الأحد، 22 فبراير 2009
الامر الذي سيأتي غدا بالتاكيد \ بقلم: بن كاسبيت \ معاريف -20/2/2009
في اخر المطاف استكمل الثمن المحدد. ربما سنستبدل بعض الاسماء، وربما نغير شيئا في الهوامش. بيغ ديل. ما الذي سيغيره ذلك. الثمن سندفعه، وعندئذ سيطرح السؤال. هذا السؤال سيكون شديد الوقع من دون اجابات. ان دفعت اسرائيل الثمن المطلوب مقابل جلعاد شليت في اخر المطاف، فلماذا فعلت ذلك بعد عامين ونصف، او ثلاث سنوات؟ او خمس سنوات؟ لماذا لم تفعل ذلك فورا، من البداية موفرة على نفسها وعن عائلة شليت هذه العذابات الفظيعة؟
ربما حدث ان اولمرت قد ادرك الامر فجأة؟ ان دفع الثمن الان فسيسألوه، لماذا انتظر كل هذه الفترة؟ ربما. الامر الاكيد هو ان الجدل قادم، قويا ممزقا ومبدئيا. اولمرت ورئيس الشاباك يوفال ديسكن ورئيس الموساد مئير دغان وتسيبي لفني وحاييم رامون من جهة. ومن الناحية الاخرى مجموعة لا تقل عنهم اهمية: وزير الدفاع، رئيس هيئة الاركان عاموس جلعاد والاغلبية الساحقة من قادة الجيش الاسرائيلي. جدل مرير حافل بالغرائز والعواطف. طرف جبل الجليد هذا تكشف في يوم الاربعاء من خلال صحيفة "معاريف"، من خلال اندفاعة تحصل بصورة نادرة ولمرة واحدة من قبل عاموس جلعاد. من يعرف جلعاد يعرف ان كل كلمة هامة عند هذا الشخص، وكل فقرة تسجل وكل مقطع يقاس بدقة. وها هو فجأة يطالعنا بهذا الطوفان. في يوم الاربعاء، بعد جلسة المجلس الوزاري بدا جلعاد منتهيا. ابيض اكثر من عادته، منطفئا. هو تلقى حماما من اولمرت، ولكنه لم ينفي اقواله. قصد كل كلمة قالها. اذا من المحق في هذه الحكاية؟ الجميع. ومن المخطىء الجميع كذلك. ليس هناك جواب سهل على هذا السؤال وربما ليس هناك جواب بالمرة.
بنيامين نتنياهو سيدخل في وقت ما في الاسابيع القريبة من ديوان رئاسة الوزراء. اليكم تسجيلا لمحادثة العمل الاولى التي سيجريها مع رئيس هيئة الاركان جابي اشكنازي. سيكون في الغرفة سكرتيره العسكري والسكرتيرة التي تسجل البروتوكول الامور ستسجل كالمعتاد.
"سيدي رئيس الوزراء" ، سيقول له اشكنازي، "نحن نقف على ارض مهتزة. لباب هذه الارض يتدفق من كل اتجاه، في باطن الارض تجري امور كثيرة. اجهزة الطرد المركزية تتجول في طهران والساعة تتكتك. العالم العربي يغلي غليانا. هذه المجابهة بين المتطرفين والمعتدلين، توشك على الوصول الى نقطة الحسم وليس لصالح المعتدلين. انظر الى قطر قد انتقلت الى الجانب الايراني. ولتوجه نظرك نحو السعودية لترى كيف تلعب لعبة مزدوجة. كل ما بقي هنا وبصعوبة هو مصر. ربما الاردن ايضا الا انه هو الاخر مثل الورقة في الهواء. تركيا قد ضاعت من بين ايدينا منذ زمن. ان كنت تعتقد ان من الممكن قصف المشروع النووي الايراني، فانت مخطىء. عما قريب، عندما ستقرأ المعلومات ستدرك ان هذا اهدار للوقت. نحن نستطيع الوصول اليهم وضربهم، ولكن هذا الامر لن يغير شيئا.
"الطريق الوحيد لتغيير هذه المعادلة، هو تغيير هذا الاتجاه والمرور عبر دمشق. بشار الاسد يريد صنع السلام معنا. بصورة قاطعة. اسأل مئير دغان وعاموس يدلين وعاموس جلعاد. هو يدرك انه لا ينتمي للمعسكر المتطرف. كل مسجد شيعي يبنى في سورية وهذه المساجد كثيرة هناك، يخيفه. بعد عام او عامين سينتهي النفط الموجود لديه. هو يريد السلام وجاهز لدفع الثمن. هذه مسألة نعرفها وهي الطريقة الوحيدة لعزل ايران. هذه الطريقة الوحيدة لانقاذ لبنان ربما. نحن في نقطة انقلاب للوضع وكل ما يتوجب فعله هو تجنيد اوباما. لا تضيع الوقت يا سيدي رئيس الوزراء لانك لا تمتلك الكثير من هذا الوقت. بوش كره الاسد كراهية شخصية وقّادة. اوباما لا يحمل اراء مسبقة، وهو منفتح وجاهز لعقد الصفقات. الامريكيون يوشكون على مغادرة العراق ولذلك يعتبر الموقف السوري هاما جدا لهم. هم بحاجة للظهر السوري وهم وحدهم الذين يستطيعون توفير الرزمة والمظلة والاجواء اللازمة للسلام بيننا. فالتتوجه الى اوباما يا بيبي والان".
حتى ذلك الحين يتبقى لايهود اولمرت بضعة اسابيع قليلة. ربما كان بامكانه ان ينهي قضية شليت. حتى ما قبل فترة غير بعيدة بدا انه يوشك على ذلك وفجأة حدث الانقلاب. لا تهدئة ولا معابر من دون شليت. نقطة نقطة عاموس جلعاد اعتقد ان اولمرت غير جدي. طوال اسابيع وهو يتجول بين القاهرة والقدس وتل ابيب وفجأة يسحبون البساط من تحت قدميه. المشكلة هي ان لدى الجانب الاخر ايضا ما يطرحه. وحجته قوية. والجميع رأوا التهدئة الاولى التي جلبها جلعاد. ما الذي ربحناه من ذلك؟ حمى. لا تهدئة ولا شليت. اولمرت استفاق وقرر عدم الانجرار الى هذه الحكاية مرة اخرى. وعلى الطريق لفظ البحر جثة عاموس جلعاد والقى بها نحو الشاطىء.
اولمرت جلب لجلسة المجلس الوزراي تحقيقا اجراه الشاباك، يبرهن على ان شروط التهدئة الحالية لا تختلف بشيء عن شروط التهدئة الاولى. المسألة هي ان هناك اشخاصا اخرين ينادون بنفس الرأي الذي ينادي به جلعاد. وزير الدفاع مثلا. ورئيس هيئة الاركان وكل قيادة الجيش. هم يعرفون ان التوازن الاستراتيجي مع مصر اهم من اي شيء اخر مع كل الاحترام للامور الاخرى. من دون مصر خسارة على وقت الجميع. لديهم ايضا اخوان مسلمون وهم يتعرضون لانتقادات شديدة، وهم بانفسهم يرتعدون من الطوفان والبركان الاتي في الشرق ويبدأ في لفظ حممه في بلادنا. في بيروت وغزة وسيناء.
عاموس جلعاد بنى مع المصريين علاقات ثقة نادرة. بما في ذلك مكالمات هاتفية في ساعات الفجر الاولى. يستقبلونه باحترام كبير في القاهرة. ولكن يتبين انه لا يلقى احتراما كبيرا في القدس. جلعاد محطم. في هذا الاسبوع استذكر كيف اتصل اولمرت معه في الرابعة فجرا ليلة انسحاب الجيش الاسرائيلي من غزة بعد عملية الرصاص المصهور واثنى على الصيغة التي جلبها معه في ذلك اليوم من القاهرة واتاحت انهاء المسألة. الان يتبين ان هذه المسألة ابعد من ان تكون منتهية.
في مواجهة كل ذلك، هناك مصير جندي واحد على كفة الميزان. ما زال حيا يرزق مع اسرة واصدقاء وصور واب وام. هنا يتوجب فتح هلالين. سنجد فيهما واحدا وهو عوفر ديكل. الكلمات والاوصاف التي تطلق في مقر وزارة الدفاع على ديكل ليست ملائمة للنشر. يسافر ويعقد الصفقات التجارية ومرتبط بـ "المجموعة النيجيرية" (دان حالوتس، لوني هارتسيغوفتش، يوفال رابين وغيرهم من الذين يحاولون عقد صفقات السلاح في افريقيا)، يؤلف كتابا حول القضية، بينما يواصل الجندي السقوط في العفن في اسره. وفقا للجهات الامنية، ديكل فرض صفقة ريغف – غولد فاسر على الحكومة، وبعد ذلك ترك المكان. وفقا للمصادر الامنية ليست هناك اتصالات بالمرة ولا قائمة ولا اي شيء. المصريون يشعرون بالاهانة. كل شيء مجمد، ما تبقى هو الحيل والالاعيب. يرد الحرب بالحرب. ديكل يعمل طوال الوقت.
"هذا جنون مبارك لا يعمل عندنا" قال عاموس جلعاد لمعاريف بالامس، وكل كلمة من كلماته مستخرجة من صخور مقر وزارة الدفاع في تل ابيب. في ديوان رئيس الوزراء يردون باستهزاء. عاموس جلعاد حاول انتزاع حكاية شليت من عوفر ديكل ولكنه لم ينجح في ذلك. عندما ادركوا انهم ليسوا في هذه الحكاية بدأوا يعربدون. هناك امكانيات اخرى لا تقل اثارة. اولمرت يعرف منذ اسبوع ان ليبرمان سيوصي بنتنياهو لرئاسة الوزراء ويعرف بان لفني ستتوجه للمعارضة. هذا يعني اننا سنواجه حكومة يمين ضيقة في المرحلة الاولى. اولمرت يعتقد ان هذا سيضغط حماس المتعطشة للانجازات والتهدئة والسجناء. لذلك رفع مستوى مطالبه وراهن على كل الصندوق. شليت الان، هو يقول لحماس، بانه لن يكون بعد ذلك. وبعد ذلك يعني حكومة بيبي – ليبرمان.
يوم السبت الرابع عشر من شباط، قلب جابي اشكنازي الشريط المسجل. لقد مر عامان وبقي عامان اخران. اشكنازي يحصي الايام فكم يود ان يكون رئيسا لهيئة الاركان وكم هو معذب الان. السياسة تتدفق من حوله وهو يحاول اغلاق الثغرة. الامر ليس سهلا بالنسبة له. عما قريب سيبدأون بالتفكير في خليفته. اضيف للمرشحين في الاونة الاخيرة عدد اخر من المرشحين والاسماء. المفاجىء من بينهم هو موشيه كابلنسكي. اجل يتحدثون عن هذه الامكانية ايضا. مجرب وناضج وهو في الانتظار منذ جولة واحدة في الخارج وجاهز للعودة للداخل. علاقاته مع اشكنازي ممتازة. وبالمناسبة التقى اشكنازي في الاسبوع الماضي بدان حالوتس في محادثة شخصية طويلة. كما ان بني غينتس عاد للمنافسة ايضا. ان اصبح مفاز وزيرا للدفاع (الامر الغير مؤكد بالمرة) فستكون الافضلية لغينتس. ولدينا ايضا ايزنكوت وربما غلنت. هذه هي الاسماء.
ليس بعيدا عن مقر وزراة الدفاع جرت في يوم الخميس جلسة لما تبقى من قائمة حزب العمل في الكنيست. ايهود باراك صرح في بداية الجلسة عن التوجه لصفوف المعارضة.
رغم ذلك ليس الجميع مطمئنين. ان سألتم سيلفان شالون مثلا فالعمل هو خيار جدي ومحتمل للحكومة. ان كان حزب كاديما سيتوجه للمعارضة فعلا فما الذي سيفعله حزب العمل في الخارج. ليس بامكان باراك ان يكون رئيسا للمعارضة حتى، وهكذا سيتعفن حزب العمل في الهامش، متحولا الى ميرتس كاديما، في طريقه نحو الزوال. شالوم يتحدث عن خمسة حقائب وزارية بما فيها وزارة الدفاع، المهم ان يأتوا.
في هذه الاثناء هم ليسوا متحمسين كثيرا. "خلال الاسبوعين الاخيرين من الحملة" قالت يولي تامير في جلسة كتلة حزب العمل، "خسرنا اربعة حتى خمسة مقاعد. لو كانت لدينا حملة انتخابية صحيحة وجيدة لما حدث ذلك". باراك اوضح: "لدينا مشاكل اقتصادية، نحن حزب فقير وليس بامكاننا ان نسمح لانفسنا بمستشار كرؤوفين ادلر". وعندئذ تكلم يورام مارتسيانو رحمة الله عليه وقال "لقد كان لدينا شخص مثل ادلر وهو الداد يانيف، الذي هو عبقري سياسي ولو كان معنا لما حدث ذلك". باراك اصغى وصمت. فجأة سمع صوت ازيز الكرسي الذي يجلس عليه شالوم كيتل. كيتل الذي يعتبره البعض في الكتلة مسؤولا عن هذه النتائج الشحيحة (دائما يتهمون المبعوث) لم يسقط رغم انكسار الكرسي الذي يجلس عليه. ولكن ليس هذا حال حزب العمل الان فوضعه معاكس.
اذا ما الذي انتصر في انتخابات الكنيست افيغدور ليبرمان انهى الجدل بصرخة حادة. نتنياهو هو الذي انتصر. نتنياهو هو الذي سيشكل الحكومة. ولكن احد ما اخر قد انتصر واسمه دانيال فريدمان. "الفريدمانية"، كما يقول المؤيدون لسلطة القانون هي التي انتصرت. كل من خاض الصراع ضد فريدمان، من باراك مرورا بزهافا جالئون، تلقى ضربة. ليبرمان حلق عاليا وتكتل اليمين انتصر. فريدمان لم يعرف حتى انه كذلك. لماذا؟ لانه ليس كذلك. من حاول تصويره على انه معاد لسلطة القانون وممثلا لقوى الظلام السوداء فوق الارض، فعل ذلك من تلقاء نفسه. الجمهور لم يقبل هذا الادعاء كما يتضح.
هناك محللون يحثون افيغدور ليبرمان منذ مدة من الزمن على ان يتنازل طواعية وان يعترف بكل شيء وان يدخل نفسه الى السجن من الان. سلفا. ان تحققنا من الامر سنجد ان هؤلاء المحللين قد تصرفوا بصورة مغايرة تماما في قضية مشابهة ومنذ زمن غير بعيد. التفاصيل متشابهة تقريبا: ها هي ملايين الشواكل تمر من دون تبرير منطقي، من حساب متهم بارتكاب جنايات لحساب زوج – زوجة سياسي مرموق. حينئذ كان هذا الشخص جلعاد شارون. الملايين مرت من دافيد افل اليه. ما الذي قاله امنون ابراموفيتش في ذلك الحين؟ ان المحظور علينا ان نمس بشارون. يجب ان يكون محصنا من اي مس "أترج"، لانه يوشك على اخلاء مستوطنات. هذا اهم حتى من سلطة القانون.
وها هو الزمن يمر. نفس الحكاية تتكرر بالضبط. فماذا يقول ابراموفيتش هذا الان؟ نفس الشيء ولكن بصورة معكوسة. هو يقول ان ليبرمان مجرم ومحتال ورجل مافيا، يقضي اغلبية وقته في الخارج وينشغل في امور واعمال ظلامية. اسود من السواد. ايفيت فلتصرح من الان فورا انك تؤيد اخلاء المستوطنات فربما يساعدك ذلك.
اليكم نموذجا اخر. صغير ولكنه كبير من حيث الاهمية. في الثاني من كانون الثاني 2007، اقتحم عشرات المحقيقين سلطة الضرائب في اسرائيل واحتجزوا 22 من كبار المسؤولين فيها، بما في ذلك الرئيس جاكي ماتسا. الصحف تتحدث عن اكبر قضية فساد منذ قيام الدولة. بالله عليكم؟
لقد مر عامان ونيف. حياة الكثيرين من بني البشر دمرت حتى النخاع. المدخرات والتوفيرات ضاعت والمحامون في هذه القضايا يصبحون مثل الجواهر من حيث الاهمية. اين لوائح الاتهام؟ لم تقدم حتى الان. ربما ينتظرون لائحة الاتهام ضد موشيه قصاب. الان هناك حيرة وتردد وما الى ذلك.
اذا فلتنتبهوا: في السادس من تموز 2008 اجرت الحكومة نقاشها الشهير المثير للخلاف حول قضية تشكيل لجنة تقصي حقائق في قضية رامون. قبل ذلك بيوم عمل واحد (!)، نشرت النيابة العامة بيان مدويا حول لوائح الاتهام المتوقعة في قضية سلطة الضرائب الضخمة. البيان تضمن الثناء على "عملية التنصت" الضرورية جدا لعمل سلطة القانون. ان كانت هذه سلطة القانون فالفوضى افضل من ذلك، لانها سلطة قانون مجيرة.
ربما حدث ان اولمرت قد ادرك الامر فجأة؟ ان دفع الثمن الان فسيسألوه، لماذا انتظر كل هذه الفترة؟ ربما. الامر الاكيد هو ان الجدل قادم، قويا ممزقا ومبدئيا. اولمرت ورئيس الشاباك يوفال ديسكن ورئيس الموساد مئير دغان وتسيبي لفني وحاييم رامون من جهة. ومن الناحية الاخرى مجموعة لا تقل عنهم اهمية: وزير الدفاع، رئيس هيئة الاركان عاموس جلعاد والاغلبية الساحقة من قادة الجيش الاسرائيلي. جدل مرير حافل بالغرائز والعواطف. طرف جبل الجليد هذا تكشف في يوم الاربعاء من خلال صحيفة "معاريف"، من خلال اندفاعة تحصل بصورة نادرة ولمرة واحدة من قبل عاموس جلعاد. من يعرف جلعاد يعرف ان كل كلمة هامة عند هذا الشخص، وكل فقرة تسجل وكل مقطع يقاس بدقة. وها هو فجأة يطالعنا بهذا الطوفان. في يوم الاربعاء، بعد جلسة المجلس الوزاري بدا جلعاد منتهيا. ابيض اكثر من عادته، منطفئا. هو تلقى حماما من اولمرت، ولكنه لم ينفي اقواله. قصد كل كلمة قالها. اذا من المحق في هذه الحكاية؟ الجميع. ومن المخطىء الجميع كذلك. ليس هناك جواب سهل على هذا السؤال وربما ليس هناك جواب بالمرة.
بنيامين نتنياهو سيدخل في وقت ما في الاسابيع القريبة من ديوان رئاسة الوزراء. اليكم تسجيلا لمحادثة العمل الاولى التي سيجريها مع رئيس هيئة الاركان جابي اشكنازي. سيكون في الغرفة سكرتيره العسكري والسكرتيرة التي تسجل البروتوكول الامور ستسجل كالمعتاد.
"سيدي رئيس الوزراء" ، سيقول له اشكنازي، "نحن نقف على ارض مهتزة. لباب هذه الارض يتدفق من كل اتجاه، في باطن الارض تجري امور كثيرة. اجهزة الطرد المركزية تتجول في طهران والساعة تتكتك. العالم العربي يغلي غليانا. هذه المجابهة بين المتطرفين والمعتدلين، توشك على الوصول الى نقطة الحسم وليس لصالح المعتدلين. انظر الى قطر قد انتقلت الى الجانب الايراني. ولتوجه نظرك نحو السعودية لترى كيف تلعب لعبة مزدوجة. كل ما بقي هنا وبصعوبة هو مصر. ربما الاردن ايضا الا انه هو الاخر مثل الورقة في الهواء. تركيا قد ضاعت من بين ايدينا منذ زمن. ان كنت تعتقد ان من الممكن قصف المشروع النووي الايراني، فانت مخطىء. عما قريب، عندما ستقرأ المعلومات ستدرك ان هذا اهدار للوقت. نحن نستطيع الوصول اليهم وضربهم، ولكن هذا الامر لن يغير شيئا.
"الطريق الوحيد لتغيير هذه المعادلة، هو تغيير هذا الاتجاه والمرور عبر دمشق. بشار الاسد يريد صنع السلام معنا. بصورة قاطعة. اسأل مئير دغان وعاموس يدلين وعاموس جلعاد. هو يدرك انه لا ينتمي للمعسكر المتطرف. كل مسجد شيعي يبنى في سورية وهذه المساجد كثيرة هناك، يخيفه. بعد عام او عامين سينتهي النفط الموجود لديه. هو يريد السلام وجاهز لدفع الثمن. هذه مسألة نعرفها وهي الطريقة الوحيدة لعزل ايران. هذه الطريقة الوحيدة لانقاذ لبنان ربما. نحن في نقطة انقلاب للوضع وكل ما يتوجب فعله هو تجنيد اوباما. لا تضيع الوقت يا سيدي رئيس الوزراء لانك لا تمتلك الكثير من هذا الوقت. بوش كره الاسد كراهية شخصية وقّادة. اوباما لا يحمل اراء مسبقة، وهو منفتح وجاهز لعقد الصفقات. الامريكيون يوشكون على مغادرة العراق ولذلك يعتبر الموقف السوري هاما جدا لهم. هم بحاجة للظهر السوري وهم وحدهم الذين يستطيعون توفير الرزمة والمظلة والاجواء اللازمة للسلام بيننا. فالتتوجه الى اوباما يا بيبي والان".
حتى ذلك الحين يتبقى لايهود اولمرت بضعة اسابيع قليلة. ربما كان بامكانه ان ينهي قضية شليت. حتى ما قبل فترة غير بعيدة بدا انه يوشك على ذلك وفجأة حدث الانقلاب. لا تهدئة ولا معابر من دون شليت. نقطة نقطة عاموس جلعاد اعتقد ان اولمرت غير جدي. طوال اسابيع وهو يتجول بين القاهرة والقدس وتل ابيب وفجأة يسحبون البساط من تحت قدميه. المشكلة هي ان لدى الجانب الاخر ايضا ما يطرحه. وحجته قوية. والجميع رأوا التهدئة الاولى التي جلبها جلعاد. ما الذي ربحناه من ذلك؟ حمى. لا تهدئة ولا شليت. اولمرت استفاق وقرر عدم الانجرار الى هذه الحكاية مرة اخرى. وعلى الطريق لفظ البحر جثة عاموس جلعاد والقى بها نحو الشاطىء.
اولمرت جلب لجلسة المجلس الوزراي تحقيقا اجراه الشاباك، يبرهن على ان شروط التهدئة الحالية لا تختلف بشيء عن شروط التهدئة الاولى. المسألة هي ان هناك اشخاصا اخرين ينادون بنفس الرأي الذي ينادي به جلعاد. وزير الدفاع مثلا. ورئيس هيئة الاركان وكل قيادة الجيش. هم يعرفون ان التوازن الاستراتيجي مع مصر اهم من اي شيء اخر مع كل الاحترام للامور الاخرى. من دون مصر خسارة على وقت الجميع. لديهم ايضا اخوان مسلمون وهم يتعرضون لانتقادات شديدة، وهم بانفسهم يرتعدون من الطوفان والبركان الاتي في الشرق ويبدأ في لفظ حممه في بلادنا. في بيروت وغزة وسيناء.
عاموس جلعاد بنى مع المصريين علاقات ثقة نادرة. بما في ذلك مكالمات هاتفية في ساعات الفجر الاولى. يستقبلونه باحترام كبير في القاهرة. ولكن يتبين انه لا يلقى احتراما كبيرا في القدس. جلعاد محطم. في هذا الاسبوع استذكر كيف اتصل اولمرت معه في الرابعة فجرا ليلة انسحاب الجيش الاسرائيلي من غزة بعد عملية الرصاص المصهور واثنى على الصيغة التي جلبها معه في ذلك اليوم من القاهرة واتاحت انهاء المسألة. الان يتبين ان هذه المسألة ابعد من ان تكون منتهية.
في مواجهة كل ذلك، هناك مصير جندي واحد على كفة الميزان. ما زال حيا يرزق مع اسرة واصدقاء وصور واب وام. هنا يتوجب فتح هلالين. سنجد فيهما واحدا وهو عوفر ديكل. الكلمات والاوصاف التي تطلق في مقر وزارة الدفاع على ديكل ليست ملائمة للنشر. يسافر ويعقد الصفقات التجارية ومرتبط بـ "المجموعة النيجيرية" (دان حالوتس، لوني هارتسيغوفتش، يوفال رابين وغيرهم من الذين يحاولون عقد صفقات السلاح في افريقيا)، يؤلف كتابا حول القضية، بينما يواصل الجندي السقوط في العفن في اسره. وفقا للجهات الامنية، ديكل فرض صفقة ريغف – غولد فاسر على الحكومة، وبعد ذلك ترك المكان. وفقا للمصادر الامنية ليست هناك اتصالات بالمرة ولا قائمة ولا اي شيء. المصريون يشعرون بالاهانة. كل شيء مجمد، ما تبقى هو الحيل والالاعيب. يرد الحرب بالحرب. ديكل يعمل طوال الوقت.
"هذا جنون مبارك لا يعمل عندنا" قال عاموس جلعاد لمعاريف بالامس، وكل كلمة من كلماته مستخرجة من صخور مقر وزارة الدفاع في تل ابيب. في ديوان رئيس الوزراء يردون باستهزاء. عاموس جلعاد حاول انتزاع حكاية شليت من عوفر ديكل ولكنه لم ينجح في ذلك. عندما ادركوا انهم ليسوا في هذه الحكاية بدأوا يعربدون. هناك امكانيات اخرى لا تقل اثارة. اولمرت يعرف منذ اسبوع ان ليبرمان سيوصي بنتنياهو لرئاسة الوزراء ويعرف بان لفني ستتوجه للمعارضة. هذا يعني اننا سنواجه حكومة يمين ضيقة في المرحلة الاولى. اولمرت يعتقد ان هذا سيضغط حماس المتعطشة للانجازات والتهدئة والسجناء. لذلك رفع مستوى مطالبه وراهن على كل الصندوق. شليت الان، هو يقول لحماس، بانه لن يكون بعد ذلك. وبعد ذلك يعني حكومة بيبي – ليبرمان.
يوم السبت الرابع عشر من شباط، قلب جابي اشكنازي الشريط المسجل. لقد مر عامان وبقي عامان اخران. اشكنازي يحصي الايام فكم يود ان يكون رئيسا لهيئة الاركان وكم هو معذب الان. السياسة تتدفق من حوله وهو يحاول اغلاق الثغرة. الامر ليس سهلا بالنسبة له. عما قريب سيبدأون بالتفكير في خليفته. اضيف للمرشحين في الاونة الاخيرة عدد اخر من المرشحين والاسماء. المفاجىء من بينهم هو موشيه كابلنسكي. اجل يتحدثون عن هذه الامكانية ايضا. مجرب وناضج وهو في الانتظار منذ جولة واحدة في الخارج وجاهز للعودة للداخل. علاقاته مع اشكنازي ممتازة. وبالمناسبة التقى اشكنازي في الاسبوع الماضي بدان حالوتس في محادثة شخصية طويلة. كما ان بني غينتس عاد للمنافسة ايضا. ان اصبح مفاز وزيرا للدفاع (الامر الغير مؤكد بالمرة) فستكون الافضلية لغينتس. ولدينا ايضا ايزنكوت وربما غلنت. هذه هي الاسماء.
ليس بعيدا عن مقر وزراة الدفاع جرت في يوم الخميس جلسة لما تبقى من قائمة حزب العمل في الكنيست. ايهود باراك صرح في بداية الجلسة عن التوجه لصفوف المعارضة.
رغم ذلك ليس الجميع مطمئنين. ان سألتم سيلفان شالون مثلا فالعمل هو خيار جدي ومحتمل للحكومة. ان كان حزب كاديما سيتوجه للمعارضة فعلا فما الذي سيفعله حزب العمل في الخارج. ليس بامكان باراك ان يكون رئيسا للمعارضة حتى، وهكذا سيتعفن حزب العمل في الهامش، متحولا الى ميرتس كاديما، في طريقه نحو الزوال. شالوم يتحدث عن خمسة حقائب وزارية بما فيها وزارة الدفاع، المهم ان يأتوا.
في هذه الاثناء هم ليسوا متحمسين كثيرا. "خلال الاسبوعين الاخيرين من الحملة" قالت يولي تامير في جلسة كتلة حزب العمل، "خسرنا اربعة حتى خمسة مقاعد. لو كانت لدينا حملة انتخابية صحيحة وجيدة لما حدث ذلك". باراك اوضح: "لدينا مشاكل اقتصادية، نحن حزب فقير وليس بامكاننا ان نسمح لانفسنا بمستشار كرؤوفين ادلر". وعندئذ تكلم يورام مارتسيانو رحمة الله عليه وقال "لقد كان لدينا شخص مثل ادلر وهو الداد يانيف، الذي هو عبقري سياسي ولو كان معنا لما حدث ذلك". باراك اصغى وصمت. فجأة سمع صوت ازيز الكرسي الذي يجلس عليه شالوم كيتل. كيتل الذي يعتبره البعض في الكتلة مسؤولا عن هذه النتائج الشحيحة (دائما يتهمون المبعوث) لم يسقط رغم انكسار الكرسي الذي يجلس عليه. ولكن ليس هذا حال حزب العمل الان فوضعه معاكس.
اذا ما الذي انتصر في انتخابات الكنيست افيغدور ليبرمان انهى الجدل بصرخة حادة. نتنياهو هو الذي انتصر. نتنياهو هو الذي سيشكل الحكومة. ولكن احد ما اخر قد انتصر واسمه دانيال فريدمان. "الفريدمانية"، كما يقول المؤيدون لسلطة القانون هي التي انتصرت. كل من خاض الصراع ضد فريدمان، من باراك مرورا بزهافا جالئون، تلقى ضربة. ليبرمان حلق عاليا وتكتل اليمين انتصر. فريدمان لم يعرف حتى انه كذلك. لماذا؟ لانه ليس كذلك. من حاول تصويره على انه معاد لسلطة القانون وممثلا لقوى الظلام السوداء فوق الارض، فعل ذلك من تلقاء نفسه. الجمهور لم يقبل هذا الادعاء كما يتضح.
هناك محللون يحثون افيغدور ليبرمان منذ مدة من الزمن على ان يتنازل طواعية وان يعترف بكل شيء وان يدخل نفسه الى السجن من الان. سلفا. ان تحققنا من الامر سنجد ان هؤلاء المحللين قد تصرفوا بصورة مغايرة تماما في قضية مشابهة ومنذ زمن غير بعيد. التفاصيل متشابهة تقريبا: ها هي ملايين الشواكل تمر من دون تبرير منطقي، من حساب متهم بارتكاب جنايات لحساب زوج – زوجة سياسي مرموق. حينئذ كان هذا الشخص جلعاد شارون. الملايين مرت من دافيد افل اليه. ما الذي قاله امنون ابراموفيتش في ذلك الحين؟ ان المحظور علينا ان نمس بشارون. يجب ان يكون محصنا من اي مس "أترج"، لانه يوشك على اخلاء مستوطنات. هذا اهم حتى من سلطة القانون.
وها هو الزمن يمر. نفس الحكاية تتكرر بالضبط. فماذا يقول ابراموفيتش هذا الان؟ نفس الشيء ولكن بصورة معكوسة. هو يقول ان ليبرمان مجرم ومحتال ورجل مافيا، يقضي اغلبية وقته في الخارج وينشغل في امور واعمال ظلامية. اسود من السواد. ايفيت فلتصرح من الان فورا انك تؤيد اخلاء المستوطنات فربما يساعدك ذلك.
اليكم نموذجا اخر. صغير ولكنه كبير من حيث الاهمية. في الثاني من كانون الثاني 2007، اقتحم عشرات المحقيقين سلطة الضرائب في اسرائيل واحتجزوا 22 من كبار المسؤولين فيها، بما في ذلك الرئيس جاكي ماتسا. الصحف تتحدث عن اكبر قضية فساد منذ قيام الدولة. بالله عليكم؟
لقد مر عامان ونيف. حياة الكثيرين من بني البشر دمرت حتى النخاع. المدخرات والتوفيرات ضاعت والمحامون في هذه القضايا يصبحون مثل الجواهر من حيث الاهمية. اين لوائح الاتهام؟ لم تقدم حتى الان. ربما ينتظرون لائحة الاتهام ضد موشيه قصاب. الان هناك حيرة وتردد وما الى ذلك.
اذا فلتنتبهوا: في السادس من تموز 2008 اجرت الحكومة نقاشها الشهير المثير للخلاف حول قضية تشكيل لجنة تقصي حقائق في قضية رامون. قبل ذلك بيوم عمل واحد (!)، نشرت النيابة العامة بيان مدويا حول لوائح الاتهام المتوقعة في قضية سلطة الضرائب الضخمة. البيان تضمن الثناء على "عملية التنصت" الضرورية جدا لعمل سلطة القانون. ان كانت هذه سلطة القانون فالفوضى افضل من ذلك، لانها سلطة قانون مجيرة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق