الاثنين، 2 فبراير 2009

تركيا – والمقاومة الفلسطينية والصراع الاقليمي في المنطقة ... بقلم : سميح خلف

أصبح من الصعب التنبؤ أو الاستقراء عما يدور في منطقة الشرق الأوسط ، خيوط متشابكة صعب فهمها رغم استقلالية البعض منها .

وأريد هنا ان اوضح بروز قوتين اقليميتين احداهما تعتمد على الطاقة الذاتية والتاريخية والدينية وهي ايران وطاقة بدأت تأخذ دور تتمنى أن يكون رئيسي في المنطقة وهي تركيا وتقودها أحلامها التاريخية والدينية المعتدلة .
كل ذلك حدث بعد ان تآلف الجميع على ضرب العراق والنظام العراقي بما يمثله من قوة اقليمية فتية كانت يمكن أن تحدث متغيرات في المنطقة ، فلا أدري هل كانت مراكز الدراسات الامريكية الاستراتيجية تعني ما وصلت له المنطقة من فوضى أتت بقوتين اقليميتين ايران وتريكا التي تربطها معاهدة بحلف الناتو ، وكلاهما دولتين اسلاميتين ، أتى ذلك وبعد أن أصبح الوطن العربي منطقة فراغ وفضاء فارغ بعد أن تهاوت مصر بارتباطاتها وانحيازها لحلف أمريكا ومخططات أمريكا في المنطقة وبالتالي فقد الوطن العربي اي قوة اقليمية يمكن أن تحدث متغير على المنطقة ، أما السعودية وما تحتويه مخازنها من السلاح وبنوكها من الدولار فلن تكون يوماً ما قوة اقليمية مؤثرة لأسباب متعددة ليس بمكان اثارتها هنا .
يأخذ الصراع الاقليمي في المنطقة والذي له عمق دولي أولاً البرنامج النووي الايراني التي انخفضت حدة مواجهته في نهاية عهد الرئيس بوش وفي بداية عهد الرئيس أوباما ونداء كل من الطرفين الايراني والأمريكي إلى الحوار الهادئ بخصوص البرنامج النووي ولذلك أصبحت القضية الفلسطينية هي محور الصراع الاقليمي والدولي في المنطقة ووجود دولة إسرائيل كدولة عدوانية على أرض عربية .
من هنا أتى التحرك التركي ربما لملئ الفراغ الذي أحدثته حرب الخليج بخسارة الوطن العربي للقوة الاقليمية ورائدها صدام حسين وخروج المنطقة العربية من الفكر القومي ،كل ذلك له معطيات على طبيعة الانظمة السياسية القائمة الآن ، ففوز الحزب الاسلامي في تركيا وما يحاط به من قوى علمانية في الجيش يبقى على المدى الاستراتيجي ليس لديه قوة مناورة كبيرة بل استفادت تركيا من أحداث غزة لتدعيم قوى الحزب الاسلامي في تركيا الذي يقوده أردوغان ، ولذلك وقوف تركيا إلى جانب الحق الفلسطيني الانساني له مقومات :-
1- ربما كنت من الكتاب الذين نادى منذ أكثر من عام في أحد المقالات على أن تركيا تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه فلسطين والوطن والعربي ولان تركيا تتحمل المسؤولية في احتلال فلسطين من قبل بريطانيا وتتحمل المسؤولية بشكل أو بأخر عن وجود الكيان الصهيوني ، ولذلك ربما تحرك اردوغان يقوده الضمير التاريخي نحو فلسطين والعرب ومن جهة أخرى تعزيز لمكانة الحزب الاسلامي أمام الشعب التركي والمحيط العربي .
2- وربما من أحد العوامل لتحرك تركيا نحو العرب وفلسطين هو احساسها بأن القوى الحية والممانعة في المنطقة العربية تتلاقى مع إيران على الاقل مرحلياً مما يؤثر على طبيعة المنطقة على المنظور الاستراتيجي .
3- تركيا وفي عهد الأنظمة العلمانية التي لاقت عثرة تلو الاخرى تجاه انضمامها للسوق الاوروبية وشروط أوروبا تجاه تركيا رغم انها حلف في الناتو تحس تركيا أنها دولة اسلامية لا يمكن أن تكون دولة أوروبية في الاحساس الأوروبي وفي التعامل الأوروبي ولذلك اتجاه أردوغان نحو العرب ربما يكون اثبات أن تركيا قادرة على لعب دور في المنطقة يمكن أن يركز الدور الاوروبي أكثر و من ناحية أخرى تحرك تركيا نحو دول الاعتدال تارة ودول التطرف تارة والفصائل أيضا ً ربما يجعل منها قوة دبلوماسية محورية مقبولة من الجميع بعكس ما تواجهه إيران من الأنظمة السنية التي تخاف على أنظمتها ضمن وجود شيعي مكثف في دولها .
صرح أردوغان منذ يومين ولعله يرد على حملة الاتهام والتشويش على حماس وفصائل المقاومة بانتمائها لإيران قائلاً ( أن حماس لا تتبع ايران) لهذا التصريح مؤشر يعكس مدى تحمل تركيا لفهم طبيعة العلاقة بين حماس وايران ومحاولة اخرى لوضع مصداقية حماس أمام الجميع ، و تصريح أخر للخارجية التركية تقول( على حماس ان تختار بين السلاح والسلام ) تصريح أيضاً يرسل تطمينات لأوروبا وأمريكا بطبيعة المساندة التركية لحماس ولقوى المقاومة وربما كان التحرك المصري تجاه تركيا هو عملية خروج من الازمة وما تصفه مصر من الهجمة الشيعية عليها ورغبة النظام المصري اضافة بعض أوراق القوة لدبلوماسيته المرتبطة بمنظور اتفاقية كامب ديفيد ، حيث أصبح الحديث عن الغاء اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل هو جرم وجريمة في نظر الاعلام والدبلوماسية المصرية .
وسريعاً ما اكتشفت تركيا طبيعة الدور المصري الذي يريده أن يبني أمجاداً دبلوماسية على حساب الموقف التركي ولذلك تركيا ابتعدت عن مصر ومصر بحذر ابتعدت عن تركيا .

اجمالا التحرك التركي في المنطقة محكوم بعدة عوامل دولية وارتباطات تركية بتلك العوامل ولن يكون بأي حال من أحوال له دور أكثر مما اتخذ وما تخذه أردوغان في مؤتمر دافوس من مواجهة محدودة من الارهابي بيريز وكل ما يطرح على الصعيد السياسي من جانب تركيا لا يبعد كثيراً عن ما تطرحه دور الاعتدال ولن يصبح على المستوى الاستراتيجي عاملاً مهماً وانحيازاً كاملاً للحق الفلسطيني في فلسطين بل هي معالجات لأطروحات سياسية ومبادرات سياسية عربية ودولية تصب في خانة انهاء القضية الفلسطينية والاستغناء عن أصوليتها .

تبقى ايران وعدم ارتباطها بأي احلاف اجنبية هي العمود الفقري التي تتطلع المقاومة الفلسطينية له لتحقيق أمانيها وتحقيق برنامجها النضالي والسياسي بالحد الأدنى من خلال حل مرحلي لا تنازلي باقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس وليس انهاءاً للصراع من خلال هدنة يتفق عليها الطرفان .

ولذلك تبقى ايران ومن خلال دبلوماسيتها السابقة وتصريحاتها العسكرية المتعددة هي القادرة على مقارعة أمريكا في المنطقة للوصول إلى حالة التقاسم في النفوذ واعطاء تعديلات على اتفاقيات سايكس بيكو السابقة كل ذلك يأتي من خلال ما فقده الوطن العربي من قوى اقليمية كانت تلعب ويمكن أن تلعب دورا مهماً في صياغة معادلة المنطقة بداية من ثورة يوليو وفقدان الامة لجمال عبد الناصر ونهاية بفقدان الأمة لصدام حسين ، زعماء كانوا قادرين على ملئ الفراغ والمبادرة وحماية الارض وحماية المنظور الاستراتيجي والأمني للأمة العربية ، وتبقى تركيا لا تمتلك أوراق لاعب رئيسي في المنطقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق