50 الفا عادوا خلال 3 سنوات اثر تدهور الوضع الامني في اسرائيل
روسيا الجديدة تسترجع يهودها من ارض الميعاد..!
وتعزو أوساط يهودية في موسكو تزايد عودة "الإسرائيليين" إلى روسيا، إلى تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد، وتدهور الوضع الأمني في إسرائيل. وبحسب تقديرات هذه الأوساط، فإن 99 في المئة من "الإسرائيليين" الذين يعيشون في روسيا هم من الذين فضلوا العودة إليها على البقاء في إسرائيل.
وتؤكد مصادر روسية رسمية أن الأرقام التي تعلنها الأوساط الإسرائيلية حول أعداد اليهود العائدين قليلة جداً بالمقارنة مع الأرقام الحقيقية، والسبب أن "ليس كل اليهود الراغبين في العودة إلى وطنهم الأصلي يخضعون لإجراءات الهجرة المعاكسة الرسمية، وكثيرون منهم يحصلون على تأشيرات عادية ويعودون إلى روسيا ولا يغادرونها بعد ذلك"، كما يقول مصدر في دائرة الإحصاء.
هذا التطور دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى وضع مسألة الهجرة اليهودية على لائحة الأولويات في كل زيارة رسمية إلى موسكو. ومنذ 2006، بدأت المؤسسات اليهودية الناشطة في روسيا، إقامة فعاليات ونشاطات دورية لجذب اهتمام اليهود الروس إلى "الوطن التاريخي". ويصعب تقدير أعداد اليهود المقيمين حالياً في روسيا، لأن دائرة الإحصاء شطبت دين المواطن وطائفته عن اللوائح، على عكس ما كان يحصل في السابق. إلاّ أن أوساطاً مختلفة تقدر أعداد اليهود المقيمين حالياً في روسيا بين 500 إلى 700 ألف نسمة.
ومنذ مطلع العام الماضي، بدأت المعابد اليهودية في موسكو تنظيم لقاءات خاصة لليهود العائدين، تستهدف قبولهم الروحي لفكرة أزمات أرض الميعاد، وتكيّفهم مع الحياة فى روسيا من جديد.
ومن أسباب تنامي ظاهرة الهجرة المعاكسة لليهود العجز عن التكيف مع الوسط الجديد. ويقول سيرغي الذي قضى 15 عاماً في إسرائيل عاد بعدها إلى روسيا: "لم أتحمل فكرة البقاء هناك. نحن نختلف عنهم. هم يهود ونحن روس. لقد نشأتُ في مدينة فارونج مع أقراني من المسيحيين الروس والمسلمين من مواطني اوزبكستان واذربيجان، ولم أتعود أن أفرق بينهم، وتعلمتُ منذ طفولتي أن الدين أو القومية ليسا مبرراً للتفريق بين الناس".
ويوضح سيرغي جانباً من الصعوبات التي تعترض العائدين: "عندما وصلت إلى إسرائيل، اكتشفت أن هذا المفهوم غير موجود، بل مرفوض تماماً. وبعد انفتاح روسيا، رحتُ ألتقي أثناء العطل التي أزور فيها موسكو، مع أصدقائي القدامى ونستعيد الذكريات. وهو ما شجعني على العودة. لقد طلقت زوجتي لكي أذهب لإسرائيل، والآن أعيش مع ابنتي، ولن أعود إلى إسرائيل".
واختصرت ماي، وهي مهاجرة من روسيا، رحلتها التي كانت حافلة بالكثير، ثم عودتها إلى روسيا لتقضي فيها ما تبقى من حياتها، بقولها: "أخيراً عدتُ. طوال فترة إقامتي في إسرائيل كانت روحي مشدودة إلى روسيا، ولكنني لست نادمة على المدة التي قضيتها هناك. تعلمت الكثير خلالها، والأهم أنني تعلمت كيف أواجه الصعاب، وأتغلب على التحديات". هكذا اختصرت ماي رحلتها، بعد سنوات قضتها.
ولدى أوليغ خايت (43 سنة)، وهو مدرس لغات، أسباب أخرى للعودة. فقد كتب في أحد مواقع الإنترنت الروسية يقول: "كنت أحلم بالأمن والاستقرار والحياة الكريمة، وهاجرت إلى إسرائيل لهذا السبب في 1990، ولكني حققت حلمي عندما عدت إلى روسيا بعد هجرتي الطويلة. كانت عودتنا إلى الوطن قراراً اتخذه كل فرد من أفراد أسرتي. ولم أفرضه عليهم". ويضيف أن إسرائيل بلد جميل، "ولكننا هناك نتحول إلى مواطنين خارج التركيبة القائمة. لذا، عدنا على رغم وقوع أعمال إرهابية هنا تودي بحياة العشرات من المواطنين الروس".
لعلّ أوليغ يعبّر عن أبرز أسباب تنامي ظاهرة العودة، فقد كتب الأكاديمي الإسرائيلي في الجامعة العبرية، ميخائيل فيليبوف، مقالاً اعتبر فيه أن إسرائيل بلد ضيق جداً بالنسبة إلى المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق، "وهناك جيلان لا يرغبان في تقديم تنازلات للمهاجرين الجدد". غير أن فيليبوف يختلف مع الرأي القائل ان العائدين إلى أوطانهم الأصلية "ليسوا مقتنعين بالفكرة الصهيونية"، فهو يرى أن غالبيتهم الساحقة خدمت في الجيش وقدمت الواجب المطلوب منها لوطنها، "لكنهم، في المقابل، لم يحظوا بفرصة العيش الكريم، ولم يبلغوا المستوى الاجتماعي الذي كانوا يطمحون إليه، لأن الإسرائيليين الأصليين يضيقون عليهم الخناق".
اللافت أن الدوائر الإسرائيلية الرسمية تشير إلى أن نحو 48 في المئة من المهاجرين عكسياً من إسرائيل هم من "الروس". وبالمناسبة، تطلق تسمية الروس في إسرائيل على الناطقين بالروسية بصرف النظر عن كونهم مواطنين أصلاً في روسيا أو غيرها من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق.
أكاديمي آخر من جامعة حيفا، هو أرنون صوفر، يعارض نظرية فيليبوف بقوة، إذ يشير إلى أن الهجرة المعاكسة لليهود الروس لا تشكل ظاهرة تستحق التوقف عندها. ويوضح أنه ينبغي النظر إلى حركة الهجرة بمفهومها الاجتماعي الطبيعي، أي كجزء من عمليات الانتقال الطبيعي لمجموعات من السكان بفعل ظروف مختلفة، من منطقة إلى أخرى.
وبهذا الفهم، يلفت أرنون إلى أن تعداد اليهود الروس الذين غادروا إسرائيل بلغ نحو 100 ألف مهاجر، أي ما نسبته 10 في المئة من مجموع اليهود الروس. وهذا رقم، برأيه، "ليس كبيراً" إذا ما أُخذ في الاعتبار أن 50 في المئة من اليهود من أصل أميركي لا يقيمون بشكل دائم في إسرائيل.
وتؤيد أوساط قريبة من اليهود في روسيا التحليل الذي قدمه أرنون، إذ يرى هؤلاء أنه لا يمكن تجاهل أن كثيرين من العائدين من إسرائيل نجحوا في إقامة مشاريع تجارية مثمرة، وهم الآن يتنقلون بين "الوطنين" ويجدون في كل منهما ما يغطي النقص الموجود في الآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق