرون على شعوبهم ويساهمون في نصرة العدو وتمكينه. وكم فرحنا يا شيخ أنك حافظت على طهارة يدك وعدم تنجيسها بمصافحة من لا يستحق.
وإلى فضيلة الشيخ القرضاوي، فنحن نتفق معك أن على العالِم أن يزور الحكام ويناصحهم، ولكنني أحب أن أسالك سؤالاً: فلو أن الحاكم رفض استقبال العلماء وضرب بقولهم عرض الحائط، بل وحرض عليهم وعلى علمهم، فماذا يكون ردّ العالم وكيف يناصحه؟. ولتقل لنا يا فضيلة الشيخ الذي نكن له الاحترام والتقدير، عندما تستباح ديار المسلمين ويقتل أهلها، وأطفالها وتنتهك أعراضها، ماذا يكون دور العالم في هذه الحالة؟ هل له أن يعلن الجهاد من منبره وفي مسجده، ويحرض الناس على القتال أم لا؟؟.
إننا نطالب بوقفة صريحة للعلماء حول ما يجري في غزة، فلماذا لا يجتمع هؤلاء العلماء فوراً من ساعتهم، ويعلنون وجوب الجهاد ويحثون عليه، أم أنكم تنتظرون موافقة ولي الأمر؟ فماذا نفعل إذاً يا فضيلة الشيخ إذا كان ولي الأمر في مصر بل في نصف الدول العربية هو جورج بوش، هل نطيعه أيضاً كما أمرنا العبيكان، أم نثور عليه؟ وهل يسقط الجهاد، إذا كان ولي الأمر هرماً ويخاف على ماله في مصارف أوروبا؟ وهل ننتظر حتى يموت أهل غزة كلهم، حتى نفكر بتكريس ثقافة الجهاد والمقاومة والأحذية على وجوه من رفض أم ماذا.
فضيلة الشيخ يوسف، نحن نقدرك ونحبك ونحب أن نذكرك بقوله تعالى"فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا.دكتوراه في الإعلام – فرنسا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق