الجمعة، 6 فبراير 2009

لا تعدموها يا اصحاب السيادة .... د: ابراهيم حمامي

أصحاب السيادة
لم يكن مفاجأة على الاطلاق اعلان مراسلة الجزيرة على سفينة الاخوة اللبنانية سلام خضر أن الاعتراض والقرصنة والعربدة على السفينة تم في المياه الاقليمية المصرية، وليست مفاجأة أيضاً أن يلتزم النظام المصري المشارك في قتل مليون ونصف فلسطيني، أن يلتزم الصمت ولا ينبس ببنت شفة.

أصحاب نظرية تكسير الأيدي والأرجل بحجة الأمن القومي المصري والسيادة المصرية، لا يتذكرون هذا الأمن إلا للاستقواء على أهلنا في غزة، ويغيب هذا الأمن عند "ضرب الحبيب اللي زي الزبيب"، الأمن القومي والسيادة على معبر رفح مثلاً لا يتحقق إلا بوجود جندي صغير للاحتلال في معبر كرم أبو سالم يأمر النظام المصري فيرضخ إما بفتح أو اغلاق المعبر، والأمن القومي المصري والسيادة المصرية تغيب تماماً إذا كان المعبر دون هذا الجندي الاحتلالي!

يقول أحد الكتاب المصريين، وأضع تحت "المصريين" مائة خط، للحساسية المفرطة غير المبررة لكثير من المصريين عند الحديث عن نظام هم أول ضحاياه، يقول حول نظرية الأمن القومي المصري والسيادة المصرية، أو الفزاعة التي تطلق في وجه أبناء شعبنا في قطاع غزة:
من علامات السيادة الوطنية
عندما قام أهل غزة بتجاوز الأسوار التي بناها العدو الإسرائيلي، مقتحمين ما يسمى بخط الحدود، لدخول مصر طلباً للأكل والدواء والوقود. وحدث ما حدث من اشتباكات لا تزيد في شيء عما يحدث في أي مظاهرة في داخل مصر. عندما حدث ذلك خرجت علينا أصوات تتباكى على السيادة، والكرامة الوطنية. وزايد عليهم البعض في المطالبة بنفض أيدينا من قضية فلسطين، ومن القضايا العربية جملة. وأكبر دعواهم أن هذا يغضب أمريكا وأحلافها. وكل قولهم مردود من وجوه عدة. ولكن يتضح ما يقصدونه بالكرامة الوطنية وقدسية الحدود، عندما نتساءل عن مواقف هذه الأصوات في أحداث سابقة ولاحقة. عرضت بعضاً منها من الذاكرة بغير بحث. ولا شك عندي أنني إذا بحثت عن مثلها فلن أعدم أضعافها..

يا دعاة السيادة والكرامة والاستقلال. يا من صفقتم لوزير تكسير الأرجل، في ادعائه الحرص على أمن مصر وكرامتها وقدسية حدوها.
1- هل من علامات السيادة أن يبلغ عدد القتلى المصريين 58 مصري، قتلوا على أرض مصر بأيدي إسرائيلية؟

وكان آخرهم بعد أيام من تصريح الوزير المذكور. كما لو كان رداً على هذا التصريح. أو إثباتاً لأن هذا التصريح لا يعنيهم ولا يقصدهم. وأنهم فوق هذا الكلام.

2- هل من مظاهر الكرامة الوطنية أن يقتل مواطن مصري برصاص سفينة أمريكية في المياه الإقليمية المصرية. فلا نسمع صوتاً لدعاة قدسية الحدود، ومدعي السيادة؟

3- هل من مظاهر السيادة أن نبيع ثرواتنا الوطنية من الغاز الطبيعي للكيان الإسرائيلي لأعوام قد تزيد عن مخزون الاحتياطي المصري بأسعار دون السعر العالمي؟ وأن نلتزم بتوريد حصة الاتفاق ولو كانت مصر تعاني من شح الغاز المتوفر لديها؟ العقد يمتد لخمسة عشر عاماً، في حين يقدر الخبراء أن عمر الاحتياطي المتوفر بـ7 إلى 10 سنوات. (فهمي هويدي)

4- هل من مظاهر الكرامة الوطنية أن يقام على أرض مصر “المحرّرة” نصباً لذكرى جنود العدو الذين هلكوا أثناء الاعتداء على مصر في عام 1967.

5- هل من مظاهر الحفاظ على قدسية الحدود أن يسمح لعدو الإسرائيلي بالدخول إلى أرض مصر وقت يشاء دون رقيب أو حسيب (في طابا)، للسياحة أو الدعارة أو الاتجار في البشر؟

أم أن كرامة مصر لا تكون إلا بمنع الأخ الشقيق في غزة أن يدخل إلى رفح لشراء دواء أو طعام؟ حفاظاً على أمن العدو الإسرائيلي.

6- هل من حسن فهم الكرامة الوطنية أن يقول مسؤول في الحكومة رداً على سؤال “لماذا لم نسحب سفيرنا في تل أبيب؟” فيقول العالم بمعنى الكرامة “وماذا نفعل إذاً إذا قامت “إسرائيل” بقصف مصر؟”
ولم يرد عليه أحد..
ويبقى السؤال…
ماذا ستفعل مصر إذا قام الإسرائيلي بالاعتداء عليها؟
وقتل المواطنين ليس اعتداءً كما هو واضح لديهم. " انتهى الاقتباس"
لا تعدموها
نقل المراسلون أنباء من العريش المصرية ومعبر رفح أن بعض البضائع المكدسة هناك من المساعدات "العاجلة" المقدمة لضحايا العدوان الثلاثي قد يتم اعدامها اما لفسادها أو لانتهاء مدة صلاحيتها، بعد أن منعت السلطات المصرية الرسمية هذه البضائع من العبور لمستحقيها مع سبق الاصرار والترصد، وهو أيضاً أمرُ غير مستغرب في ظل المشاركة الرسمية المصرية في الحصار والعدوان على قطاع غزة، والتي كان آخر مظاهره اقفال المعبر رسمياً يوم أمس.

رغم الجريمة النكراء والتي تصل حد جرائم الحرب في القانون الدولي، بمنع اغاثة ضحايا العدوان والحرب، ومنع وصول المساعدات لهم، واقفال الحدود في وجوههم، إلا أنه وفي ظل الاحتياجات المسة لأبناء الشعب المصري في ظل النظام الحالي، فإن توجيه هذه المعونات للشعب المصري بدل اعدامها هو مطلب فلسطيني، لأننا نعتبر أنفسنا والشعب المصري أولاً أشقاء لا فصام بينهم، وثانياً تحت احتلال واحد يحتل شبه جزيرة سيناء بحسب تعريف حسام زكي الناطق باسم خارجية ابو الغيط يوم 19/12/2008، وثالثاً لأن الوضع المعيشي في مصر هو أسوأ منه في غزة رغم الحصار والدمار.

صحيح أم مصر الرسمية لم تطلق رصاصة واحدة منذ 35 عاماً، وصحيح أنها تخلت طوعاً عن دورها الريادي في المنطقة، وصحيح أنها رهنت القرار الوطني بمساعدات مشروطة، وصحيح أنها اليوم تقف كتفاً بكتف مع الاحتلال وعدوانه، إلا أن ذلك لم يُحسّن الوضع المعيشي للشعب المصري، الذي حاولوا اقناعه بأن كل مشاطله السابقة كانت بسبب فلسطيني والدفاع عن فلسطين، ولنراجع ما كتبه ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور المصرية – مرة أخرى مائة خط تحت كلمة "المصرية"، تحت عنوان "خيار الجاهلية":

هيه كده إما أن نكون دولة كبيرة نتصرف بما يمليه علينا المكان والمكانة، الجغرافيا والتاريخ، وإما أن نصغر ونتعامل باعتبارنا دولة محدودة الإمكانات وفارغة الهمة وملهاش دعوة!!

سهلة قوي تقول لي ياسلام نعمل فيها دولة كبيرة ونفتح صدرنا وبعدين ناخد علي دماغنا، كفاية ما ضحت به مصر من أجل العرب وفلسطين، فالعرب يريدون الحرب حتي آخر جندي مصري!

طبعا أنت معذور في تكرار هذا الكلام الفارغ فأنت تسمعه منذ نعومة أظافرك ومن كثرة ما تردد أمامك تصورت أنه حقيقي والحاصل أنه:
1.مصر حاربت ضد إسرائيل منذ 1948وحتي 1973، أي خمسة وعشرون عامًا فقط بينما حالة اللاحرب ثم السلام مستمرة منذ 35عاما، فالمؤكد أننا لم نطلق رصاصة واحدة من أجل فلسطين أكثر من ثلث قرن، بل وعلي مدي أكثر من نصف عمر الكيان الإسرائيلي!!

2.إننا حاربنا إسرائيل ليس من أجل عيون فلسطين بل من أجل مصر، فإسرائيل تهديد لمصر وحرب عليها وعدوان ضدها، وإسرائيل هي التي اعتدت علي مصر في 1956واحتلت سيناء ثم انسحبت ثم اعتدت علي مصر في 1967 واحتلت سيناء ولم نكن قد أطلقنا رصاصة عليها، والحرب الوحيدة التي خاضتها مصر كطرف أول وبادئ هي التي انتصرت فيها وهي حرب أكتوبر وأرجو ألا ننسي أننا كأكبر جيش في الوطن العربي خسرنا نصف فلسطين في 48 وخسرنا نصفها الثاني في 67، يعني نحن الذين أضعنا فلسطين وليست فلسطين التي أضاعت نفسها، فلم يكن فيها جيش ولا دولة بل كانت محتلة من الإنجليز في 48، ثم مصر والأردن كانتا تسيطران علي غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية في 67.

3.أنه في أي بلد في الدنيا حدوده هي أمنه القومي وأي خطر علي الحدود هو بمثابة التهديد الجاثم علي حاضره ومستقبله والتي تملك مفاعلاً نوويًا علي حدودنا هي إسرائيل والتي تضع خريطتها حتي الآن علي حوائط الكنيست من النيل للفرات هي إسرائيل، ومن أعجب الأمور أننا نسالمها ونسلم عليها وخريطتها تضع مصر ضمن حدود إسرائيل الكبري بينما نغضب من اسم قاتل السادات علي شارع في طهران فنقطع علاقتنا بها منذ 28عامًا!!

ثم إن أي اضطراب أمني أو قلاقل عسكرية بالقرب من حدود مصر هي خطر ماثل وداهم عليها (الحرب في دارفور وجنوب السودان بل القرصنة في الصومال وما يحدث في غزة كلها شأن مصري صميم وليس موضوعًا خارجًا عن اهتمامنا أو لا يشغل بالنا

4.قطع لسان اللي عايز مصر تحارب، تحارب إيه وإزاي، مصر المريضة بفيروس سي والسرطان ومياه الشرب الملوثة والـ 18% بطالة، ومصر التي تقف في طوابير العيش من أجل رغيف مدعم والـ 22 في المائة من عائلاتها تصرف عليها نساء (المرأة المعيلة)، ومصر التي تقف في اليوم مائة وقفة احتجاجية من أجل كادر المعلمين وكادر الأطباء وفلوس التأمينات والمعاشات، وعلاوة الـ 30% ومنحة عيد العمال ومصر المدينة بالمليارات من الدولارات، ومصر التي لا تزرع قمحها ولا تملك في مخازنها قمحًا يكفيها ستة أشهر، ومصر التي يهاجر أبناؤها ويموتون غرقًا من أجل فرصة عمل في أوروبا، ومصر التي تبيع كليتها لتعيش، ومصر التي تسرق الكلي لتبيعها للأمراء العرب، ومصر التي يموت 63 ألف مواطن فيها سنويا في حوادث الطرق. "انتهى الاقتباس"

نعم سيسعد ويبتهج كل فلسطيني إن ذهبت المعونات التي ينوون اعدامها بعد مؤامرة حجزها في العريش، ان ذهبت لشعبنا الحبيب في مصر العظيمة، هذا الشعب البطل الذي رفض ويرفض كل محاولات النظام هناك للتطبيع مع الاحتلال، ولفصل مصر عن قضايا الأمة، الشعب الذي كان وما زال الداعم الأول لقضية فلسطين.

أما لأولئك الذين يثورون ويحتجون ان تحدث أحدنا عن أوضاع مصر ونظامها، لأولئك نقول، أفيقوا من غيبوبة الوطنية الزائفة للوطنية الحقيقية، و"سيبوكم" من الحساسية المفرطة غير المبررة والتي لا معنى لها إلا عصبية مقيتة، ان من يتاجر بتضحيات ودماء المصريين هو من يتنكر لها، من يبيع ويشتري شعب مصر العظيم هو من أوصله إلى ما هو فيه، نحن نفرق ونعي تماماً أن النظام غير الشعب، فكفاكم شعارات ومزاودات، واعلموا أن عين الشمس لا تغطى بغربال، وأن الحق أحق أن يتبع، وكل التحية والاكبار لشعب مصر الحر الأبي.

لا نامت أعين الحبناء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق