السبت، 28 فبراير 2009

العائلات وحدها هي التي تكترث..يديعوت >>>> بقلم : ناحوم بيرنيع

...........
الحكومة الضيقة هي مصيبة، يحذروننا من اليوم التالي للانتخابات: هذه امور تافهة. الائتلاف الذي يقوم على 65 عضو كنيست ليس ضيقا وهو قريب جدا من الرقم الامثل: 67 عضوا. بعد هذا الرقم يمكن لاعضاء الائتلاف ان يخونوا الحكومة. حكومة رابين الثانية التي قامت في عام 1992 حتى اغتياله في 95 اعتبرت من اكثر الحكومات فعالية وعطاءا خلال تاريخ الدولة. كان في ائتلافها 62 عضوا.
نتنياهو ليس بحاجة الى 28 عضو كنيست من كاديما حتى يحقق الاغلبية في الكنيست. هو بحاجة لهم لاربعة اسباب: الحصول على الشرعية من العالم، وتخفيف الارتياب نحوه من قبل ما يسمى "النخب القديمة" – المحاكم، المؤسسات الاكاديمية، وسائل الاعلام، وحتى يموضع نفسه في وسط الحكومة وليس في طرفها اليساري واخيرا حتى يخلص نفسه من صرعات ليبرمان ومن ضغوط الاحزاب الاصولية.
روبي ريبلين عاد لتكرار تذمره في هذا الاسبوع من انهم يقومون بنزع شرعية حكومة اليمين مرة اخرى. الرجل المهم الوحيد الذي ينزع الشرعية عن حكومة اليمين هو بنيامين نتنياهو. مثل ميري بوبينس هو بحاجة لملعقة السكر المسماة كاديما حتى يبتلع حبة الدواء.
دولاب ضخم
من المفترض ان تعلم تسيبي لفني نتنياهو اليوم نهائيا عن انها لن تنضم هي وحزبها للحكومة. نتنياهو على قناعة ان رفضها ليس ايديولوجيا وانما نابعا من الجبروت: ان تلفظ فقط بكلمة "تناوب" ستقفز بسرعة فوق عربة الحكومة كائنة ما كانت خطوطها البرنامجية الاساسية.
مطلب لفني بان تصرح الحكومة القادمة عن انها ستجري المفاوضات الهادفة الى اقامة دولة فلسطينية بلا اساس في نظره. الفلسطينيون ليسوا ناضجون الان لتسوية شاملة ولا الاسرائيليين ايضا. السيناتور جو ليبرمان الذي زار البلاد في هذا الاسبوع والتقى مع لفني ومع سلام فياض كرر له تقديرات فياض. هو سمع من هذه التقديرات لهجة مشابهة لما قاله: دعكم من التسوية الشاملة وهيا بنا نتحدث عن الاقتصاد والحواجز والترتيبات على الارض.
ان لم تكن هناك فرصة للتسوية فما الذي يضير نتنياهو ان قال انه مع الدولتين؟ هو يخشى مما سيقوله جناحه اليميني، بني بيغن وريبلين وغيرهم، وهو يخشى من الاحزاب الاخرى في الجناح اليميني. لفني لن تحقق تسوية مع الفلسطينيين، ولكنها ستدق اسفينا في معسكر اليمين في الوقت الحالي.
هناك قدر غير قليل من المنطق في افتراضي نتنياهو: التناوب قد يقنع لفني بالدخول، واحتمالية التوصل الى تسوية شاملة مع الفلسطينيين صغيرة حتى معدومة. ما يرفض نتيناهو قبوله هو القول بان لفني سياسة من طراز اخر. في هذه المرحلة من مسيرتها السياسية هي ليست مهتمة كثيرا بالسلطان والجاه فهي في الخمسين من عمرها فقط. بالامكان السلطان ان ينتظرها. ان لم يتيحوا لها التاثير فعليا على السياسة فستتوجه للمعارضة.
شارون اعتاد القول بان السياسة هي دولاب ضخم تكون فيه في الاعلى احيانا وتعود للاسفل في احيان اخرى، ولكنك تبقى على الدولاب دائما. بيرس يفكر بنفس الطريقة "فلتكافحي من الداخل" قال للفني. وركز على كلمة "من الداخل".
شارون كان لينضم لحكومة نتنياهو خلال يوم ومثله بيرس والاغلبية الحاسمة من كاديما ان لم نقل كلهم. الامر المثير الذي حدث في كاديما منذ الانتخابات هو ان احدا لم يتجرأ على التمرد على لفني رغم المعارضة لتحركاتها. ولا حتى شاؤول موفاز الوحيد الذي كان ليرتقي بمنصبه للاعلى في منصب وزير الدفاع لو ان لفني وافقت على الانضمام.
قسم منهم يخشون تحديد رأيهم، والقسم الاخر في حيرة والثالث في خوف من ان تنساه لفني ان دخلت حزب كاديما للحكومة. صمتهم يشير الى قوة الانجاز الشخصي الذي حققته لفني في حملتها الانتخابية. هم يدينون لها بعضويتهم في الكنيست.
هل سيعطي التوجه نحو المعارضة للفني رئاسة الحكومة؟ ليس بالتاكيد. احد قادة كاديما قال لي ان الحزب قد استنفد في هذه الانتخابات كل ما يمكنه ان يجلبه من اليسار. بعض الناخبين توقفوا في محطة كاديما مؤقتا وفي المستقبل سيعودون للعمل او لميرتس. الجلوس في المعارضة سيدفع لفني وكاديما لليسار حيث لا يوجد مستقبل هناك.
لفني تقول: ان دخلنا للحكومة سنخسر اصوات اليسار وكذلك اصوات اليمين. سنصبح لا شيء. اختباري ليس في اليسار او في اليمين وانما في المصداقية. وعدت الناخبين بشيء ما وانا لا استطيع ان اخونهم.
على اية حال، نتنياهو حسب رأيها غارق عميقا في الخطاب اليميني حيث لا يوجد شيء يمكن الحديث عنه. من لا يستطيع ان يقول عبارة "دولتين لشعبين" لا يمكنه ان يكون شريكا.
الجدل شرعي. ولكن هناك تعليل واحد فيه يجدر رفضه مباشرة: التذرع بان الحسم مع ايران يقترب ولذلك من المحظور التفريط به بيد حكومة يمينية ضيقة. من فرض موعد انفراط الحكومة الحالية كان ايهود باراك. وهو كان يعرف عن المسالة الايرانية حينئذ. ومن يطرحها اليوم ربما بالكاد يشبه ذلك الفتى الذي قتل والديه ومن ثم صرخ انقذوني انا يتيم.
ابتسامة الصياد
رئيس القسم السياسي – الامني في وزارة الدفاع عاموس جلعاد اصيب بالحيرة وكبى واعتذر خطيا من رئيس الوزراء الذي سارع للصفح عنه. مثل هذه الكبوات تحدث في الجهاز الحكومي في احيان متقاربة: ظاهرة طبيعية جدا في الجهاز الذي فقد فيه كبار مسؤوليه ما تبقى من كرامتهم امام المسؤولين عنهم. المكتبان الحكوميان اللذان وصلت فيهما هذه الظاهرة الى ابعاد وبائية هما المالية والدفاع.
ما اوصل هذه النكتة الى العناوين الرئيسية كان سلوك جلعاد والوزير المسؤول عنه ايهود باراك. في يوم الاربعاء الماضي عقد اولمرت وباراك وجلعاد لقاءا متوترا بينهم. اولمرت انتظر اعتذارا علنيا – وهذه مسالة طبيعية في مثل هذه الحالة. هذا الاعتذار لم ياتي. اولمرت خاض خصومات كثيرة بلا داعي في حياته ولكنه كان محقا مائة بالمائة في هذه المرة.
ان بامكان باراك ان يحل المشكلة بدقيقة واحدة مطالب جلعاد بان يكتب رسالة وتوجيه ملاحظة له. سألت باراك لماذا يحجم عن القيام بذلك. ان كنت افسر رده بصورة صحيحة فهو اعتقد ان جلعاد قد اخطأ في الطريقة ولكنه كان محقا في الجوهر. وسارع لاصدار بيان حاد ضد اولمرت فرد هذا الاخير عليه كما كان متوقعا برد مضاد.
هذه الخطوة كانت مصابة بقصر النظر مثل خطوات كثيرة اقدم عليها باراك خلال هذه الفترة من عمله. باراك اعتقد انه يلطخ وجه اولمرت، ولكنه لطخ وجه الجميع في الواقع. هذه الجلبة اعتبرت من قبل الجمهور حربا انانية ذاتية على حساب دم جندي اسرائيلي مخطوف.
جلعاد هو اشقر ابيض شعره، ولكن طبعه بقي اشقرا. هو حلل بنجاح نقاط ضعف كل قادة العالم العربي ولكنه لم يتمكن من ادراك نقاط ضعفه الذاتية.
ايما ويليامز هي بريطانية جميلة وطبيبة من حيث التخصص، وزوجة بيتر غيلمور الدبلوماسي الذي يعمل في خدمة الامم المتحدة الذي كان نائبا لـ تريا لارسن مبعوث الامم المتحدة للشرق الاوسط. عائلة غليمور قدمت الى هنا خلال انتفاضة 2000. هم سكنوا في منزل في جبل المكبر بجانب مقر الامم المتحدة قبالة مشهد البلدة القديمة الجميل. وليامز دونت مشاعرها في كتاب صدر في بريطانيا في عام 2006 تحت اسم "الوصول الى نهاية العالم اسهل من الوصول الى نهاية الشارع". هذا الكتاب ينتقد اسرائيل بكلمات قاسية.
هي تقول انها تعرفت على عاموس جلعاد في حفل في تل ابيب. مونا يول زوجة لارسن وسفيرة النرويج عرفتها عليه. "وكان مؤدبا وهادئا" كتبت في كتابها. "هو حدثني عن قلق الجيش الاسرائيلي على مصير طيارات في سلاح الجو خشية ان يسقطن في الاسر. انت لا تريدين ان تعرفي ما الذي يفعلونه بالنساء اللواتي يلقون القبض عليهن، وانا لا انوي ان احدثك عن ذلك، قال لي. ولكن هؤلاء الفتيات يرغبن باصرار في ان يصبحن طيارات ونحن دولة ديمقراطية واحيانا ديمقراطية جدا. قالها وهو يضحك".
هما اتفقا على الالتقاء. هي وصلت الى مقر وزارة الدفاع في تل ابيب. جلعاد كما كتبت احاطها بالاهتمام والتزلف وقامت مجندات في الزي العسكري بتقديم القهوة وهو حدثها عن عرفات. وليامز سجلت كل كلمة قالها.
"احد اخطائنا الكبرى كان اننا لم نفهم عرفات" قال جلعاد. "هذا لا يسهم في صورة اليهود كعباقرة". خلال تلك المحادثة اكثر جلعاد من التطرق للمحرقة. عرفات، كما قال يذكر اسرائيليين كثيرين من خلال قسوته بالنازيين.
جلعاد انتقل من عرفات الى معاملة النساء في المجتمع العربي. "انت تعرفين ان النساء بالنسبة لهم هن اقل مرتبة من الحمير او الكلاب". قال. "عربي يبلغ من العمر 75 عاما جاء الي وطلب علاجا للخصوبة – كانت لديه زوجة تبلغ من العمر 25 عاما؟ بامكانك ان تشتري امرأة في مجتمعهم. هل تذكرين العملية الانتحارية في حاجز ايرز؟ كانت لتلك المرأة علاقة غرامية مع المسؤول عنها. عائلتها لم تترك امامها مفرا: اما ان تموت في عملية، او ان تقتل".
جلعاد حدثها عن العمليات الانتحارية واجمل بالقول: "الفلسطينيون فشلوا لاننا لا نقوم باعمال انتقامية ولا نقوم بالتنكيل ولا نغتصب. الروس امروا جنودهم في عام 1945 باغتصاب النساء الالمانيات. نحن لسنا كذلك. نحن حتى لا نقوم بالتعذيب: هذا مخالف للقانون. انت لا تدركين مدى الكراهية. هل تعرفين عدد العمال الفلسطينيين الذين خانوا ارباب عملهم الاسرائيلييين وقتلوهم. الكراهية تاتي من التحريض والتحريض فظيع. في عام 2000 كان بامكان عرفات ان يحصل على اخلاء كل المستوطنات ، ولكنه رغب بالحل النهائي فقط".
عندما انتهت المقابلة مدت ويليامز يدها حتى تصافح جلعاد. "هو امسك بي وشدني اليه لتقبيلي" كتبت.
"عندما غادرت وبينما كنت اسير في الديوان وعيون المجندات موجهة الى ظهري شعرت بدرجة معينة انني امرأة قد تم شراؤها. سألت ان كنا سنلتقي مرة اخرى. هو قال انه يأمل ذلك. عندئذ امسك بي. ابتسامته عندما شدني اليه كانت ابتسامة الصياد، نفس الابتسامة في كل مكان: ليس هناك ضرر من المحاولة هذا ما قالته ابتسامته".
ذلك اللقاء تسبب بهياج كبير في نفسها وعادت للقدس مع ثقب في اطارها. بعد فترة من الزمن حدثت جلعاد عن الكتاب وعن الجزب المتعلق به فيه. هو تذكر ذلك اللقاء بصورة ايجابية. "كان لقاءا هاما جدا". قال. هو ابتسم ابتسامة خفيفة. لم اعرف ان كانت ابتسامته ابتسامة الصياد ام ابتسامة الطريدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق