الأحد، 1 فبراير 2009
هناك عنوان في غزة -هآرتس ....بقلم: تسفي بارئيل
هارتس
(المضمون: يتوجب على اسرائيل ان تتفاوض مع حماس وان تتعاون مع مصر في الوصول الى حكومة وحدة وطنية فلسطينية - المصدر).
"حماس مسؤولة عن كل ما يحدث في غزة"، طالعتنا وزيرة الخارجية تسيبي لفني، حماس مسؤولة عن المس بالمدنيين، قال وزير الدفاع ايهود باراك واردف انها المسؤولة ايضا عن سلامة جلعاد شليت. حماس ليست "مسؤولة" فقط بل الشريك المركزي في المباحثات التي تجري في مصر حول استمرار وقف اطلاق النار وفتح المعابر. هي التي ستحدد الشروط لمحادثات المصالحة مع السلطة الفلسطينية وهي الموجودة في بؤرة "التركيز" الاوروبي وتدارس امكانية تغيير سياسة اوروبا اتجاهها، تركيا تقترح على حماس التحول الى جسم سياسي لا يحمل السلاح، وحماس ذاتها تقترح على الرئيس الامريكي براك اوباما التفاوض معه.
بإمكان التاريخ ان يغتبط كما يبدو للوهلة الاولى. فهذا التاريخ كما نذكر قد لقن هذا الدرس تقريبا لكل قائد واجه حركات عنيفة. جيش التحرير الايرلندي في ايرلندا كان تنظيما ارهابيا، الى ان تحول الى شريك ومفاوض، وفي العراق عقدت الادارة الامريكية تحالفا مع من اعتبروا ارهابيين لفرض النظام بل وايدت ضمهم الى الجيش العراقي الجديد، وفي افغانستان يوقع ضباط جيش كبار على اتفاقيات مع رؤساء القبائل الذين تصرفوا كمنظمات ارهابية، لان الحكومة المركزية لا تمتلك قوة ولا صلاحيات في مناطق الضواحي النائية. جزء من التنظيمات الارهابية الاسلامية في مصر اعلن توبته وحظي بالعناق من النظام، والسلطة الفلسطينية شريكة اسرائيل في العملية السياسية كانت في السابق تعتبر تنظيما ارهابيا يتوجب القضاء عليه.
ولكن من الافضل للتاريخ ان لا يغتبط بهذه السرعة. فالسياسيون على ثقة ان بمقدورهم اعادة خلقه من جديد. هكذا هو الحال في غزة ايضا جيش بكامله مع مدافعه وطائراته يستطيع خوض الصراع ضد حماس وكأنها جيش نظامي، من الممكن تحديد بنك اهداف مدنية من حوله ومحاولة ضرب قيادته ومقاطعة كل سياسي او دولة تسعى لعقد العلاقات السياسية معه، وتحميله مسؤولية رسمية عن مليون ونصف مواطن وفي نفس الوقت مواصلة اعتباره تنظيما ارهابيا وكأنه مجرد خلية متسللة تضع العبوات الناسفة او خلية من الانتحاريين.
لهذه الازدواجية ايضا ذرائعها السياسية. فهذه هي الطريقة المريحة للفصل بين غزة والضفة والابتعاد عن اية عملية سياسية. فكيف من الممكن التوقع على اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية وفي نفس الوقت الاعتراف بانها ليست المسؤولة عن ازالة التهديدات الامنية؟ اي معنى سيكون عموما للاتفاق المعقود مع السلطة في الوقت الذي تمثل فيه 60 في المائة فقط من الفلسطينيين؟ هل كانت اسرائيل مثلا لتوقع على اتفاق مع حكومة لبنان من دون تعهد بنزع سلاح حزب الله او على الاقل تحويله الى جزء من الجيش اللبناني؟
إسرائيل لم تستوعب بعد ما ادركته مصر منذ زمن. رغم الكراهية – المتبادلة كما يجب ان نقول – السائدة بينها وبين حماس، الى ان القاهرة تعكف منذ اشهر طويلة على التوصل الى مصالحة بين حماس وفتح. المبادرة المصرية التي تسببت بوقف اطلاق النار، تنص في بند اساسي على وجوب اجراء مباحثات مصالحة وهذه ستبدأ من هذا الشهر في القاهرة. هدفها اقامة حكومة فلسطينية موحدة حتى تكون عنوانا مسؤولا حقيقيا ومنع وضع يتوجب فيه تارة التحدث مع غزة واخرى التحدث مع رام الله، مرة مع فتح واخرى مع الجهاد الاسلامي. لمصر اسبابها الخاصة للقيام بمثل هذا التحرك: هي لا تريد ان تكون مسؤولة عن الوضع في غزة وتخشى من سياسة الفصل بين غزة والضفة التي تسعى اسرائيل اليها.
ولكن هذه ايضا مصلحة اسرائيلية صارخة. الحكم الفلسطيني الموحد هو عنوان حتى وان لم يكن مستعدا لعقد السلام مع اسرائيل، فسيرغب وسيكون بامكانه ان يدير وضع اللاحرب الدائم الذي يمكن للحياة المدنية ان تتدفق في اطاره بصورة منظمة، على الاقل حتى تنضج الظروف السياسية في المناطق وفي اسرائيل وفي الولايات المتحدة استعدادا للخطوة القادمة. لن تحدث اية مصيبة ان صرحت اسرائيل بانها ستكون جاهزة للتعاون مع اية حكومة فلسطينية ستكون حماس طبعا شريكة فيها. لن يتضرر اي خيار عسكري او سياسي من ذلك، ويبدو ايضا ان مكانة اسرائيل الاعتبارية ستبقى سليمة. ولن نكشف سرا ان قلنا ان التاريخ قد شهد حالات كهذه وايضا كانت بينها حالات ناجحة.
(المضمون: يتوجب على اسرائيل ان تتفاوض مع حماس وان تتعاون مع مصر في الوصول الى حكومة وحدة وطنية فلسطينية - المصدر).
"حماس مسؤولة عن كل ما يحدث في غزة"، طالعتنا وزيرة الخارجية تسيبي لفني، حماس مسؤولة عن المس بالمدنيين، قال وزير الدفاع ايهود باراك واردف انها المسؤولة ايضا عن سلامة جلعاد شليت. حماس ليست "مسؤولة" فقط بل الشريك المركزي في المباحثات التي تجري في مصر حول استمرار وقف اطلاق النار وفتح المعابر. هي التي ستحدد الشروط لمحادثات المصالحة مع السلطة الفلسطينية وهي الموجودة في بؤرة "التركيز" الاوروبي وتدارس امكانية تغيير سياسة اوروبا اتجاهها، تركيا تقترح على حماس التحول الى جسم سياسي لا يحمل السلاح، وحماس ذاتها تقترح على الرئيس الامريكي براك اوباما التفاوض معه.
بإمكان التاريخ ان يغتبط كما يبدو للوهلة الاولى. فهذا التاريخ كما نذكر قد لقن هذا الدرس تقريبا لكل قائد واجه حركات عنيفة. جيش التحرير الايرلندي في ايرلندا كان تنظيما ارهابيا، الى ان تحول الى شريك ومفاوض، وفي العراق عقدت الادارة الامريكية تحالفا مع من اعتبروا ارهابيين لفرض النظام بل وايدت ضمهم الى الجيش العراقي الجديد، وفي افغانستان يوقع ضباط جيش كبار على اتفاقيات مع رؤساء القبائل الذين تصرفوا كمنظمات ارهابية، لان الحكومة المركزية لا تمتلك قوة ولا صلاحيات في مناطق الضواحي النائية. جزء من التنظيمات الارهابية الاسلامية في مصر اعلن توبته وحظي بالعناق من النظام، والسلطة الفلسطينية شريكة اسرائيل في العملية السياسية كانت في السابق تعتبر تنظيما ارهابيا يتوجب القضاء عليه.
ولكن من الافضل للتاريخ ان لا يغتبط بهذه السرعة. فالسياسيون على ثقة ان بمقدورهم اعادة خلقه من جديد. هكذا هو الحال في غزة ايضا جيش بكامله مع مدافعه وطائراته يستطيع خوض الصراع ضد حماس وكأنها جيش نظامي، من الممكن تحديد بنك اهداف مدنية من حوله ومحاولة ضرب قيادته ومقاطعة كل سياسي او دولة تسعى لعقد العلاقات السياسية معه، وتحميله مسؤولية رسمية عن مليون ونصف مواطن وفي نفس الوقت مواصلة اعتباره تنظيما ارهابيا وكأنه مجرد خلية متسللة تضع العبوات الناسفة او خلية من الانتحاريين.
لهذه الازدواجية ايضا ذرائعها السياسية. فهذه هي الطريقة المريحة للفصل بين غزة والضفة والابتعاد عن اية عملية سياسية. فكيف من الممكن التوقع على اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية وفي نفس الوقت الاعتراف بانها ليست المسؤولة عن ازالة التهديدات الامنية؟ اي معنى سيكون عموما للاتفاق المعقود مع السلطة في الوقت الذي تمثل فيه 60 في المائة فقط من الفلسطينيين؟ هل كانت اسرائيل مثلا لتوقع على اتفاق مع حكومة لبنان من دون تعهد بنزع سلاح حزب الله او على الاقل تحويله الى جزء من الجيش اللبناني؟
إسرائيل لم تستوعب بعد ما ادركته مصر منذ زمن. رغم الكراهية – المتبادلة كما يجب ان نقول – السائدة بينها وبين حماس، الى ان القاهرة تعكف منذ اشهر طويلة على التوصل الى مصالحة بين حماس وفتح. المبادرة المصرية التي تسببت بوقف اطلاق النار، تنص في بند اساسي على وجوب اجراء مباحثات مصالحة وهذه ستبدأ من هذا الشهر في القاهرة. هدفها اقامة حكومة فلسطينية موحدة حتى تكون عنوانا مسؤولا حقيقيا ومنع وضع يتوجب فيه تارة التحدث مع غزة واخرى التحدث مع رام الله، مرة مع فتح واخرى مع الجهاد الاسلامي. لمصر اسبابها الخاصة للقيام بمثل هذا التحرك: هي لا تريد ان تكون مسؤولة عن الوضع في غزة وتخشى من سياسة الفصل بين غزة والضفة التي تسعى اسرائيل اليها.
ولكن هذه ايضا مصلحة اسرائيلية صارخة. الحكم الفلسطيني الموحد هو عنوان حتى وان لم يكن مستعدا لعقد السلام مع اسرائيل، فسيرغب وسيكون بامكانه ان يدير وضع اللاحرب الدائم الذي يمكن للحياة المدنية ان تتدفق في اطاره بصورة منظمة، على الاقل حتى تنضج الظروف السياسية في المناطق وفي اسرائيل وفي الولايات المتحدة استعدادا للخطوة القادمة. لن تحدث اية مصيبة ان صرحت اسرائيل بانها ستكون جاهزة للتعاون مع اية حكومة فلسطينية ستكون حماس طبعا شريكة فيها. لن يتضرر اي خيار عسكري او سياسي من ذلك، ويبدو ايضا ان مكانة اسرائيل الاعتبارية ستبقى سليمة. ولن نكشف سرا ان قلنا ان التاريخ قد شهد حالات كهذه وايضا كانت بينها حالات ناجحة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق